مسقط ـ عبد الغني يحيى
تتميز سلطنة عمان بتعدد فنونها الشعبية وثراء موروثها الموسيقي، وتتنوع تلك الفنون بين مناطق السلطنة المختلفة وبين الساحل والداخل ويختلف توظيفها أيضاً في حياة العمانيين ومن هذه الفنون الرزحة والرواح وأبو زلف، وتحظى هذه الفنون بجماهيرية كبيرة ولها حضورها الأكيد في مناسبات العمانيين المختلفة .
يعد فن أبو الزلف أحد الفنون الذي يعتمد في قوامه على الغزل ويشارك في تأديته كل من الرجال والنساء جنبا إلى جنب، عن هذا الفن ومضمونه يتحدث عيد صالح عيد السناني مؤسس فرقة البشاير للفنون الشعبية عن الفنون الشعبية العمانية التي تتميز بأصالتها، وبكونها جزءاً من شخصية العماني التي تعكس تفاعله مع بيئته ومجتمعه والثراء الكبير الذي تتميز به الحضارة العمانية التي أسهم تواصلها وانفتاحها على العالم منذ القديم إلى ثراء هذه الفنون وتنوعها .
يؤكد "تحظى الفنون الشعبية في عمان بجماهيرية كبيرة، يشهد على ذلك الارتفاع المستمر في شعبيتها وعدد ممارسيها وحضورها المستمر في الأعياد والاحتفالات، ويختلف الأداء والحركة ونوعية الأغاني المصاحبة من فن لآخر بحسب المناسبة أيضاً، ما يعكس تنوعها وإبداعها الكبير وقدرتها على الإحاطة بكافة تفاصيل حياة العمانيين" .
وعن فن أبو الزلف يعلن أنه "واحد من الفنون التي تختص بها المنطقة الشرقية من سلطنة عمان وهو فن شبابي وحماسي قوامه الغزل ويؤدى بشكل خاص في الأعراس والأعياد" .
ويضيف "يتشارك الرجال والنساء في تأدية هذا الفن فيقفون في صفين متقابلين ويبدأ شعراء الفرقة بارتجال أبيات الشعر الغزلية، ثم يتطور الوضع إلى تنافس في ارتجال هذه القصائد، وعند الوصول إلى ختام الأبيات الشعرية يتسارع قرع الطبول (الكاسر والرحماني ) بشكل حماسي كما تصاحب الغناء آلة النفخ (القربة) ومع تصاعد الحماس يبدأ الرجال والنساء بالرقص وترديد الأغاني وتخرج راقصتان في وسط الميدان بحركات متناسقة ويصلن إلى صف الرجال ويرجعن وهكذا، وتكون حركات الرجل والرقص على نغمات تلك الإيقاعات .
في فرقة البشاير يوجد العديد من الشعراء ومنهم مؤسسها عيد السناني الذي ألف الكثير من القصائد الجميلة للفرقة وفي إحداها يقول:
هدهد وبين الأشجار
يمشي على كيفه
يوم اللي بادرته طار
أزعل وخلاني أشعل بقلبي نار
ما حس بالهدهد قاسي وبعد جبار
أزعل وخلاني أشعل بقلبي نار
بحر الهوى غدار
والخاتمة دايم قلب المحب غدار .
ويضيف السناني إن القصائد التي يؤلفها شعراء الفرقة لا تبقى حكرا عليها وإنما تتغنى بها أي فرقة أخرى من دون احتكار لها، وهذا يسهم في انتشار القصائد واستمتاع الجميع بها، وهي الغاية من ممارسة هذه الفنون وتأديتها .
ومن القصائد المشهورة التي تؤدي أيضاً في هذا الفن أشار السناني: "هناك قصائد مشهورة وتردد من قبل الجميع ومنها هذه الأبيات:
علوه يوداني اللداني الويل بنداني
تدلل يا قمر ليلي
علوه قلب المودة ينوح علوه قلب المودة ينوح
تدلل يا قمر عيني
علوه خذ مالدنيا عبره روح تعانق روح
علوه يوداني اللداني والويل بنداني
الهجران محنه وتعب
وخيول ملتمه وخيول ملتمه
الهجران محنه وتعب
واللي يبا المحبوب المال ما يهمه
تأسست فرقة البشاير للفنون الشعبية في عام 1991 تحت مسمى فرقة نادي السويق للفنون الشعبية، وفي عام 2001 تطورت وغيرت مسماها إلى "البشاير" تضم 30 عضوا، وبحسب السناني، وجود النساء يعتمد على نوع الفنون المؤداة ففن أبو الزلف يحتاج إلى ست أو ثماني نساء لتأديته، فيما بعض الفنون الأخرى تقتصر على الرجال .
وتؤدي فرقة البشاير جميع أنواع الفنون الشعبية الأخرى التي تزخر بها سلطنة عمان، وتعد من الفرق التي استطاعت أن تحجز لنفسها مكانة كبيرة في المجتمع العماني من خلال البراعة التي يؤدي أعضاؤها بها هذه الفنون، وتمكنت الفرقة أيضاً من حجز مكان لها في الفعاليات المحلية والخارجية بشكل دائم، فهي موجودة دوما في مهرجاني مسقط وصلالة، وكانت لها مشاركة في مهرجان البريمي، وأيضاً سافرت هذه الفرقة بالفنون العمانية إلى دول عدة، حيث قدمت بعض العروض في مهرجان الموسيقى العربية بالكويت والعديد من المناسبات الأخرى، هذا وستشارك الفرقة خلال هذا العام وتحديداً خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل في الأسبوع الثقافي الذي ستشهده سلطنة بروناي .
أرسل تعليقك