فاجأت وزيرة بريطانية الرأي العام الإنكليزي والعالمي باستقالة درامية من الحكومة، إثر رفض سلطات لندن اتخاذ إجراءات أكثر صرامة تجاه عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والذى أودى بحياة أكثر من 1800 فلسطينيّ.
يأتي هذا فيما اعتبر وزير الخزانة البريطاني جورج أوزبورن الاستقالة "مخيبة للآمال و غير الضرورية، لاسيّما في ضوء وقف إطلاق النار بين الطرفين المتصارعين، لمدة 72 ساعة".
وصنّفت الوزير المستقيل ليزي وارسي، التي لقبتها صحيفة "الإندبندبنت" البريطانية بـ"الليدي"، سياسة بلادها تجاه غزّة على أنّها "مُراوِغَة، وغير قابلة للدفاع عنها أخلاقيًا"، معتبرة أنَّ "الحكومة تحتاج إلى المزيد من الجرأة في خطابها".
ووجّهت وارسي، التي شغلت منصب وزيرة دولة في الخارجية، انتقادات بالغة الحدة لأوزبورن، مبيّنة أنّه "صديق جيد للحكومة الإسرائيليّة، لذا كان عليه أن يكون أكثر صراحة في مواجهتها بأنَّ ما تفعله ليس في مصلحتها، وأنَّ سلوكها هذا قد يكون أكثر أفعال التي ارتكبتها الدولة العبرية خلال الأعوام القليلة الماضية إضرارًا بالنفس".
وأضافت "كان على أوزبورن أن يقول للإسرائيليين أنهم ليسوا في حاجة إلى قتل المدنيين الأبرياء، وتهجير ربع سكان القطاع، وقصف المدارس والمستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه لتحقيق غاياتهم".
وأوضحت "لو فعل جورج هذا لوافقته ولما كان من الضروري أن أقدم استقالتي".
وحازت استقالة وارسي، التي يبدو أنها فاجأت الحكومة، ثناء حزبي "الديمقراطيين الأحرار" و"العمال"، ولكنها واجهت آراءً متباينة من نواب حزب المحافظين.
وكشفت وارسي أنَّ "وزيرًا واحدًا جادلها في مسألة استقالتها خلال اجتماع مسائي، بينما كان آخر غارق في دموعه تحت وطأة ما رأوه، ونتيجة شعوره بحقيقة أنَّ بلاده لم تفعل شيئًا حيال ما يحدث في فلسطين".
وأردفت "دون تحديد أشخاص، يمكنني القول أنَّ هناك بعض أعضاء الحزب قلقون مما حدث، كما أنَّ هناك قلقًا على المستوى الوزراي، هناك مخاوف واضحة بين بعض أعضاء الحزب بشأن هذة المسألة، وآمل أنه إذا كان هناك بعض خير في الأناس الذين يشعرون، أن يرفعوا أصواتهم بحقيقة ما في نفوسهم، حتى تأخذ الحكومة مطالبنا على محمل الجد".
وردّ رئيس الوزراء ديفيد كاميرون على خطاب استقالة وراسي، مبرزًا أنَّ "الوضع في غزة لا يطاق، وأنَّ حكومته كانت دائمًا واضحة، وحريصة على عقد اتفاق غير مشروط لوقف إطلاق النار بين الطرفين".
ودعت وراسي حكومة بلادها إلى "الحظر الفوري لصادرات السلاح لإسرائيل"، مشيرة إلى أنّه "يتم بالفعل مراجعة تراخيص تصدير الأسلحة إلى هناك".
من جهته، رفع حزب "الديموقراطيين الأحرار" من ضغوطه على كاميرون بشأن الموقف من غزة، مطالباً إياه بتعليق تصدر الأسلحة لإسرائيل.
وأكّد رئيس الحزب نيك كليغ أنّه "يتّفق مع موقف وارسي بأنّ هناك أسئلة جادة عن مسألة التراخيص"، فيما كشف زميله في الحزب فينيس كيبل، الذي يشغل وزارة الأعمال في الحكومة وهي الجهة المسؤولة عن إدارة التراخيص، "لقد طرحنا هذه القضية على الحكومة، ولكننا غير قادرين حتى الآن على التوصل لاتفاق في هذا الشأن"، وأضاف "أتمنى وأتوقع أن يتغير هذا الوضع قريبًا".
أرسل تعليقك