مكان الانفجار الذي وقع في الضاحية الجنوبية لبيروت
بيروت ـ جورج شاهين
هزّ انفجار ضخم منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل "حزب الله" اللبناني، نجم عن سيارة مفخخة، مما أسفر عن سقوط عدد من القتلى وإصابة 37 شخصًا بجروح، فيما اعتقل سكان المنطقة شخصًا كان يحمل جهاز التفجير ومعه ثلاثة آخرين، وسلموهم إلى عناصر من "حزب الله"، في حين دان
رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي وزعيم "تيار المستقبل" الحريري الانفجار.
وفرضت القوى الأمنية والقوى المكلفة بحماية المقرات الحزبية في المنطقة، طوقًا أمنيًا في مكان الانفجار، وأغلقت كل المداخل المؤدية له، في حين منعت الصحافة من دخول المكان، حيث يجري تجميع الصحافيين في مكان واحد، فيما شدد "حزب الله" من الإجراءات الأمنية في المنطقة، التي اندلع فيها حريق هائل غطى مساحة واسعة.
وقد سارعت وحدات الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي إلى منطقة الانفجار، واعتمدت خطة أمنية محكمة لحمايتها من إمكان تفجير سيارة أخرى للغدر بالمواطنين، وسارعت سيارات الإطفاء إلى إخماد الحرائق، فيما قام الصليب الأحمر بنقل الجرحى بعدما قام مواطنون بنقل جرحاهم فور وقوع الانفجار وسط حالة من القلق والرعب، وبعد الانفجار تفقد علي المقداد مستشفى بهمن لتفقّد الجرحى، تزامنًا مع رشقات نارية ومفرقعات نارية في باب التبانة، حيث الأكثرية السنية ابتهاجًا بانفجار الضاحية.
وذكرت مصادر إعلامية، أن الانفجار وقع في مجمع السيدة زينب في حي معوض في منطقة بئر العبد في الضاحية الجنوبية لبيروت، وأدى إلى وقوع أضرار جسيمة في الممتلكات، وأظهرت صور تلفزيونية تصاعد أعمدة الدخان الأسود من مكان الانفجار، في حين شوهدت سيارات الإطفاء في المنطقة، بحسب اللقطات التي بثها تلفزيون "المنار"، كما شوهدت العديد من السيارات وهي تحترق.
وأكدت مصادر أمنية، لـ"العرب اليوم"، أن 37 جريحًا سقطوا جراء الانفجار الذي وقع في موقف للسيارات قرب ساحة صلاح غندور خلف مركز التعاون الإسلامي، بجانب محطة دياب، وأنه لا معلومات عن ضحايا، مشيرة إلى وجود أضرار مادية بشكل لافت، ، وأن سيارات إسعاف تتوافد على المنطقة.
وأضافت المصادر نفسها، أن الانفجار تسبب في حرائق كبيرة امتدت من سيارة الى أخرى، حتى بلغت الحرائق أكثر من 21 سيارة مدنية احترقت كليًا، وأُصيبت نحو 20 سيارة أخرى بأضرار مختلفة، وكذلك تضررت عشرات الشقق السكنية في المنطقة بأضرار بالغة، وتطاير زجاج المنازل والواجهات فغطى شوارع المنطقة، فيما اعتقل سكان المنطقة فور وقوع الانفجار من يُعتقد أنه كان يحمل جهاز التفجير ومعه ثلاثة أشخاص آخرين وسلموهم إلى عناصر من "حزب الله"، حضروا في سيارتين بزجاج داكن، ونقلوهم إلى جهة مجهولة بعد ضربهم ضربًا مبرحًا.
وقال الأمين العام للصليب الأحمر اللبناني جورج كتانة، في حديث تلفزيوني، "إنه لا ضحايا حتى الآن في انفجار بئر العبد، وأن هناك 34 جريحًا في مستشفى بهمن، و3 آخرين في مستشفى الساحل، وأن جميع الاصابات طفيفة وغير خطرة لا يدعو معظمها للقلق، ولا سيما أن معظم الجرحى أُصيبوا إما في منازلهم أو في موقع قريب في مركز التعاون الإسلامي للتسوق الذي كان يشهد زحمة خانقة، باعتبار موعد الانفجار عشية بدء أول أيام شهر رمضان، وهو مركز تجاري ضخم يرتاده آلاف المواطنين يوميًا نظرًا إلى أسعاره المقبولة من فئات كبيرة من المواطنين.
ودان رئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي الانفجار، وقال عبر "تويتر"، "مرة جديدة تعبث يد الغدر بأمن لبنان واللبنانيين، مستهدفة هذه المرة منطقة لبنانية عزيزة، مما يعيد إلى الأذهان حقبات سوداء من تاريخ لبنان، وهذا الانفجار إن دل على شيء فعلى أن يد الحقد والإجرام تمضي في مخطط تفجير الأوضاع في لبنان، ولا تميز بين منطقة وأخرى، مما يحتم على اللبنانيين الإسراع في اللقاء من أجل الخروج من المأزق السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد، ويتطلب التعالي عن كل الصغائر من أجل الوصول إلى تفاهم يضمن خروج لبنان من الأزمة التي يعيشها، عبر تضافر الجهود والإمعان في التنازلات من أجل الوطن".
وعلّق زعيم "تيار المستقبل" سعد الحريري على الانفجار، فقال "لا يمكن لأي لبناني، إزاء المشهد الإجرامي المروع الذي شهدته الضاحية الجنوبية من بيروت، إلاّ أن يعبّر عن مشاعر السخط والإدانة للجريمة التي استهدفت أحد أكثر الأحياء المكتظة بالسكان، ويدعو إلى أعلى درجات الوعي واليقظة في مواجهة المخاطر التي تحيط بنا وبكل المنطقة، ولا سيما في مواجهة محاولات العدو الإسرائيلي للدفع نحو الفتنة، عبر تنظيم العمليات الإرهابية كما حدث الثلاثاء، وإذا كان هذا المشهد يعيدنا بالذاكرة إلى مشاهد مماثلة اوقعت القتل والخراب في العاصمة، لا سيما في العديد من المناطق اللبنانية، فإن التفجير المجرم الجديد في الضاحية يحملنا على التنبيه إلى وجوب العودة إلى التوافق الوطني على تحييد لبنان عن الصراعات الخارجية، وتفادي الانزلاق في حروب لن يكون مردودها على لبنان سوى المزيد من الانقسام، ووضع الاستقرار الوطني في دائرة الخطر الدائم، وتعريضه لمؤامرات العدو الاسرائيلي".
وأضاف الحريري، "إنني إذ استنكر بأشد العبارات التفجير الإرهابي وما خلفه من ضحايا أبرياء في صفوف المدنيين، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ على الجرحى بالسلامة والعافية، وأتوجه إلى السلطات الأمنية والقضائية المختصة مشددًا على الحزم في إجراء التحقيقات للكشف عن المجرمين، من دون أن يعفي ذلك القيادات السياسية من مسؤولية التصدي للمشكلات الحقيقية التي تقف وراء تردي الأوضاع، وتتسبب في الخروقات الأمنية المتنقلة".
وتفقد موقع الانفجار النائب علي عمار، واعتبر أن "بصمات إسرائيل واضحة لاستهداف منطقة تغص بمناصري (حزب الله)"، فيما قال النائب عن "التيار الوطني الحر" حكمت ديب، "إن هذا الانفجار رسالة لضرب الاستقرار في لبنان، وضرب المقاومة، والعدو واحد وإن اختلفت الوسائل والأدوات".
يُشار إلى أن التوتر في لبنان تزايد على خلفية تورط "حزب الله" في الأحداث الجارية في سورية، وأن انفجار الثلاثاء في موقف للسيارات في منطقة بئر العبد في وسط الضاحية الجنوبية التي يسيطر على كامل مفاصلها وشوارعها "حزب الله"، وتتوزع فيها معظم مراكزه القيادية والحزبية، يشكل اول إنذار دموي للحزب منذ تورطه في أحداث سورية، حيث تعرض لسلسلة من التحذيرات والتهديدات.
أرسل تعليقك