بغداد – نجلاء الطائي
تعد قلعة اربيل من اهم الوجهات السياحية في المنطقة، حيث يبلغ عمرها 6 آلاف عام، وهي اقدم مدن العالم الواقعة في اقليم كردستان العراق ، ففي مساحتها البالغة 102 ألف متر ، معالم أثرية ومعمارية قديمة تعكس حضارات من مراحل مختلفة من تاريخها، مراسلتنا حوراء الأنصاري زارت القلعة و اعدت لنا التقرير التالي .
وتقبع اقدم المدن في العالم ، قلعة اربيل، في إقليم كردستان العراق، و على ارتفاع 30 مترا فوق سطح الارض هذه المدينة الأثرية المأهولة بالسكان يعود تاريخ بنائها الى ستة آلاف عام قبل الميلاد، وتعد مدينة اربيل اقدم مدينة في العالم من حيث بقائها مأهولة منذ انشائها حتى الان، لذا لا يعرف بالضبط كيفية انشاءها والذين ساهموا في بنائها وتطويرها. وتقع مدينة اربيل على مفترق طرق مهمة مما جعلها محط انظار الغزاة وقد توالت عليها الغزوات وخضعت للعديد من الامبراطوريات من اليونانية والمقدونية والفارسية والتركية
والتقى "العرب اليوم " أحد عشاق القلعة ويدعى عبد الكريم قادر 50 عاما وهو مثقف من اهالي اربيل، يجلس ومنذ اعوام في مقهى قريب منها فبادرنا قائلا ان " قلعة اربيل رمز وصرح يحكي قصة شعب قديم واصيل قدم الحضارات واصالتها ، وهي شاهد ينطق بلسان الحال لا بلسان المقال ، ويشير بإبهامه مرددا مازلنا هنا لنحكي قصتنا"، قصة الشعب الكردي وحضارته الضاربة بالقدم "، مضيفا "اتمنى ان ادفن بين جدرانها"، وأضاف "عندما تتفقد القلعة تشعر بها من بعيد وتتلمس فيها عبق الحضارة لأنها تستحق ان تحظى بتكريم اليونسكو كأهم الآثار التاريخية في الشرق الاوسط ولربما في العالم، القلعة لها أربعة ابواب رئيسة للدخول وهي عبارة عن مرتفع دائري مسطح مساحته (102.190م)2، وترتفع (415)م عن مستوى سطح البحر وبمعدل 26م و 25 سم عن مستوى مدينة اربيل وتصل اعلى نقطة فيها 30م.
وكانت القلعة تضج بالسكان حتى عام 2010 حين اتفقت حكومة الاقليم مع احدى الشركات العالمية، لتأهيل القلعة وتحويلها الى احدى المعالم التاريخية وجلب القنصليات والممثليات العربية والأجنبية اليها، إضافة الى جعلها مكانا سياحيا على اعلى المستويات، وسكان القلعة تم تعويضهم بقطع اراض واموال ليتمكنوا من بناء منازل لهم في مناطق اخرى بالمدينة".
وكشف مدير اليونسكو في العراق محمد جليد لـ"العرب اليوم " "وقعنا مذكرة تفاهم مع محافظة اربيل، للبدء بترميم بعض المنازل التراثية داخل القلعة ، بعد ان قمنا خلال الفترة الماضية بتقييمها ووضعها ضمن لائحة التراث العالمي بشكل مؤقت"، واضاف ان "المرحلة الثانية تستغرق ثلاث سنوات لإصلاحها وترميمها تمهيدا لأدراجها ضمن قائمة التراث العالمي بشكل دائمي".
وأوضح محافظ اربيل، نوزاد هادي، أن " حكومة اقليم كردستان خصصت بحدود 13 مليون دولار لترميم القلعة"، مشيرا الى ان " الترميم يشمل تفاصيل فنية كثيرة منها ترميم الدور التي هي في وضع سيء في اطراف القلعة وتأهيل البنية التحتية واكمال التصميم الاساس لمدة ثلاث سنوات"، وقال المسؤول عن الموقع ابراهيم خليل ابراهيم إن اول مرة بتاريخ القلعة تجري عملية التنقيبات برئاسة د دارا وشكلت لجنة تنقيبات من الاثريين وبدانا موسم واحد وكملنا موسمين بستاف داخلي ومعانا آثاريين من الاجانب للاستشارة فقط، حضارات عديدة مرت من هنا منها السومرية والبابلية والاشورية والاسلامية و هذا المسجد الذي ينسب وجوده الى زمن الخليفة عمر بن الخطاب.
وتقع قلعة أربيل الاثارية وسط مدينة أربيل ويعود تاريخها إلى عصر الأشوريين حوالي الألف الأول قبل الميلاد وبنيت لأغراض دفاعية حيث يظهر من شكلها انها كانت تعد حصنا منيعا للمدينة في تلك الحقبة الزمنية، ويبلغ ارتفاعها 415م عن مستوى سطح البحر وتتربع على مرتفع فوق سطح اربيل يبلغ ارتفاعه حوالي 26 م بمساحة تقرب من 1200 متر مربع، ووفق المصادر التاريخية فان قلعة أربيل تعد إحدى أقدم المدن المسكونة في العالم إذ استمر العيش فيها منذ تشييدها قبل آلاف السنين وحتى فترة قريبة ومرّت بمراحل تاريخية عدة منها السومرية والآكدية والبابلية والآشورية والميدية والفارسية والرومانية والفرسية والساسانية والإسلامية، وتضم القلعة بين جنباتها حوالي 1000 بيت، فيما يوجد 4000 بيت خارجها وهذا النمو طرأ لأربيل في عصر الامارتين الكرديتين (البابانية والسورانية) وخاصة امارة سوران وفي عهد الامير (محمد باشا الرواندوزي) عام 1818 م والذي دعى الى استقلال امارته عن الدولة العثمانية وقام في 20 رمضان 1822 م بتجهيز جيش من أبناء عشائر (خوشناو- السورجي، الزراري) بالزحف على اربيل وبعد اتفاقه مع رجال الدين في المدينة استطاع تحريرها من العثماني، يقع الباب الاول للقلعة باتجاه الشمال الشرقي في محلة خانقاه، اما الثاني بأتجاه الجنوب قرب مقبرة الشيخ محمد الخورساني. فيما يقع الباب الثالث بأتجاه الغرب قرب المنارة المظفرية، اي طريق الموصل القديم، عندما تم تفريغ القلعة من العوائل لغرض الترميم، تم اسكانهم في محلة جديدة شرق مدينة اربيل، سميت بالـ(قلعة الجديدة).
واختلف المؤرّخون في أسباب بناء قلعة اربيل والتي تبلغ عمرها (بحسب المؤرخين) 6000 سنة، فمنها انها كانت مركزا للعبادة في العصر الاشوري عندما كانت معبداَ للآلهة عشتار(اله الحرب والنصر) ولهذا الغرض حج اليها الملوك الاشوريون، فضلا عن انها كانت رمزا للمقاومة بسبب ارتفاع اسوارها وبسالة اهلها، فالميديون احتلوا كافة المدن الاشورية ومنها نينوى سنة (612 ق.م) ولكن اربيل صمدت امام هجمات الامبراطور كين افسار، إضافة الى انها احدى المدن القلائل في العالم والتي صمدت امام هجمات المغول، ولم يستطع هولاكو فتحها لذلك تعرف اربيل بقاهرة هولاكو، وميزة اخرى من مميزات مدينة اربيل انها وبالقرب من اسوارها دارت معارك فاصلة وحروب كبيرة غيرت مجرى التاريخ، أهمها بين اكبر قوتين عسكرتين حينها ( معركة اربيل) (او كوكميلا) وعندما واجه الاسكندر المقدوني بجيشه دارا الثالث اخر ملوك الاخمينين بجيشه ذو 700 ألف جندي وبحسب خطة عسكرية بارعة استطاع الاسكندر الانتصار، إضافة الى المعركة الفاصلة بين الامويين بقيادة (مروان بن محمد) والعباسيين بقيادة (ابا العون) و(عبدالملك الخراساني) حيث انتهى الجيشان قرب اربيل، وتحتوي القلعة على مقبرة، حيث كانت محل دفن الموتى من الملوك مثلما حدث في العهد الفرنسي عندما دفن هؤلاء رفات ملوكهم في اربيل ولهذا السبب قام الامبراطور الروماني كراكلا عند احتلاله اربيل عام (216م) بهدم ذروتها ونبش قبور الملوك منها واخراج عظامهم من القبور ورميها، وللقلعة دور كبير في استقرار موقع مدينة اربيل بسبب وجود هذه القلعة ومنذ 6000 سنة، أربيل لم تتزحزح متراَ واحداَ من موقعها وظلت مأهولة طيلة هذه الفترة ولولا وجودها لانتقلت المدينة الى موقع آخر، فضلا عن دورها في استقرار اسم المدينة فمع اول ذكر لها سنة(2000 ق.م) في عهد الملك السومري شولكي كان اسمها(اوربيلم) ولحد ألآن اسمها اربيل ولا توجد مدينة أخرى في العالم خلت ظلت محتفظة باسمها طيلة 6000 سنة وذلك بسبب وجود قلعتها.
أرسل تعليقك