كشفت محكمة عراقية متخصصة بملفات التطرف، عن توقيف خلية خطيرة تابعة لتنظيم "داعش" يشغل أعضاؤها مفرزة خيطية لنقل وركن عجلات مفخخة تنطلق من قضاء الرطبة على الحدود العراقية السورية وتصل بغداد سالكة طريقين مختلفين عبر محافظتي النجف وكربلاء.
وتحدث قضاة المحكمة عن رشاوى تدفع لتسريع وصول العجلات إلى أهدافها وهي في الغالب مراكز تسوق مكتظة بالمواطنين بواقع 300$ لكل سيطرة أمنية، وأشاروا إلى أن التفجير يحصل نتيجة اتصال يجريه قيادي كبير في "داعش" على هاتف نقال مثبت في العجلة.
وأقر المتهمون في اعترافاتهم المصدقة قضائيا بتخليهم عن السيارات القديمة لأنها تثير الريبة والشك، مؤكدين أن عمليات التفخيخ تتم بواسطة مخلفات القوات الأمنية المنسحبة من الموصل ومناطق أخرى غرب البلاد منتصف العام الماضي،.
وأكد قاضي محكمة تحقيق الرصافة الأولى عمر خليل، أن "عملنا طوال المدة الماضية أسفر عن الوصول إلى العديد من المسؤولين عن عمليات تفجير ضمن قاطع الرصافة وادي جهد قضائي نوعي بالتنسيق مع مكتب الاستخبارات ومكافحة الإرهاب جنوب الرصافة التابع لوزارة الداخلية بحسب خليل إلى " ضبط مجموعة خطيرة تابعة لتنظيم داعش، وتشكل هذه المجموعة مفرزة يطلق عليها الاتصال والتوصيل والركن / مرتبطة إداريا بما يسمى ولاية بغداد".
وأضاف خليل: " نجحنا في إلقاء القبض على 22 متهما إلا أن هناك أوامر قبض صدرت بحق آخرين وصل عددهم إلى نحو 35 مطلوبا مازالوا هاربين حتى الآن على أن تنفذ القوات الأمنية المذكرات جميعها، وهناك قسم من المطلوبين تشير المعلومات الاستخباراتية إلى تواجدهم خارج العاصمة بغداد".
وأوضح أن "الوصول إلى المتهمين حصل تباعا من خلال الاعتماد على الوسائل التقنية الحديثة"، مبينا أن "إلقاء القبض على احد المتهمين أوصلنا إلى الآخرين بنحو متعاقب"، مشددا على أن "جميعهم اعترفوا بجرائم كثيرة ارتكبت أوقعت المئات من الشهداء والجرحى، والأقوال صدقت قضائيا وأجري فيما بعد كشف الدلالة لأماكن الحوادث".
وعدَّ هذا الملف كبيرا وأن المحكمة قد وصلت مراحل متقدمة في انجازه وبحسب الاعترافات فإن مفارز المتطرفين باشرت أعمالها في نهاية حزيران/ يونيو الماضي، وأن أعضاءها مسؤولون عن أغلب عمليات التفجير السيارات المركونة في العاصمة بغداد منتصف 2015.
وأقر المتهمون بتورطهم في تفجير عجلات في أماكن متفرقة وأهمها معارض الحبيبية ومنطقة بغداد الجديدة والأمين وعلوة جميلة وواحدة تم تفجيرها في قضاء الزبير التابع لمحافظة البصرة، ويعلق القاضي خليل أن الوصول إلى المتهمين انطلق نهاية شهر آب/ أغسطس حينها تم إلقاء القبض على أول عنصرين في المجموعة.
وزاد خليل: "شهدنا تراجعا ملحوظا في عمليات تفجير السيارات عن بعد في قاطع الرصافقة عقب إلقاء القبض على هذه المفرزة، وفي هذا الإطارت نجد أن تنظيم داعش لجأ في الآونة الأخيرة إلى استهداف المدن لاسيما الأسواق بواسطة الانتحاريين".
وأردف: "إضافة إلى العجلات التي تم تفجيرها فقد ضبطت نحو 8 عجلات أخرى بحوزة المتهمين وجميعها ملغمة ومهيأة للتفجير" .
ويشرح نائب المدعي العام في المحكمة القاضي خليل توفيق، هيكلية المفرزة بالقول: "إنها تعتمد التنظيم الخيطي حيث لا يعرف قسم من المنتمين لها زملاءهم الآخرين وليس لديهم مسؤول في بغداد بل يرتبطون بأمير في ولاية نينوى"، موضحًا أن المتطرفين يعتمدون على منتسبين يتولون مهمة توريد خطوط الهاتف النقال لأجل انجاز عمليات التفجير عن بعد في عمليات التلغيم وعلى ما قاله المتهمون في إفادتهم تم جميعها في قضاء الرطبة في محافظة الأنبار على الحدود العراقية السورية، ومن ثم تمر العجلة من الفلوجة الرمادي وتجتاز جسر بزيبز، وبعد ذلك يمر السائق إلى بغداد أما من منطقة عين تمر في محافظة كربلاء أو الحيدرية التابعة لمحافظة النجف".
وكشف عن "رشاوى تدفع من قبل المتطرفين إلى مفارز الأمنية المنتشرة على طريق لتسهيل عبور العجلات وصولا إلى العاصمة"، مشيرا إلى أن "مبالغ هذه الرشوة للعجلة الواحدة بنحو 500$ بنحو 300$ لكل مفرزة تفتيش بحجة تسريع عملية استكمال الفحوصات الأمنية"، ورأى أن " ذلك يؤكد ما يذهب إليه البعض من أن الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة".
أما بخصوص العجلات التي تستخدم في التفخيخ أجاب توفيق أن "المفرزة تخلت عن فكرة الاعتماد على السيارات القديمة حتى لا تكون عرضه للاشتباه من قبل القوات الأمنية"، مضيفًا أن "السيارات المضبوطة هي من الطراز الحديث وقد تم شراؤها بمكاتبات رسمية لكن وفقا لمستمسكات شخصية مزورة".
وزاد توفيق أن "أثمان العجلات على الرغم من ارتفاعها فإن التنظيم يعمل على تغطيتها من خلال مصادر تمويل خاصة التي وبحسب ما توصلنا إليه عوائد المواد المخدرة المرسلة إلى محافظة الوسط والجنوب"، موضحا أن المواد المستخدمة للتفخيخ اغلبها من مخلفات أسلحة ومعدات القوات الأمنية المنسحبة من نينوى وبقية المدن التي احتلها تنظيم "داعش" في منتصف العام الماضي .
وينوه توفيق إلى وسائل احترافية في التفخيخ وهي وضع المتفجرات بكثرة على (الشاصي) كي يمنع التعرف على السيارة وعائديتها بعد انفجارها، قائلًا: "لم نجد أثرًا لبقايا السيارة التي انفجرت وسط علوة جميلة (شرق بغداد ) في شهر آب الماضي مخلفة نحو 200 بين قتيل وجريح".
وبعد اكتمال التحقيق سيحال المتهمون على محكمة الجنايات وفق القانون ومكافحة الإرهاب وسيواجهون في حال إدانتهم أحكاما شديدة تصل إلى الإعدام شنقا حتى الموت.
أرسل تعليقك