مؤرخ إيطالي يسير على خطى ليوناردو دافينشي بعد 500 عام على وفاته
آخر تحديث GMT13:31:20
 العرب اليوم -

رسوماته كانت محل اهتمام العديد من المعارض والاحتفاليات الثقافية

مؤرخ إيطالي يسير على خطى ليوناردو دافينشي بعد 500 عام على وفاته

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مؤرخ إيطالي يسير على خطى ليوناردو دافينشي بعد 500 عام على وفاته

متحف اللوفر
روما - العرب اليوم

ذكر المؤرخ الإيطالي جورجيو فاساري، في الفصل الخاص بحياة ليوناردو دافينشي من كتابه «سير الفنانين»، والذي ألفه بعد مرور 30 عاماً على وفاة الفنان الكبير في عام 1519: «كان يحظى بقوة عقلية ندر أن تتكرر، بحيث إن كل ما ينتقل إليه بالاعتبار والتفكير، كان يحوز السيادة والإتقان في ذلك المجال مهما كان».

وفي الذكرى السنوية الخمسمائة لوفاة الفنان الإيطالي الكبير، سرق متحف اللوفر في باريس من دون شك الأضواء الباهرة من خلال معرضه الرائع تحت عنوان «ليوناردو دافينشي». ومع ذلك، فإن البراعة العقلية والفكرية منقطعة النظير - التي تبدو واضحة في لوحات ورسومات دافينشي فضلاً عن دراساته العلمية ونماذجه الهندسية والمعمارية – كانت محل اهتمام العديد من المعارض والاحتفاليات الثقافية في العديد من المدن الإيطالية حيث لا يزال إرث دافينشي يبعث على الكثير من الفخر.

ولقد نال هذا الفخر بعض السلبيات إلى درجة ما عندما احتل متحف اللوفر الأجواء بثقله، نظراً إلى أنه يضم أكبر مجموعة من لوحات دافينشي على مستوى العالم. ولكن بعد قدر من التشاحن الثقافي بين إيطاليا وفرنسا، التقى رئيسا الدولتين الكبيرتين لتهدئة الأجواء تماماً في احتفالية أُقيمت في مدينة «أمبواز» الفرنسية حيث توفي دافينشي.

ولم يكن هذا الفخر بالفنان الكبير أكثر تقلباً من مدينة فينشي، تلك البلدة التوسكانية الصغيرة التي تبعد مسافة 17 ميلاً فقط إلى الغرب من فلورنسا، والتي شهدت مولد دافينشي في 15 أبريل (نيسان) من عام 1452، وكان نجلاً للسير بيير دافينشي، وهو أحد كتاب العدل الموسرين، من فتاة قروية بسيطة تدعى كاترينا.

ولا يزال شبح دافينشي يطوف مختلف أرجاء البلدة الصغيرة ذات الأسوار الكثيرة، حيث أعاد الفنانون المعاصرون تفسير رؤيته للفنون. وتطل نسخة تقليدية ثلاثية الأبعاد من لوحة دافينشي «الرجل الفيتروفي» على الساحة الرئيسية في المركز التاريخي. وفي موضع آخر، يقف حصان من البرونز مستوحى من نموذج غير مكتمل من أعمال الفنان لصالح أسرة سفورزا في ميلانو، في حين حاول فنانون آخرون إعادة تشكيل الساحات المحلية بالعديد من مختلف تصاميم الفنان القديم.

والموقع الحقيقي لمسقط رأس دافينشي غير معروف بصورة قاطعة. ولكن كما قال والتر آيزاكسون في كتابته لسيرة الفنان الكبير في عام 2017: «احتضنت الأسطورة وصناعة السياحة المحلية في قلب منزل ريفي حجري صغير في قرية آنشيانو على مسافة ميلين فقط من فينشي، وهو الآن عبارة عن متحف صغير».

وعلى مدى الشهور القليلة الماضية، استضاف متحف «بالازو غويدي»، الذي يعود بناؤه إلى القرن الثالث عشر، وهو أحد مواقع المتاحف المتعددة لدافينشي، معرضاً يتعلق بأصول الفنان الكبير وعلاقاته ببلدته الأصلية.

وتناول قسم من المتحف أول لوحة مؤرخة من أعمال الفنان، وهي منظر طبيعي يعود تاريخه إلى 5 أغسطس (آب) من عام 1473، والتي تعد شاهد عيان على ولع الفنان القديم بالطبيعة. ولقد استعار متحف اللوفر اللوحة الأصلية، والتي ترجع ملكيتها إلى معرض «أوفيزي»، لعرضها ضمن فعاليات المعرض الحالي عن دافينشي جنباً إلى جنب مع رسم «الرجل الفيتروفي» –وهي اللوحة التي تكاد شهرتها تضارع شهرة لوحة «الموناليزا».

وركز المتحف على اهتمامات دافنشي في مجالات العلوم والهندسة والمعمار، ويشتمل على العديد من النماذج –بما في ذلك الماكينات الحربية والطائرة– التي تم إنجازها في عام 1952 لصالح معرض يُعنى بإحياء ذكرى مرور 500 عام على مولده. وركزت أقسام أخرى على البصريات، والتشريح، والساعات الميكانيكية، ودراسة المياه، والهندسة.

وفي وقت ما من عام 1460، غادر دافينشي فلورنسا التي عاش فيها والده. ولأنه كان ولداً غير شرعي، فلم يتمكن من أن يكون كاتب عدل كوالده، وكانت هي مهنة العائلة، ولذلك جرى إرساله أول الأمر لدراسة الرياضيات فيما كان يُعرف باسم مدرسة «أباكوس». (قال المؤرخ فاساري إن دافينشي تفوّق في وقت وجيز على معلمه في المدرسة). وفي أوائل سن المراهقة صار دافينشي متدرباً في ورشة للفنان والمهندس أندريا ديل فيروتشيو.

وكانت أولى زيارات دافينشي إلى ميلانو قد استمرت قرابة 17 عاماً، عندما كانت المدينة تحت حكم لودوفيكو سفورزا، أمير المدينة، الذي استعان بدافينشي في الاضطلاع بتنفيذ العديد من المهام في بلاطه. وهناك مسودة خطاب لرسالة كان دافينشي قد كتبها إلى لودوفيكو وهي معروضة في معرض «أمبروزيانا» في ميلانو، وهو يقدم نفسه فيها كمهندس عسكري وخبير وقادر على تصميم الأسلحة التي سوف تسبب رعباً كبيراً لدى الأعداء.

وذكر في الرسالة جملة من مهاراته الأخرى في النحت والرسم. كما أنه تعهد بتشكيل حصان من البرونز تكريماً للمجد الخالد والشرف الأبديّ الذي يحظى به منزل عائلة سفورزا. وبعد مرور 500 عام، تقف نسخة حديثة من الحصان البرونزي على رأس مضمار السباق في ميلانو، على الرغم من رغبة بعض المواطنين في نقلها إلى موقع يسهل الوصول إليه. ورسم دافينشي لوحة «العشاء الأخير» الشهيرة بأمر من الأمير لودوفيكو سفورزا في قاعة الطعام الكبرى في دير سانتا ماريا ديل غرازي. كما أنه رسم أيضاً لوحة جدارية في «سالا ديل آسي» أو غرفة الفراغات في القلعة التي كانت بمثابة مقر إقامة العائلات الحاكمة في ميلانو، وقد تحولت إلى متحف اليوم. وتلك هي اللوحات الجدارية الوحيدة المعروفة من أعمال دافينشي الباقية على قيد الحياة حتى الآن.

وخضعت القاعة لأعمال الترميم والتجديد مع إغلاق أبوابها أمام الجمهور منذ عام 2013، ولكن أُعيد افتتاحها للاحتفالات بعرض من الوسائط المتعددة الذي ينقل المشاهدين خلال سنوات حياة دافينشي في ميلانو.

وغادر دافينشي ميلانو في عام 1499 ليعود إليها مرة أخرى في عام 1506 ليعيش فيها لمدة 7 سنوات مع رحلاته إلى مدن أخرى بما في ذلك بارما، وفلورنسا، ومانتوا، وفينيسيا، وبافيا، وغيرها من المدن، قبل أن يتوجه إلى روما في عام 1513 بعد فترة قصيرة من انتخاب جيوفاني دي ميدتشي ليحتل منصب البابا ليو العاشر في الفاتيكان.

وفي روما، حصل دافينشي على سكن في فيلا بلفيدير، وهي المقر البابوي الصيفي. ويملك الفاتيكان اللوحة الوحيدة التي رسمها دافينشي في روما، وهي بعنوان القديس جيروم، التي أُعيرت إلى متحف اللوفر لعرضها في معرض دافينشي هناك.

بيد أن إقامته في روما كانت محل الاحتفال بها من قِبل أكاديمية «لينسيان الوطنية» بالعديد من المعارض. ومن بينها معرض قصر كورسيني الذي اعتنى بالكتب التي كان يملكها دافينشي –ولقد كان لديه أكثر من 200 مجلد في مكتبته– على الرغم من أنه كان يعد من الرجال قليلي الخطابات لأنه لم يتحصل على تعليم رسمي بالمعنى المعروف.

وعلى الجانب الآخر من الطريق، لدى وزارة الشؤون الخارجية الإيطالية، هناك موقع للوحة جدارية شهيرة للحورية غالاتيا –وهو معرض يستكشف تأثير دافينشي وإرثه التاريخي في روما، في حين أن هناك معرضاً آخر يحمل عنوان «المعرض المستحيل»، وهو يتألف من نسخ رقمية بالحجم الكامل لكل أعمال دافينشي ولوحاته (فضلاً عن إعادة تصوير متخيلة لورشته الخاصة في فيلا بلفيدير).
 

لكن، يمكن القول إن أكثر تلك المعارض إثارةً للاهتمام كان «ليوناردو في الترجمة»، والذي يركز على نشر أبحاث ليوناردو دافينشي في القرن التاسع عشر، بما في ذلك عدة نسخ من مخطوطاته، ومجموعات متنوعة من الكتابات والرسومات. قد يهمك أيضاً:   تشكيك الخبراء يُخفض ثمن لوحة دافنشي إلى 1.5 مليون دولار
خصلة شعر سريّة قد تحل لغزًا عن دافنشي دام 212 عامًا
 
arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤرخ إيطالي يسير على خطى ليوناردو دافينشي بعد 500 عام على وفاته مؤرخ إيطالي يسير على خطى ليوناردو دافينشي بعد 500 عام على وفاته



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة
 العرب اليوم - بايدن يؤكد العمل على وقف حرب غزة وإقصاء حماس عن السلطة

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab