ازدادت العراقيل أمام إنجاز التسوية التي طرحها زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري على دعم خيار رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية من أجل إنهاء الشاغر الرئاسي، بعدما أكدت الأحزاب المسيحية الثلاثة "التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون، و"القوات اللبنانية" برئاسة سمير جعجع و"الكتائب" برئاسة النائب سامي الجميل إما رفضها لخيار فرنجية أو تحفظها على التسوية، مع تلويح مصادر قياداتها بإمكان الاتجاه نحو قيام تحالف مسيحي ضد هذه التسوية في حال الإصرار على خيار فرنجية.
وكان تيار المستقبل في وقت سابق يراهن على أن يساعد "حزب الله" في إقناع عون بالموافقة على التسوية باعتبار أن وصول فرنجية للرئاسة مكسب له كقطب من أقطاب تحالف "8 آذار"، نقل زوار العماد عون عن أجوائه معلومات تفيد بأنه تبلغ من وفد قيادي من الحزب زاره ليل الجمعة باسم أمينه العام حسن نصر الله أن "حزب الله" لن يتخلى عن عون وهو مستمر بدعمه للرئاسة.
ونقلت "الحياة" عن مصادر أن الحزب غير مرتاح إلى الاتفاق الذي جرى بين الحريري وفرنجية بعد مراجعة الموقف، رغم أن المعلومات أشارت إلى أن رئيس المردة قام باتصالاته مع زعيم المستقبل بعدما وضع قيادة الحزب في أجواء اللقاءات التمهيدية تحضيرًا للقاء بينهما فشجعته عليها.
وفسرت مصادر مؤيدة لخيار عون للرئاسة موقف الحزب هذا بالقول إنه طالما قدم الحريري تنازلًا بالقبول بمرشح "8 آذار" للرئاسة هو فرنجية، فإن الانتظار بعض الوقت قد يفضي به إلى تقديم تنازل جديد هو القبول بعون، خصوصًا أن التطورات الإقليمية ليست في مصلحة فريق "14 آذار".
وفي وقت اعتبرت أوساط سياسية أن انطلاقة الحوار السعودي الإيراني في فيينا سهلت الإقبال على التسوية الرئاسية في لبنان، فإن مصادر تيار عون و"8 آذار" تشير إلى أنه مع انعكاس هذا الحوار إيجابيًا على الداخل اللبناني، فإنه لا يعني أن الدولتين تسميان الرئيس العتيد بل إن التوازنات الداخلية هي التي ترجح الاسم.
وعكس رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل رفض البحث بتأييد فرنجية بقوله: "إننا نريد رئيسًا كبيرًا وكلما كبر، كان أحسن ولن نقبل للبنان إلا رئيسًا قويًا وعلينا أن نصمد".
وأوضح زوار عون أنه تلقى تطمينًا من الرئيس السوري بشار الأسد بأن دمشق ما زالت على دعمها له، طالما هو مستمر في ترشيح نفسه للرئاسة، وقالت مصادر مقربة منه في تفسير ذلك رغم صداقة الأسد مع فرنجية، إن القيادة السورية غير مرتاحة إلى دعم السعودية للأخير للرئاسة، في وقت تخوض الرياض معركة لتنحية الأسد.
وفي المقابل، نقلت مصادر اطلعت على نتائج المشاورات التي يجريها البطريرك الماروني بشارة الراعي عن النائب الجميل قوله للراعي "إنه في وقت لا يستطيع بشار الأسد أن يكرس حكمه لسورية فكيف نقبل نحن بأن يحكم في لبنان؟".
وفي سياق التوقعات عن إمكان قلب التحالفات بسبب التسوية التي يطرحها الحريري ورئيس "اللقاء النيابي الديمقراطي" وليد جنبلاط على خيار فرنجية للرئاسة، قالت مصادر قيادية في "القوات اللبنانية"، إن جعجع سيضطر إذا كان هناك من حظوظ لفرنجية، لأن يؤيد ترشيح العماد عون في وجه فرنجية لأنه ليس في وارد القبول بالأخير.
وينتظر بأن يلتقي جعجع البطريرك الراعي لإبلاغه رفضه التسوية المطروحة، بعدما كان أبلغه إيّاها في اتصال هاتفي، ونفت مصادر "القوات" أن يكون جعجع زار البطريرك ليل الخميس الماضي سرًا لهذا الغرض.
وأدى الموقف المسيحي هذا إلى تأخير إعلان الحريري دعمه لخيار فرنجية، وقالت مصادر المستقبل إن زعيمه كان ينوي الحضور إلى بيروت الأسبوع المقبل لإعلان دعمه ترشيح فرنجية، في حال نضوج التسوية على توليه الرئاسة، خصوصًا أن هذا يفترض انعقاد البرلمان لانتخاب الرئيس، لكن العراقيل قد تؤخر هذه الخطوة.
ودعا البطريرك الراعي الكتل السياسية إلى مقاربة المبادرة الجديدة الجدية بشأن انتخاب رئيسًا للجمهورية، والخروج من أزمة الفراغ في الرئاسة منذ عام وسبعة أشهر، مقاربة مسؤولية واعية وموضوعية، قوامها التشاور والتوافق، على أساس من التجرد والتعالي عن المصالح الشخصية والفئوية، وانطلاقًا من الواقع الراهن.
وتسعى البطريركية جاهدة إلى تعزيز هذا التشاور من أجل ضمان قرار وطني شامل موحد يجمع على شخص المرشح لرئاسة الجمهورية، وتمنت أن يساعد القديس شربل، المكونات السياسية على الخروج من زاوية الرؤية الضيقة إلى رؤية وطنية شاملة، تلتقط الفرصة السانحة لإجراء خطوة حاسمة نحو انتخاب رئيس للجمهورية، ونأمل بأن يكون هدية الميلاد ورأس السنة لجميع اللبنانيين وللمنطقة.
أرسل تعليقك