الاحتلال يدمر موقعًا سوريًا في الجولان
دمشق ـ جورج الشامي
شهدت مدينة حمص السورية، الثلاثاء، تصاعدًا ملحوظًا في العنف، فيما تضاربت المعلومات بشأن من يسيطر على مدينة القصير مركز الاشتباكات، في الوقت الذي نفى فيه الجيش الإسرائيلي تصريحات سورية بأن قواتها المسلحة دمرت مركبة للاحتلال في مرتفعات الجولان، وسط أنباء عن اختيار الحكومة
السورية لائحة بخمسة وزراء، تمهيدًا لمفاوضات محتملة مع المعارضة، في حين كشفت المعارضة أنها ستقدم آليات عمل للأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في المؤتمر الدولي لحل الأزمة السورية.
وقال ناشطون سوريون، إن نحو 65 من مقاتلي "حزب الله" قتلوا منذ بداية الأسبوع أثناء محاولتهم التسلل إلى قرى مدينة القصير التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة من أكثر من عام، وتستمر الاشتباكات على أطراف مدينة القصير في محاولات للتوغل إلى قلبها، بالتزامن مع تعرضها للقصف المدفعي والجوي، في الوقت الذي تتوارد فيه الأنباء عن سوء الأوضاع الإنسانية لقرابة 40 ألف مدني داخل مدينة القصير، التي تعاني من نقص في الأدوات الطبية والإسعافات الأولية، وتتضارب المعلومات بشأن من يسيطر على مدينة القصير، فمن جهة يقول الجيش السوري إنه أعاد سيطرته عليها، فيما تنفي المعارضة المسلحة ذلك مؤكدة أن "القصير لا تزال تحت سيطرة الجيش الحر".
وعرضت قناة "المنار" التلفزيونية التابعة لـ"حزب الله" لقطات لتشييع 5 عناصر من الحزب الإثنين، في الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع، مشيرة إلى أن هؤلاء قضوا "خلال أدائهم واجبهم الجهادي"، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر مقرب من الحزب قوله، "إن العدد الأكبر من عناصره قتلوا لسبب الألغام التي زرعها المقاتلون المعارضون في المدينة، وأن الحزب أرسل تعزيزات جديدة من عناصر النخبة إلى القصير، وأكد اعتقال عدد من مقاتلي المعارضة بينهم أجانب".
وذكرت الشبكة السورية، أن القصف من الطيران الحربي وبالمدفعية الثقيلة تجدد على مدينة القصير، مع قصف بالمدفعية الثقيلة على مدن الرستن والحولة واشتباكات عنيفة في محيط مدينة وبساتين القصير بين الجيش الحر والقوات الحكومية المدعومة بأعداد ضخمة من قوات "حزب الله" اللبناني، حيث تشنّ الأخيرة "هجومًا قاسيًا" على المدينة الإستراتيجية التي تشكل صلة وصل أساسية بين دمشق والساحل السوري، وخط إمداد رئيسي لقربها من الحدود اللبنانية.
وأكد الناطق باسم "جبهة حمص" التابعة لقيادة أركان الجيش الحر، صهيب العلي، لـ"الجزيرة"، أن "الجيش الحر لا يزال يسيطر على مدينة القصير"، فيما قالت صحيفة "الوطن" السورية القريبة من دمشق، "إن الجيش الحكومي سيطر على جميع المباني الحكومية والحيوية في مدينة القصير ورفع فوقها العلم السوري، وأن تقدم الجيش جاء بعد اشتباكات عنيفة مع المجموعات الإرهابية"، وتحدثت عن سقوط "العشرات من الإرهابيين بين قتيل وجريح، من بينهم من يحمل جنسيات أجنبية وعربية".
وأوضحت صحيفة "التايمز" البريطانية، أن "الوضع أصبح مثيرًا للانتباه وبخاصة بعد أن أصبحت سورية بمثابة ساحة صراع بالوكالة بين إيران الشيعية ودول خليجية مثل السعودية وقطر اللتين تدعمان خصوم الرئيس السوري بشار الأسد من السنة، وأن انضمام (حزب الله) إلى القوات السورية للسيطرة على بلدة القصير الإستراتيجية القريبة من الحدود اللبنانية يجعل الوضع أكثر دموية، حيث أن نحو 2000 من عناصر المعارضة المسلحة و نحو 30 ألف مدني محاصرون تمامًا من قبل تلك القوات في المدينة".
ونقلت الصحيفة عن أحد الموالين لـ"حزب الله" قوله، "إن السيطرة على القصير قد تعني انتهاء الحرب في سورية بنسبة 70 في المائة، وهو ما يجعل تدخل (حزب الله) في هذه المرحلة حاسمًا، وأن معركة القصير تُعد أولى الحروب التي ينخرط فيها الحزب منذ العام 2006، لكن هذه المرة ليست ضد إسرائيل لكن ضد عرب مسلمين من السنة"، وأنه أصبح من الصعب إخفاء دور (حزب الله) في سورية".
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قذيفة سقطت على مخيم اليرموك في مدينة دمشق، وسط أنباء عن إصابة عدد من المواطنين بجراح بينهم نساء، وفي الريف تتعرض مناطق في مدينة حرستا لقصف من القوات الحكومية براجمات الصواريخ، ولا أنباء عن خسائر بشرية، في حين قتل مقاتل من مدينة عربين، نتيجة قصف الجيش السوري لمناطق في المدينة، في حين قتل مواطن من مدينة جيرود تحت التعذيب بعد اعتقاله منذ أشهر، وأن الكتائب المعارضة دمرت لدبابة وعربة مدرعة على المتحلق الجنوبي في دمشق، خلال اشتباكات بين مع القوات الحكومية هناك، كما تتعرض مناطق في مدينة داريا وبلدة معضمية الشام لقصف من الجيش الحكومي المتمركز في (الفوج 100)، بالتزامن مع قصف من جبال الفرقة الرابعة على المنطقتين، ولا أنباء عن إصابات حتى الآن، وأن قوات المعارضة أسقطت طائرة حربية بالقرب من سد الرشيد في الريف الغربي لمحافظة الرقة، وذلك بعد أن أغارت على محيط الفرقة 17 شمال المدينة، ووردت معلومات عن سقوط قتلى وجرحى إثر القصف من طائرة حربية على محيط مركز البحوث، وفي دير الزور يتعرض حيا المطار القديم والصناعة لقصف بالمدفعية الثقيلة من القوات الحكومية، ولا أنباء عن إصابات حتى الآن، وفي محافظة إدلب تتعرض مناطق في بلدة الهبيط في الريف الجنوبي، لقصف براجمات الصواريخ من القوات الحكومية المتمركزة على حاجز ضهرة النمر في خان شيخون، مما أدى إلى احتراق أحد المنازل، ولا أنباء عن خسائر بشرية، وفي حلب تعرض حي الأشرفية بعد منتصف ليل - الأحد الإثنين لقصف بالمدفعية الثقيلة المتمركزة في حي الخالدية، مما أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين، بينهم امرأة، وإصابة ستة آخرين بجروح، نتيجة سقوط قذيفة على منزلهم، كذلك سقطت قذيفة في حي الفرقان على أحد المنازل صباح الثلاثاء بالقرب من نادي الضباط، مما أدى إلى أضرار مادية، كما سقطت قذيفة هاون على حي السكري وسببت أضرارًا في ممتلكات المواطنين ولا أنباء عن إصابات، في الوقت الذي قتل فيه رجل وأصيبت ابنته بجراح نتيجة لقصف القوات الحكومية على حي الشيخ مقصود، وفي الريف نفذ الطيران الحربي فجرًا غارة استهدف فيها مناطق في بلدة بيانون بالرشاشات الثقيلة، ولا أنباء عن إصابات، كما قتل رجل برصاص قناص في حي بستان الباشا، كما سقط عدد من الجرحى جراء القصف على حي الحيدرية، وفي اللاذقية تعرضت قريتي الغنيمة وساقية الكرك في الريف للقصف من قبل القوات الحكومية، ولم ترد معلومات عن سقوط ضحايا.
وأضاف المرصد السوري، أن مجموعة مسلحة اختطفت المحامي والناشط الحقوقي عبدالله الخليل، رئيس المجلس المحلي في مدينة الرقة، لدى خروجه فجر الأحد من مقر المجلس في مدينة الرقة، في حين علم المرصد من مصادر موثوقة أن 23 عنصرًا من قوات النخبة في "حزب الله" قتلوا وأُصيب أكثر من 70 آخرين بجراح، وذلك خلال الاشتباكات التي دارت الإثنين في مدينة القصير.
ودان الرئيس الللبناني، ميشال سليمان، القصف السوري الذي طال منطقة عكار، وأوقع عددًا من الجرحى، وذلك خلال لقائه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في القصر الجمهوري في بعبدا، للبحث في الأوضاع الراهنة.
وشدد سليمان على أهمية عدم إنجرار الفرقاء اللبنانيين إلى القتال الدائر في سورية، انسجامًا مع ما نصّ عليه "إعلان بعبدا" لجهة عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، وذلك حرصًا على إبقاء الساحة الداخلية مستقرة سياسيًا وأمنيًا، وبخاصة أن أمام اللبنانيين استحقاقات أساسية سياسية وديمقراطية واجتماعية، تفرض أن تكون محط اهتمامهم، مسؤولين وقيادات قبل أي أمر آخر.
ونفى الجيش الإسرائيلي تصريحات سورية بأن قواتها المسلحة دمرت مركبة اسرائيلية في مرتفعات الجولان، حيث ذكرت متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي، أن مركبة أصيبت بأضرار جراء إطلاق نيران من سورية، إلا أنه لم يصب أي من الجنود الإسرائيليين، وردت القوات الإسرائيلية بإطلاق نيران بعد الواقعة التي أعلن عنها الجيش السوري في وقت سابق الثلاثاء.
وأعلنت مصادر دبلوماسية أوروبية، أن "الحكومة السورية وضعت في مطلع آذار/مارس 2013 لائحة بخمسة وزراء، تمهيدًا لمفاوضات محتملة مع المعارضة، وأن هذه اللائحة التي نقلت إلى الروس، أبرز داعمي الرئيس بشار الأسد، تضم رئيس الوزراء وائل الحلقي ونائب رئيس الوزراء قدري جميل وثلاثة مسؤولين حكوميين آخرين، وأن هذه اللائحة يمكن أن تتطور، مشيرة إلى أنه "من الضروري أن توافق المعارضة على فريق المفاوضين الذين يجب أن يتمتعوا بالقدرة الحقيقية على التفاوض".
وذكرت المصادر ذاتها، أن "مندوبي دمشق يجب ألا يكونوا أيضًا مسؤولين مباشرة عن عمليات القمع ضد معارضي الحكومة"، في حين اعتبر مسؤول فرنسي كبير، طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح له، أن "بعض الأسماء التي اقترحتها دمشق غير مقبولة".
وتجرى في الوقت الراهن مشاورات دبلوماسية كثيفة لتنظيم مؤتمر دولي بشأن سورية في حزيران/يونيو، بمشاركة مندوبين عن الحكومة السورية والمعارضة تحت رعاية القوى العظمى، في حين تجتمع المعارضة في إسطنبول، الخميس، لانتخاب هيئاتها الجديدة، واتخاذ قرار بشأن مشاركتها في المؤتمر الدولي، لكنها لم تعد بعد لائحة المفاوضين.
ويهدف المؤتمر الدولي المسمى "جنيف 2"، إلى التوصل إلى تشكيل حكومة انتقالية "برضى متبادل"، تتمتع بـ"كامل الصلاحيات"، مما يستبعد أي دور للرئيس الأسد، إلا أن الأسد رد بإعلان رفضه التنحي عن السلطة قبل الانتخابات الرئاسية في 2014 في سورية، وذلك في مقابلة السبت مع وكالة الأنباء الأرجنتينية الرسمية "تيلام" وصحيفة "كلارين".
وكشفت "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي" المعارضة، أو ما يُسمى بالمعارضة الداخلية، أنها ستقدم أفكارًا ورؤى جديدة وآليات عمل للأطراف الدولية والإقليمية المشاركة في المؤتمر الدولي لحل الأزمة قبيل انعقاده، معتبرة أن "فرص نجاحه قوية جدًا رغم وجود معوقات لسبب تدخل بعض الدول العربية والإقليمية وتشدد بعض أطراف المعارضة".
وقال المنسق العام للهيـئة، حسن عبدالعظيم، "إن المؤتمر الدولي ستحضره مجموعة العمل الدولية المؤلفة من القوى الخمس الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعربيًا: السعودية وقطر والكويت والعراق ومصر، لها دور أساسي، ونحن طالبنا بحضورها وممثل عن الاتحاد الأوروبي والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، وإن هذه المجموعة الدولية والإقليمية والعربية كانت بالأساس حاضرة في (جنيف1) مع تخلف إيران، لأنه تم الاعتراض عليها ومصر لم تكن موجودة أيضًا"، مشيرًا إلى أن "هذا المؤتمر هو الفرصة الأخيرة والممكنة لحل الأزمة السورية ووقف نزيف الدماء والجراح وما يتعرض له الشعب من تدمير وتفجير وتهجير".
وعن رؤيته لفرص نجاح المؤتمر، قال عبدالعظيم "أنا أتصور بأن فرص نجاحه قوية جدًا لأن التوافق الأميركي الروسي بدأ وبجدية، وسيزيل كل العقبات والمعوقات لأن أميركا تستطيع أن تضغط على حلفائها الدوليين والإقليميين، بعد أن وافقت على الحل السياسي، وتستطيع روسيا أو الصين أن تضغطا على حليفهما الأسد للقبول بمقررات جنيف، والنتائج التي ينتهي إليها التفاوض، وبالتالي هذا مهم جدًا"، مضيفًا أنه "ينبغي تذليل العقبات بروح وطنية سورية عالية، وعدم تفويت هذه الفرصة، وكل من يفوت هذه الفرصة يعرض سورية لمخاطر كبيرة"، فيما رفض المنسق الإدلاء بأسماء أعضاء الوفد الذي ستشارك فيه هيئة التنسيق في المؤتمر الدولي"، قائلاً "إن الأسماء سيتم نشرها على الموقع الإلكتروني للهيئة وعلى الإنترنت".
أرسل تعليقك