تحتفل روسيا بـ"عيد النصر" على النازية بمذاق مختلف هذا العام، على خلفية المواجهة الكبرى مع الغرب والذكرى الـ70 للنصر في الحرب العالمية الثانية، حيث غدت مناسبة مهمة لحشد كل الإمكانات ولاستحضار التاريخ والجغرافيا وخرائط المستقبل المأمول في معركة اليوم.
ولم يعد الاحتفال يقتصر على استعراض العضلات العسكرية في الساحة الحمراء، حيث برزت لائحة طويلة من التحركات التي ترفع العبارة "الخالدة" للرئيس فلاديمير بوتين "من يحلم بالتفوق على روسيا واهم" التي لخصت مغزى العرض العسكري في الساحة الحمراء بمشاركة 15 ألف شخص يمثلون قطعات الجيش الروسي.
وشاركت في الاحتفال وحدات من الهند والصين ومنغوليا وتركمانستان وكازاخستان وأرمينيا وصربيا وقرغيزستان وبيلاروسيا وأذربيجان في مسعى لتأكيد "استحالة عزل روسيا" على وقع مقاطعة الغرب للاحتفال.
وتشارك في العرض أرتال من دبابات "تي 90 "، ومدرعات "تيغر"، ونسخة متطورة من منظومة "كورنيت" المضادة للدبابات، وصواريخ "بانتسير- إس1"، و"إس- 400" و "إسكندر- إم" المعروفة جيدًا في الشرق الأوسط لأنها كانت سببا في سجالات كثيرة، وصواريخ "توبول" الإستراتيجية التي عرضت سابقا.
والمفاجأة أن جديد الجيش الروسي في هذا العرض لن يكون في مجال "الذراع الصاروخية الطويلة" التي كثر الكلام عنها، إذ تعرض روسيا للمرة الأولى دبابة "أرماتا" التي توصف بأنها أحدث جيل من الدبابات الروسية، ومجموعة من السيارات والآليات بينها أول "روبوت" روسي يتوقع أن ينزل إلى الخدمة الميدانية بعد عامين.
وفي الجو تشارك 143 مقاتلة وطائرة خفيفة في استعراض لقدرات الطائرة الاعتراضية "ميغ- 31"، ومقاتلات "سوخوي" من طرزها المختلفة، مع عملاقي الطيران "رسلان" و"توبوليف" وطائرات الشحن من طرز "اليوشين" ومروحيات "مي" بطرزها المختلفة.
ولا يقتصر العيد السبعين للنصر على النازية، على العروض المهيبة، خصوصًا أنَّه يتزامن مع تحركات "غير مسبوقة" لروسيا في إطار مواجهة "التهديدات الجديدة".
وفي مقابل "وقاحة" التحركات الأميركية في أوروبا بحسب وصف مسؤول عسكري بارز، كرست موسكو مناسبة النصر في الحرب العالمية للإعلان عن إدخال "تعديلات أساسية على إستراتيجية البلاد في مجال الأمن القومي" وقال سكرتير مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف إنَّ التحول سببه ظهور تحديات عسكرية وأمنية جديدة، موضحًا أن المقصود: "الربيع العربي" والأوضاع في أوكرانيا وما حولها.
ويتزامن الاحتفال مع استعراض لعضلات "افتراضية" من خلال "غزو" أميركا في عرض الكتروني ضوئي لدبابات روسية تقتحم البيت الأبيض، على وقع تعليق مفاده: رفض الرئيس باراك أوباما حضور عرض الساحة الحمراء فجاءت الدبابات الروسية إليه.
واللافت أنَّ العمل الذي حمل اسم "الدبابات المهذبة"، في تذكير بظاهرة "الجنود اللطفاء" التي أطلقت على مجموعات تحركت للسيطرة على منشآت في شبه جزيرة القرم قبل إعلان ضمها إلى روسيا العام الماضي.
وأنكرت روسيا إرسال جنود إلى الإقليم؛ لكن الجنود "المجهولين" حصلوا على تكريم خاص في إطار احتفالات عيد النصر، إذ أعلنت وزارة الدفاع عن إقامة نصب تذكاري في مدينة بيلوغورسك لتكريم "الأبطال الذين ساعدوا سلميا في عودة شبه جزيرة القرم إلى روسيا".
كما حصل صاحب الانجاز التاريخي على تكريم يليق به، إذ ظهر الرئيس الروسي في منحوتة صنعت بتمثال نصفي من البرونز في مسقط رأسه مدينة سان بطرسبورغ، على شكل إمبراطور روماني، وأكد النحات بافل غريشنيكوف، أنه استوحى الفكرة من مقاربة أن موسكو هي روما الثالثة وبوتين هو رمز إحياء الإمبراطور الروسي بطرس الأكبر.
أما "ألطف" تجليات الاحتفال بالنصر، فهي ظاهرة "ذئاب الليل" وهم "حماة الوطن" من المتعصبين القوميين الذين أرادوا "اقتحام أوروبا" على الدراجات النارية، لإفهام الغرب أنه يحاصر حاليًا "صانعة النصر على النازية"؛ لكن "المؤامرة الكبرى" ومحاولات "تطويق روسيا" منعت "الذئاب" من الوصول إلى برلين، عشية ذكرى النصر، بعدما رفضت سلطات ألمانيا دخولهم، وقال احدهم إن القرار لا يهزم قناعة بأن "الخرائط تتغير كما نشاء".
أرسل تعليقك