قال أحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن أزمتنا الحضارية في جانب كبير منها أزمة فكر، مشيراً إلى أن الانبعاث الحضاري الشامل هو بالضرورة حصيلة لنهضة فكرية شاملة.
جاء ذلك خلال كلمة "أبوالغيط" في افتتاح أعمال مؤتمر"فكر 17"، الذي تنظمه مؤسسة "الفكر العربي" بالشراكة مع مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء"، تحت عنوان "نحو فكر عربي جديد".
وأضاف "أبوالغيط" أن الثقافة والفكر سابقتان على التكنولوجيا والعلم، وأنهما الرحم الذي تتخلق فيه النهضة العلمية والتكنولوجية، والطريق الذي يقود إليها.
وشدد على أن الثقافة العربية بحاجة إلى تجديد شامل يهزها من العمق، قائلاً: "ما نحتاج إليه في هذه اللحظة المأزومة من تاريخنا، هو فكر عربي جديد، يكون علمياً بحق، ومعاصراً بحق، وعربياً بحق".
وطرح "أبوالغيط" 3 نقاط اعتبرها تُشكل "مثلث الفكر العربي الجديد"، أولها: أن يكون الفكر العربي علمياً، منتقداً التفكير العلمي في العالم العربي، قائلاً إنه "يعاني أشد المعاناة أمام التفكير الخرافي والتآمري الذي يفاقم من واقع أزمتنا".
وقال إن هذا العصر الرقمي بدلاً من أن يسهم في إشاعة المعرفة عبر أدوات مثل الإنترنت وغيره، أسهم في ترسيخ أنماط التفكير الخرافي المعادي للعلم، لافتاً إلى أن الإنترنت هو مجرد وسيط، ومثلما استخدمه المتنورون في البحث عن المعرفة، وجد فيه أنصار التطرف والجهل ضالتهم للتواصل ونشر أفكارهم عبر الكوكب.
وقال: "لاحظنا جميعاً أن الأفكار الأشد تطرفاً وجهلاً تجد طريقها للانتشار بصورة أسرع، لأن الناس تبحث عن الأفكار التي تتماهى معها، وتؤكد ما لديها من انحيازات ورؤى أولية، وترفض بصورة غير واعية كل ما يتعارض مع تصوراتها، وهي ظاهرة نلمسها في العالم المتقدم والنامي على حد سواء".
ولفت إلى أنه أصبح من الصعب جداً تمييز المعلومة الصادقة بين ركام من الأكاذيب، أو وقف انتشار معلومة زائفة أو مضللة، مشيراً إلى أن هذا التطور الجديد يلقي بظلاله على مجتمعاتنا العربية، ويزيد من حالة التشويش والإرباك ومخاصمة التفكير العلمي.
وبخصوص النقطة الثانية، شدد "أبوالغيط" على ضرورة أن يكون الفكر العربي معاصراً، فيتجه إلى قضايا العصر، ولا يبقى أسيراً لأسئلة الماضي، مشدوداً إليها بسلاسل غليظة تَحُول بينه وبين الانطلاق إلى المستقبل.
ودعا المثقفين إلى الانغماس في "الأسئلة الكبرى"، مثل علاقة الإنسان بالتكنولوجيا، وعلاقته مع الطبيعة، ودور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وانعكاسها على تركيبة المجتمعات البشرية، وعلى ظواهر مهمة مثل: سوق العمل، والصراع العسكري، والتغير المناخي، ومستقبل الحياة على الكوكب، والعولمة.
أما فيما يخص النقطة الثالثة في "مثلث الفكر العربي الجديد"، فدعا الأمين العام لجامعة الدول العربية لأن يكون "الفكر الجديد عربياً بحق، بمعنى أن ينطلق الفكر الجديد من واقعنا العربي، وأن يدور في مداره، وأن يقف على أرضه، فلا يكون فكراً مستلباً أو مستورداً".
واعتبر "أبوالغيط" أن الخطوة الأولى نحو فكر جديد، هي "التحلي بالنظرة الواقعية التي لا تعني بأي حال التخلي عن الخيال أو الاستسلام لما هو قائم، ولكن أن يعبر فكرنا عن قضايانا نحن، وهمومنا نحن، لا عن تصورات منقولة ومنسوخة".
قد يهمك أيضاً:
أرسل تعليقك