بدأ الموسيقيون الذين عانوا طيلة عامين ونصف العام تحت حكم المتشددين، الذين كانوا يحطمون آلاتهم الموسيقية ويمنعونهم من ممارسة عملهم، يعودون تدريجيا لممارسة الغناء، فيما شهدت الموصل عزفا مشتركا بين موسيقي أجنبي، والشاب أمين الذي عزف بآلة كمان فوق تل التوبة، وبقايا مرقد النبي يونس المدمر على يد "داعش" في الساحل الأيسر للمدينة.
وقال صاحب محل لتنظيم الحفلات يدعى مروان ابراهيم إن عملهم كان على ما يُرام قبل أن يحتل التنظيم المتشدد مدينتهم الموصل.
وأضاف إبراهيم "قبل ما يفوت المتطرفين شغلنا كان زين، الآليات مالينا والسماعات والمكاسر، جوا داعش، وقت ما جوا داعش، جو هددونا، قالوا لنا شنو ها الأجهزة مالتكم ونحن خدنا الأجهزة ملتنا، عاد خبيناها. خدناها خبيناها عندي بالبيت، خليتها تحت التخت القديم وحطيت حيط خليت لها حيط ورتبتها. والله وداعش راح والحمد لله جينا نصبنا وجبناها".
ومن جانبه قال حارث حسن، وهو مغن وصاحب محل لتنظيم الحفلات، إن كل أهل الموصل يرحبون بحرارة بعودة الفنانين وإحيائهم حفلات في أنحاء المدينة.
وأضاف حسن "كلش جيد، استقبال الناس لنا، من العوائل، من الشيوخ، من الشباب، من الأطفال، استقبال الناس كلش جيد جدا بالشوارع العامة، في بيوتهم بالحفلات الخاصة والحفلات العامة باحتفالات النصر كلش، كلش الناس استقبال باهر".
وقال عازف موسيقي يدعى غازي سالم إن الترفيه كان محظورا تحت حكم تنظيم الدولة الإسلامية الذي كان مقاتلوه يطاردون الفنانين ويقتلونهم.
وأضاف "اننا عانينا كثيرا وكنا مطاردين لا نستطيع العمل . نرتعب ونحن ىنسير في الشارع حتى لا يُقال عنا هؤلاء فنانون .
ويبلغ عدد محلات تنظيم الحفلات الموسيقية وإحياء الحفلات في مدينة الموصل نحو عشر محلات.
ويقول فنانون إن تكلفة إحياء حفل عادي في المدينة تُقدر بنحو 250 ألف دينار عراقي (حوالي 200 دولار) لكن سعر الحفل يتوقف على مدة الحفل أو الاحتفال الذي ينظمونها من أجله.
وسقطت دولة "الخلافة" المزعومة فعليا في تموز باستيلاء القوات العراقية المدعومة من الولايات المتحدة على الموصل، العاصمة الفعلية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، في معركة شرسة استمرت تسعة أشهر.
وفي غضون ذلك شهدت الموصل ، عزفا مشتركا بين موسيقي أجنبي، والشاب أمين الذي عزف بآلة كمان فوق تل التوبة، وبقايا مرقد النبي يونس المدمر على يد "داعش" في الساحل الأيسر للمدينة ، الذي حررته القوات العراقية، من قبضة التنظيم في معركة بدأت منذ 17 تشرين الأول 2016، وحسمت في أواخر كانون الثاني العام الجاري.
وعزف الفنان أمين مقداد على الكمان وسط ركام المباني في شرق مدينة الموصل، وذلك بعد أن كانت واقعة تحت سيطرة تنظيم داعش لمدة تزيد عن عامين ونصف، العراق 19 نيسان 2017.
وكشف أمين، في العراق، عن تلقيه اتصالا من موسيقي أمريكي إيراني يقيم في أمريكا، لعزف مشترك في الموصل، بعد نجاح العزف الأول فوق تل التوبة الشهر الماضي.
ويقول أمين (28 سنة) الحاصل على شهادة بكالوريوس من كلية الزراعة جامعة الموصل عام 2013، "بدأت محاولاتي لتعلم العزف، في ذلك يوم 24 أيلول 2009، 24/9/2009 و هو يوم ميلاد كماني الأول، بعد سنة ونصف من هذا التاريخ شاركت في مسابقة بالجامعة، كان أسمها "مسابقة الفنون الإبداعية وفيها حصلت على المركز الثاني في الموسيقى".
وتلقيت تسع محاضرات لدى أستاذ الكمان في معهد الفنون الجميلة للبنات، محمد محمود، ورجعت للتعلم وحدي على الآلات الموسيقية.
حديثا عشت سنتين كاملتين وحيدا في الموصل، تحت ظل "داعش"، في بيتنا الذي بات سجنا كبيرا تمكنت فيه من خلق مساحة حرية لي وألفت 26 مقطوعة موسيقية جاهزة للنشر، وأكثر من 300 مشروع موسيقي قيد الإنجاز.
وصورت مع شريكي وصديقي عمر عبد الناصر فيلم عن الحرية، وبعد يوم من تصويره داهموني عناصر تنظيم "داعش" في بيتنا وصادروا آلاتي الموسيقية.
ونوه أمين، لم أتعرض للتعذيب و الاعتقال لكن تعرضت للتحقيق مرتين على يد "داعش"، بين مره وأخرى سنه كاملة، وأخر تحقيق تعرضت له كان لثلاث ساعات تمت فيه مصادره آلاتي الموسيقية و أشياء أخرى،ولسوء حظهم أنني هربت لمدة 6 أشهر.
وتابع أمين صادر المتطرفين ، مني آلات موسيقية هي: جيتارا، وكمانين، وتشيللو، وقانون، لم أرَ تكسيرها، لكنهم صادروها واحتمال سرقوها أو أحرقوها أو كسروها، لا أعلم مصيرها.
وهرب امين من تنظيم "داعش"، لنحو 6 أشهر بقى فيها بعيدا عن حينا في الموصل، كان يزور المنزل من وقت لآخر بحذر حتى ينقل ما يستطيع نقله من الأشياء الثمينة الصغيرة و القليلة جدا في بيته جسب قوله.
ويسرد امين ان طيلة فترة الهروب، أكملت تأليف كتابي الأول، وبدأت في الثاني، كما صنعت آلة موسيقية مساعدة أبن عمي "زياد خالد"..أسميناها (أدد)، وأيضا كتبت ثلاثة سيناريوهات أفلام..
ولفت الى دخوله الموصل للمرة الأولى بعد تحرير الجانب الأيسر منها من قبضة "داعش" ، يوم 19 نيسان الماضي، وعزفت فوق تل التوبة المتكون من أربع طبقات أولها قصر اسرحدون الآشوري، وأخرها مقام النبي يونس "الذي فجره التنظيم بالكامل بتاريخ 24 تموز/يوليو 2014.
وقال حكم أنس، وهو أحد أصدقاء مقداد وقد أسس معه ناديا للموسيقى، مستعيدا ذكريات حكم التنظيم إلى المدينة، "توقفت عن العزف لأني كنت خائفا بشدة لكن أمين استمر. حاولنا إقناعه بأنه قد يُقتل بسهولة لكنه استمر في العزف."
ويعتقد أن المدون المسؤول عن وكالة "عين الموصل" الإخبارية ساعد في تنظيم الحفل وترتيب عودة مقداد إلى الموصل.
وأوردت صفحة الموقع على الإنترنت أن الهدف من الحفل "إرسال رسالة إلى العالم بأن الموصل مستعدة لاستقبال الكتب والموسيقى من جديد رغم أن نصف المدينة ما زال تحت القصف".
وأضاف "لقد تحقق الحلم. الموضوع بسيط كما يبدو فقد بدأ كحلم لكنه تحول اليوم إلى حقيقة".
ولم يحضر الحفل سوى 20 شخصا في الوقت الذي كان يقطع صوت الموسيقى دوي انفجارات وصوت الأعيرة النارية من الأحياء الغربية في الموصل حيث لا تزال القوات العراقية، المدعومة من الولايات المتحدة، تحارب تنظيم الدولة الإسلامية لاستعادة السيطرة على باقي أجزاء المدينة عبر نهر دجلة.
هذا واستقبلت نينوى مهرجان فني وثقافي بعد مرحلة احتلال "داعش"، شمل مجموعة من الفاعليات الموسيقية والغنائية فضلاً عن توزيع كتب لتشجيع أهل المدينة على القراءة.
وحمل المهرجان الذي اقيم في حدائق جامعة الموصل اسم "مهرجان القراءة" ويهدف الى إحياء جانب من الحياة الثقافية في المدينة التي دُمّرت كل مكتباتها على أيدي مسلحي تنظيم "داعش"، وإعادة تجميع الكتب لبناء تلك المكتبات، إذ سيُوزع خمسة آلاف عنوان مختلف لكتب متنوعة، كما ستقام حفلة غنائية وأخرى موسيقية.
أرسل تعليقك