الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة
آخر تحديث GMT04:38:04
 العرب اليوم -

توارثت عن الاجداد ونتاج ثقافات وخزين معرفي متنوع

الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة

الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة
بغداد – نجلاء الطائي

في كل بقعة من بقاع العالم العربي والإسلامي، تكون لشهر رمضان نكهة خاصة تختص بها تلك البقعة، يمارس فيها الناس طقوسهم الخاصة وتقاليدهم التي توارثوها عن أجدادهم كلٌ حسب أجوائه والتي هي نتاج ثقافات وخزين معرفي متنوع.

فقد إعتاد الناس في العراق على طقوسهم الخاصة، ومارسوها في هذا الشهر الفضيل، ومع أن تلك الطقوس صارت تتغير مع تغير الأجيال، فهي تتأثر بالثقافات الاُخرى بحيث تتقارب وتتشابه في بعض الأحيان من بلد الى آخر، فمثلاً شخصية "المسحراتي" تكاد تكون مشتركة في كل العالم العربي، فقد أوجدته الحاجة، لكن هذه الشخصية نشأت في بغداد منذ زمن العباسيين، وأوجدوا له فنًّا شعريا سموه "القوما" والكلمة مشتقة من "قوما نسحر قوما" وأول من إخترع هذا الفن هو "أبو نقطة" للخليفة الناصر ثم أخذه عنه ابنه، وكانا يقومان بإنشاده لغرض إيقاظ الخليفة في وقت السحور.

وتغيرت هذه الشخصية مع مرور الزمن لتستخدم أدوات مثل الطبل والصفائح المعدنية وأية وسيلة للتنبيه، وكان يقوم بها شخص من عائلة واحدة ورث هذا العمل عن آبائه في كل منطقة، أما الآن فتغيرت الى مجموعة من الشباب تتجول في الشوارع في وقت السحور، وهي تضرب على طبول ضخمة عالية الصوت بإيقاع متناسق تشبه الى حد كبير تلك التي تُستخدم في المواكب الحسينية. وكان المسحراتي في بغداد يتطوع لهذا العمل، ولا ينتظر أجراً عن عمله هذا، أما الآن ففي كل مدينة مجموعة "تحتكر" هذا العمل، وتقبض أجرها في أول يوم العيد بالتجول نهاراً "هذه المرة" وهي تضرب على طبولها أثناء تجوالها لتنبيه الناس، ثم تدق البيوت باباً باباً لاستلام العيدية، وهي غالباً ما تكون مبالغ بسيطة، لكن بسبب حجم المدن الكبير وعدد البيوت الضخم  يكون الوارد مبالغ كبيرة يوزعها الشباب في ما بينهم .

المحيبس
هذا الإسم كان يَكثر تداوله في رمضانات بغداد القديمة، فهو اقدم لعبة في العراق آن ذاك، ففي العراق لا يمكن أن يحل رمضان بدون أن تنتشر هذه اللعبة الشعبية، فقد ارتبطت بهذا الشهر الفضيل بشكل شرطي، فلا يمكن الفصل بينهما، وبعد أن ينتهي رمضان، ويحل العيد لا يعود لهذه اللعبة أي ذكر، على الرغم من كونها لعبة ممتعة تستغرق وقتا طويلا، "وربما يكون سبب إنتشارها واختراعها أصلاً لهذا الغرض"، فتبدأ هذه اللعبة بعد الفطور لتستمر حتى السحور، وفي بعض الأحيان الى الصباح، فهي لا تُحدد بوقت بل بعدد النقاط.

والمحيبس مُصغَّر "محبس" وهو "الخاتم" في اللهجة البغدادية،  يتنافس في هذه اللعبة فريقان لا يتحدد عدد الفريق الواحد، فقد يصل الى 100 او 200 او حتى 400 شخص في بعض الأحيان  ويُسلّم أحد اللاعبين المحبس، ويدعى ذلك "بالتبييت" ليأتي دور رئيس الفريق المنافس بمعرفة ذلك الشخص الذي يملك المحبس "وفي أي يد " ليكسب نقطة، وينتقل المحبس الى فريقه في حال اكتشافه، وقبل ذلك يدور بين اللاعبين "متفرّساً وجوههم وردود أفعالهم" فيقول لأحدهم "طلك" أي افتح يدك فهي ليس فيها المحبس ، أما عند فشله بقوله لصاحب المحبس "طلك" فيصيح الذي بيده المحبس "بات" وهو إعلان أن المحبس سيبقى عند الفريق الفائز لجولة جديدة.

الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة

ويكسب الفريق الفائز نقطة حتى تصل اللعبة الى نهايتها بحصول أحد الفريقين على  21 نقطة، لتنتهي المباراة بتوزيع كمية كبيرة من الحلويات بين الفريقين يتحملها الفريق الخاسر، ويشتهر الآن، في العراق وبغداد، بخاصة،  لاعبون كبار لهذه اللعبة التي اهتمت اللجنة الأولمبية العراقية بها، ونظّمت لها دوريّا يشمل العراق، تتنافس فيها فرق شهيرة مثل الكاظمية، الشعلة، الفضل، باب الشيخ، الكرادة والأعظمية، وغيرها فضلاً على فرق المحافظات، ومن تلك الأسماء الشهيرة جاسم الأسود في الكاظمية، وفي الأعظمية أبو داود، وفي باب الشيخ شاكر طليعة، وفي الشعلة كريم داخل، أما في الكرادة فاشتهر حجي سهيل، وحجي فاضل، وفي منطقة الكرخ إشتهر صاحب ذيبان ومحمد شعيطه، ومن الوشاش عبد الله بروس، فيما يمثل منطقة الفضل لطيف ابو شوارب!.

ويمتلك هؤلاء فراسة، ودقة ملاحظة  كجزء أساس من متطلبات اللعبة، فيجب أن يكونوا حادّي الذكاء ولا تفوتهم أي شاردة، أو واردة، أو حركة يقوم بها لاعبو الخصم، فيفرزون حامل المحبس من بين المئات بعلامات خاصة، فهم يميزون علامات الخوف التي تظهر عليهم ، وهذا بالتأكيد يحتاج الى خبرة كبيرة ، فيتداول  البغداديون قصة طريفة وهي أن "لطيف ابو شوارب" تَنقّل بين اللاعبين أكثر من مرة في إحدى المباريات لكنه لم يشك بأحد ، فصاح "المحبس مشايله أحد" ويعني أن المحبس ليس بيد أحد اللاعبين، فضحك الحضور لأنهم كانوا قد قرروا أن يمزحوا معه ولم يسلموا المحبس الى أيّ لاعب.

وتنتهي عادة بتوزيع أطباق "الزلابية" و"البقلاوة" وهي نوع من الحلوى التي تشتهر في رمضان، ولا يكاد تخلو مائدة  منها في العراق.

 وهكذا يمضي رمضان في اليوم العراقي الذي يمتاز أهله فيه بالكرم، فمن المعتاد أن يبعث الجار الى جاره صحنًا من مائدتهم قبل الافطار فيردّ الجار الثاني الصحن مليئاً بما حوت مائدتهم "فقد اعتادوا أن لا يعود الصحن فارغاً "، كما تكثر ولائم الإفطار في هذا الشهر، فيتزاور أهل المنطقة في ما بينهم تلبية لتلك الدعوات، وهذه العادات من شأنها تقوية أواصر الألفة  والمحبة بين أفراد المجتمع الواحد ، وفي الأيام الأخيرة من رمضان تستعد العائلة العراقية له بعمل "الكليجة " وهي معجنات تجتمع العائلة كلها بصناعتها ثم ترسلها الى أحد الأفران القريبة لتحميصها لتوزعها بعد ذلك الى ضيوفها في أيام العيد .

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة الأسرة العراقية تمضي شهر رمضان في طقوس وعادات متوارثة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab