أوجاع الحروب ترويها لوحات تشكيلي عراقي في القاهرة
آخر تحديث GMT17:55:09
 العرب اليوم -

عبر 25 عملًا في معرض "ذاكرة لا تُمحى"

"أوجاع الحروب" ترويها لوحات تشكيلي عراقي في القاهرة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "أوجاع الحروب" ترويها لوحات تشكيلي عراقي في القاهرة

الفنون التشكيلية
القاهرة - العرب اليوم

يجسد الفنان العراقي سيروان باران، بفرشاة غاضبة وضربات تصويرية متلاحقة، أوجاع الشعوب وانكساراتهم بسبب الحروب والصراعات على مسطحات لوحاته، فتبدو كما لو أنها «المتحدث الرسمي» للمهمشين والمقهورين، فجاءت أعماله التي يضمها معرضه «ذاكرة لا تُمحى» في غاليري «مصر» قاسية وصادمة في إطار مشروعه الفني الممتد الذي يجسد الحالة الدرامية الواقعية التي يعيشها شخوصه حتى تظل تُسرد للأجيال المختلفة.

يضم المعرض الممتد حتى 20 فبراير (شباط) الجاري، نحو 25 لوحة أكريلك على قماش، بين ثناياها يكمن الألم والأمل الناجمان عن الحرب، يقول الفنان في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «منذ فترة طويلة أهتم بطرح مخلفات الحروب وتأثيرها على البشر، وفي هذا المعرض أركز على جانب الانكسار داخل الإنسان بل داخل المؤسسة العسكرية نفسها، حيث تحول الأفراد إلى قلوب ممزقة، وأصبح السياسيون وحريتهم رهن السجن والاستبداد، وبات الجنود أسرى، ووسط ذلك كله أصبح الوطن مشتتاً ومهدداً».

ورغم أن الفنان سيروان المهموم دوماً بالحروب وأوجاعها قد تأثر كثيراً بواقع وطنه: «تجاوز عمري الخمسين ومنذ ميلادي حتى الآن يشهد العراق حروباً وصراعات لا تنتهي»، إلا أن أطروحاته حولها لا تقتصر على مكان أو زمان بعينه، يضيف قائلاً: «المعرض ليس شخصياً، أعمالي ليست وليدة معاناة وطني وحده، إنما هي عن ولكل دولة خاضت الحروب، إنني أنشغل وأعبر عن كل سجين رأي في العالم، وكل جندي حارب في العالم وكل لحظة ألم ووجع وأمل صاحبت الحروب وما تبعها في العالم بأسره».

يستوقفك في بعض الأعمال نعومتها وبساطتها في الوقت الذي تعد سرداً بصرياً لمآسٍ إنسانية تمس الأوطان ومستقبلها وناسها بكل تعقيدات الموقف إلا أن هذه النعومة هي قضية في غاية الخطورة، لأنها تنبه إلى مدى سلاسة وقدرة القهر على فرض نفسه وإذلال المقهورين، يقول الفنان العراقي: «القهر قد يكون ناعماً لدرجة نعجز عن تصورها، إن القوى المستبدة تمارس ظلمها بسهولة ويسر دون التفات إلى حقوق الناس وإنسانيتهم».

ويتبلور هذا الفكر في أعماله الفنية لا سيما في مجموعة «الحبس في الأزرق» التي حشد فيها مجموعة من المساجين في زيهم الأزرق، وتظهر فيها مساحة لونية زرقاء ممتدة، في دلالة على أنهم يعيشون واقعاً مشتركاً واحداً ومخزياً، وقد اقتادهم الاستبداد إلى عالم القهر بين جدران السجن، وهو ما أكده في لوحته «الخرس» حيث نلتقي بحشد آخر من المساجين بأرديتهم البيضاء الممتزجة بالرمال؛ فأصبحوا مثل نور ربما يحمل قدراً من الأمل هذه المرة: «حاولت أن أمنحهم شيئا من الأمل، أو أحفزهم على كسر انكسارهم، لكن هل يستطيعون»، لكنه بعد شحنة الأمل العابرة هذه، يعود ليذكرنا بأوجاع شخوصه عبر لوحتي «مشوه 1» و«مشوه 2» وكأنه يذكرنا أن ثمة تشوهات قد أصابت النفس فهل يمكن جبرها ذات يوم لا سيما أنها تشوهات داخلية تصرخ مطالبة بحقها في الحياة والحرية والعدل.

تشكل لوحات المعرض حالة صادمة موجعة للمتلقي حتى يشعر وكأن «الذاكرة التي لا تُمحى» هي ذاكرة بالضرورة مُحملة بالألم والمعاناة، لكن هل يمكنها أن تجتذب المتلقي؟ أجاب سيروان قائلاً: «لا أقدم فناً ليُعلق على الجدران، ويمنح البيوت شكلاً جمالياً، لكنني أعمل على إيقاظ الناس، وتجسيد عواقب الحروب، ولذلك ركزت على كل ما هو سلبي في الصراعات الداخلية أو الخارجية، وحاولت تقديم كل شخصية وبها نوع من الانكسار، لأن التاريخ حين يدون فإنه يسقط الكثير من التفاصيل وقد ينتقي المقهورين والمنكسرين»، لكن هل معنى ذلك أنه من الممكن أن تتحول اللوحة إلى وثيقة تاريخية؟... ينفي سيروان ذلك معتبراً أن: «الفن التشكيلي لا يمكن أن يكون خطابياً، مسطح اللوحة هو عالم في حد ذاته، لكن في الوقت نفسه لا ينبغي له أن يكون في معزل عن المجتمع والعصر».

يمثل المعرض لسيروان محطة مهمة في حياته الفنية، لأنه وفق قوله: «أول معرض فردي لي في مصر، بكل زخمها الفني والثقافي، وروادها وفنانيها المعاصرين، لقد حرصت على أن يكون حضوري الفني بها يليق بمستوى فنانيها وجمهورها ونقادها ومشهدها التشكيلي، وتسعدني للغاية الحفاوة البالغة بي وبأعمالي التي قدمتها لهم من خلال هذا المعرض».

قد يهمك أيضاً:
ملتقى تشكيلي في القاهرة يستلهم مفردات الهوية المصرية من خلال 34 لوحة
الشرطة البريطانية توجه اتهام لرجل حاول إتلاف لوحة بيكاسو في أحد معارض لندن
arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوجاع الحروب ترويها لوحات تشكيلي عراقي في القاهرة أوجاع الحروب ترويها لوحات تشكيلي عراقي في القاهرة



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 21:48 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة
 العرب اليوم - انسجام لافت بين إطلالات الملكة رانيا والأميرة رجوة

GMT 09:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان
 العرب اليوم - غضب صلاح من بطء مفاوضات ليفربول واهتمام من باريس سان جيرمان

GMT 09:23 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة
 العرب اليوم - نصائح قبل شراء طاولة القهوة لغرفة المعيشة

GMT 05:57 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

المحنة السورية!

GMT 07:17 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

اليمامة تحلّق بجناحي المترو في الرياض

GMT 19:01 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

6 قتلى في قصف للدعم السريع على مخيم للنازحين في شمال دارفور

GMT 22:51 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الإسرائيلي يأمر بإخلاء شمال خان يونس "فوراً" قبل قصفه

GMT 20:03 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

القبض على موظف في الكونغرس يحمل حقيبة ذخائر وطلقات

GMT 20:27 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

دعوى قضائية على شركة أبل بسبب التجسس على الموظفين

GMT 22:06 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

إيقاف واتساب في بعض هواتف آيفون القديمة بدايةً من مايو 2025

GMT 08:16 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

وفاة أسطورة التنس الأسترالي فريزر عن 91 عاما

GMT 18:35 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

العراق ينفي عبور أي فصيل عسكري إلى سوريا

GMT 18:29 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

قصف إسرائيلي على مناطق جنوب لبنان بعد هجوم لحزب الله

GMT 17:20 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

هنا الزاهد توجه رسالة مؤثرة إلى لبلبة

GMT 18:45 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس الفرنسي في الرياض

GMT 11:32 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الاحتلال ينسف مبانى بحى الجنينة شرقى رفح الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab