توقع عدد من الخبراء الدبلوماسيين والعسكريين والأمنيين والاقتصاديين، أن يعمل مجلس التنسيق المصري السعودي على تعزيز العلاقات المصرية السعودية والعمل على التنسيق المشترك فيما يخض القضايا الإقليمية المشتركة، فضلًا عن تعزيز الجانب الأمني والعسكري في ظل التهديدات المتطرفة الحالية.
ويتولى المجلس تنفيذ "إعلان القاهرة"، الذي وقع عليه وزيرا خارجية البلدين، بهدف تعزيز التعاون الثنائي، واتخاذ كل الخطوات التي من شأنها دعم العلاقات المشتركة بين مصر والسعودية.
وأوضح رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير أمين شلبي، أن إنشاء المجلس لتنفيذ إعلان القاهرة، يعمل على تعزيز العلاقات المشتركة والوصول بها إلى فكرة التكامل والتنسيق المستمر فيما يخض القضايا المختلفة، مشيرًا إلى أن الجانب العسكري سيكون له أثر في عمل المجلس خصوصًا في تعامل مصر والسعودية مع فكرة إنشاء القوة العربية المشتركة.
وأضاف شلبي، أن المجلس المصري السعودي سوف يتولى كل المبادرات التي تساهم في تعزيز الاقتصاد المصري في الوقت الحالي والتنسيق الخاص بالاستثمارات المشتركة بين البلدين.
وعلى الصعيد العسكري أفاد الخبير العسكري والمحلل الإستراتيجي اللواء عبد المنعم سعيد، بأن المملكة العربية السعودية دولة لها قيمتها، وعلاقاتها مع مصر متينة وقوية، وكثيرًا ما عبر ملوكها عن حبهم لمصر.
وأشار سعيد إلى أن هناك العديد من الدارسين السعوديين في القوات المسلحة المصرية، ومنهم من العائلة المالكة ويحبون مصر ويعشقونها ويقضون الإجازات فيها ويتزوجون من مصر، موضحًا أن السعودية أمدت مصر في حرب 73 بالطائرات كدعم فكان سرب سعودي يحارب معها.
وأكد الخبير العسكري، أن مجلس التنسيق المصري السعودي يؤدي إلى حماية الوطن العربي باعتباره الوتد شرقًا وغربًا، مردفًا: "لا شك أن الوطن العربي يستفيد من هذا التماسك ونتمنى ازدياد هذه العلاقة حتى نضمن حياة كريمة لكل مواطن عربي".
وعلى الوتيرة نفسها تحدث رئيس جهاز الاستطلاع المصري الأسبق اللواء نصر سالم، حيث أكد أن أي تعاون يحتاج إلى تنسيق باستمرار، من حيث توقيتات وتنفيذ الالتزامات من قبل كل طرف تجاه الطرف الآخر، وما هي الأعمال المطلوبة ومن مسؤول عنها في سبيل أن يكون التعاون بشكل جدي ومدروس وليس عشوائيًا، وألمح أن مجلس التنسيق المصري السعودي سيتعلق بأعمال تخص الدولتين فقط ولن يكون خاصًا بالقوة العربية المشتركة، فقد يؤدي إلى نتائج إيجابية أفضل من التحالف العربي والدول المشاركة فيه، على حد قوله.
وأشاد مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء محمد نور الدين، بإنشاء المجلس المصري السعودي، مبينًا أنه يأتي في وقت في بالغ الأهمية، حيث تشهد المنطقة العربية صراعًا تديره أجهزة مخابرات إقليمية بالتعاون مع أجهزة مخابرات دولية، تتخذ من الجماعات المتطرفة أداة لتنفيذ مصالحها وأجنداتها ضد دول المنطقة، في سبيل إعادة تشكيلها من جديد .
وذكر مساعد وزير الداخلية الأسبق في تصريحات خاصة أن الإعلان على هذا المجلس في ذلك الوقت له أهداف معينة يسعى توجيهها إلى دول الخارج، لاسيما أن البعض يُردد أن هناك أزمة وتوتر في العلاقات المصرية السعودية، وأن هذا المجلس خير دليل على المشككين وضربة قوية لمن يسعى إلى الوقيعة بين الدولتين، كتنظيم "الإخوان" الدولي، الذي سعى بالتعاون مع قطر وتركيا، إلى إحداث نوع من الوقيعة بين البلدين ، في سبيل تحقيق أجنداته ضد حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأشار مدير المركز الوطني للدراسات الأمنية العميد خالد عكاشة، إلى أن البعض حاول استغلال حادث الطائرة الروسية، لفرض حالة من العزلة على الدولة المصرية، وضرب اقتصادها القومي، من خلال فرض حظر جوي على مصر، وضرب العلاقات المصرية الروسية، التي شهدت تطورًا ملموسًا منذ ثورة "30 يونيو"، وهو أمر لن يروق للولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وحلفائها في دول المنطقة، مبينًا أن مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بزيادة عدد الرحلات السعودية المتجهة إلى شرم الشيخ، وإعلان تأسيس مجلس تنسيقي مصري سعودي، أجهض مؤامرة تُحاك على مصر من أجل تركيعها اقتصاديًا، فيأتي هذه المجلس ليوجه رسالة إلى القائمين على تلك المؤامرة، أن السعودية ومصر تقف حجرة عثرة أمام تلك المخططات والمؤامرات، وأن مصر والسعودية دولة واحدة.
ويرى مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء أسامة عبد الحميد، أن الولايات المتحدة منذ إسقاط حكومة جماعة " الإخوان" في مصر ، ومن بعدها في تونس وليبيا، وهي تسعى جاهدة إلى تنفيذ مؤامراتها ضد المنطقة، وتبحث عن بدائل بعد إسقاط "الإخوان" لتحقيق أهدافها، مبينًا أن الجماعات المتطرفة، تشكل خطرًا حقيقيًا على دول المنطقة، مطالبًا بتوسيع المجلس ليشمل الإمارات والكويت، وسرعة اتخاذ خطوات جادة نحو إنشاء القوة العربية المشتركة، لحماية دول المنطقة مما يُحاك لها.
وأوضح اللواء عبد الحميد، أن المجلس المصري السعودي، له أهداف مشتركة في مختلف المجالات السياسية والخارجية والأمنية والاقتصادية، وسيعقد بين البلدين بصفة دورية وكلما تطلب الأمر، مبينًا أن المجالات الأمنية ستكون على رأس الاهتمامات نظرًا للأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة.
وعلى الصعيد السياسي، أكد سياسيون أن تشكيل مجلس تعاون مصري سعودي ضرورة ملحة في ظل الأزمات التي تشهدها المنطقة بوجه عام ومصر بوجه خاص، مطالبين بضرورة تفعيل القوى العربية المشتركة على أرض الواقع، وأشارت القوى إلى أن تحالف مصر والسعودية في المرحلة الحالية يحقق مصلحة المنطقة العربية.
وبيّن رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الحزب "المصري الديمقراطي الاجتماعي" حسين جوهر: "تنسيق بين مصر والسعودية مهم جدًا، ولابد من تفعيل قوة الدفاع العربي المشترك للتنسيق والتعاون بين الدولتين، خصوصًا في ظل الأزمات التي تواجه عددًا من الدول العربية مثل سورية وليبيا واليمن غيرها".
واستبعد جوهر الشائعات التي تتردد حول تدهور العلاقات المصرية السعودية، قائلًا: "لن يسمحوا أن تصل إلى هذه المشكلة لأن ذلك يمثل خسارة للدولتين ولابد من تطبيق التعاون بين الدولتين على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي".
ولفت الخبير العسكري والقيادي في حزب "حماة الوطن" اللواء محيي نوح، إلى أن التنسيق السعودي المصري ضرورة ملحة، خصوصًا وأن مصر والسعودية أهم الدول التي تتمتع بالاستقرار وسط الأمة العربية، مؤكدًا على أهمية انضمام الإمارات ودول أخرى إلى مثل هذا التحالف وغيرها من الدول العربية المستقرة.
ودعا نوح إلى ضرورة تفعيل القوة العربية الموحدة على أرض الواقع، ومواجهة "داعش" والأخطار التي تواجه المنطقة، مشيرًا إلى ضرورة أن تضع الدول العربية تصورًا موحدًا لمواجهة الأزمات التي تضرب المنطقة، خصوصًا في اليمن و السعودية.
ومن جانبه أفاد عضو مجلس الشعب عن حزب "الوفد" أحمد السجيني، بأن تطور التقارب المصري السعودي ضرورة لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة حتى إذا جاءت متأخرة، مضيفًا: "ما لا يدرك كله لا يترك كله ولا يوجد لدينا رفاهية الانتظار أكثر من ذلك، ولابد من التصدي لمؤامرة أهل الشر من خلال قوة وسطية عاقلة مثل مصر والسعودية".
وشدد خبراء اقتصاديون على أن فكرة إنشاء المجلس السعودي المصري، تعد بداية لانطلاقة النهوض العربي للمنطقة، وتضافر الدولة العربية كيد واحدة ضد خطر التطرف الذي يهددها، وقال وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي الدكتور سمير رضوان، إن مبادرة تدشين المجلس السعودي المصري، جاءت في وقت مناسب للغاية للدولتين وللعالم العربي بصفة عامة، مؤكدًا أن المنطقة العربية في أمس الحاجة إليها.
ونوه رضوان، إلى أنه يتمنى أن يضع المجلس في أولويات عمله عملية استكمال عملية إنشاء القوة العربية المشتركة، حتى تتضافر الدول العربية ضد الخطر التي يهددها وهو خطر التطرف.
ومن جانبه، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح جودة، أن المجلس السعودي المصري يعد خطوة إيجابية ومهمة ليس على المستوى السياسي فقط وإنما على المستوى الاقتصادي أيضًا، موضحًا أن هذا المجلس سيمثل العمود الأساسي للتعاون والنهوض العربي للمنطقة بأكملها.
وأضاف جودة، في تصريحات خاصة، أن التعاون المشترك بين السعودية ومصر، يعد بداية لنهضة العالم العربي ومواجهة أزماته، مؤكدًا أنه أيضًا سيفتح العديد من آفاق الاستثمار للدولتين.
أرسل تعليقك