سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية
آخر تحديث GMT14:41:46
 العرب اليوم -

ما بين القصر الأحمر و"خزام" الفن يُعيد رواية التاريخ

سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية

قصر خزام
جدة - العرب اليوم

ينتظر زائر قصر خزام بحي النزلة في مدينة جدة أكثر من مفاجأة، فالقصر الذي فتح جانبا من غرفه للزيارة يعد تحفة معمارية ظلت بعيدة عن أعين الناس لسنوات طويلة، والتجول داخله يمثل متعة حقيقية تعود بنا لأزمان مضت ولأساليب معمارية عريقة بها من الفخامة ومن التراث الكثير، أما المفاجأة الثانية فهي أن عددا كبيرا من تلك الغرف احتضن معرضا فنيا يغزل من التاريخ المعاصر لبناء القصر ولسنواته الطويلة، منسوجة ثرية تحاور التاريخ وتفسره بل وتعيد تخيله.

ينقسم المعرض وهو للفنان السعودي سلطان بن فهد، وعنوانه «القصر الأحمر»، إلى سبعة فصول: القصر الأحمر، و1979، والأيدي العاملة، وحرب الخليج، والاقتصاد المقدس، وعشاء القصر، والمصلى، وتم تأطير الأعمال في هذه الفصول ضمن الأحداث التاريخية والسياسية التي وقعت خلال فترة استخدام القصر، وخلال الجولة، التي ضمت فريقا من الإعلاميين العرب والعالميين، صاحبنا الفنان شارحا لنا أبعاد أعماله الفنية التي تبدأ من مدخل القصر، حيث تخطف أبصارنا ثريات قديمة متكسرة ومكومة على الأرض؛ تبدو الثريات كأنها ترانيم من ماضٍ بعيد، وحتى بعد تحولها لقطع صغيرة وفقدانها لوظيفتها الأساسية في إضاءة الغرف الشاسعة، لا تزال تحتفظ ببريقها وبرونق حزين.

يقول الفنان إنه جمع عددا كبيرا من الثريات المهملة، ووجد بعضها الآخر في الأسواق، ونسقها داخل أقفاص حديدية كانت تستخدم كإطارات لأجهزة التكييف. وحتى بهذه التفصيلة يتوغل العمل في الذاكرة الشعبية، ويلمس كل شخص عاصر مثل تلك الثريات أو إطارات المكيفات. يقول الفنان: «عنوان العمل هو (إلى التراب)، والفكرة هنا هي إعادة تلك القطع التي قضينا معها أوقاتاً طويلة، نعيد استخدامها ونعيد الاهتمام لها». وربما بهذا المعنى يمكننا إكمال عبارة «إلى التراب» بعبارة «من التراب وإليه نعود»، لتكتسب القطعة معاني إضافية متراكمة تحت حبات الكريستال اللامعة الملقاة أمامنا.

اقرأ أيضا:

هيئة السياحة السعودية تعلن عن اكتشافات أثرية جديدة في منطقة الرياض

يقودنا الفنان لحجرة مجاورة ذات إضاءة خافتة، تحتل الأرضية بها مجموعة ضخمة من سجادات الصلاة قديمة التصميم. هي مثل سجادات الصلاة التي استخدمها الفنان وجيله كله، يقول: «سجادات الصلاة يمكن اعتبارها غلالة من الأمان التي تغلف مستخدمها، والعلاقة بينهما علاقة خاصة جداً تعبر عن الارتباط الروحي. بالنسبة لجيلي كانت سجادة الصلاة حاضرة في كثير من لحظات الحياة اليومية، إلى جانب استخدامها الأساسي للصلاة، كنا نعتبرها بمثابة حقيبة مدرسية نضع كتب الدراسة داخلها ونحملها للمدرسة، ونحملها معنا للجلوس عليها في الرحلات البرية.

أردت هنا أن أعبر عن تلك العلاقة الخاصة بين الشخص وبين سجادة الصلاة. واخترت أن أعبر عن عبارة نقولها بعد الصلاة وهي (اللهم أنت السلام ومنك السلام)». لم يكتب الفنان العبارة على السجاد، ولكنه عبر عنها بوضع حركات التشكيل بأسطوانات مضاءة تنتثر على السجاد أمامنا: «أردت أن أخلق طريقة لتجسيد صوت الدعاء، ولهذا استخدمت حركات التشكيل، ويمكن للناظر أن يحاول تكوين الأحرف في ذهنه حسب التشكيل المضاء أمامه». وبهذه الطريقة نجد أن الارتباط الذي أراد الفنان التعبير عنه بين الإنسان وسجادة الصلاة، يتحول من علاقة بين اثنين، ليدخل فيها زائر المعرض، ويكوِّن هو أيضاً علاقته الخاصة مع كل ذلك السجاد الملون أمامه.

يعتمد العمل الثالث أيضا على جمع مقتنيات قديمة، وتنسيقها بشكل يعبر عن تأملات الفنان، وتفسيره للحظات مضت من التاريخ، فهنا نجد مجموعة من «الزمزميات»، وهي قوارير للماء مصنوعة من الألمنيوم، ومرسومة عليها بألوان متنوعة مناظر مختلفة مرفقة بكلمات، يقول إن القوارير التي جمعها من الأسواق الشعبية كان الحجاج والمصلون يبتاعونها من أسواق مكة المجاورة للحرم، ويملأونها بماء زمزم، ولكن مع توسعة الحرم وإغلاق عدد كبير من البوابات المطلة على الأسواق، تراجعت مبيعات القوارير، وأصبح ماء زمزم يوضع في حاويات ضخمة داخل الحرم لمن يريد الشرب أو تعبئة زجاجات المياه منه.

في الطابق الثاني من القصر، تمتد طاولة طعام حافلة بالأطباق وأدوات الأكل الفضية في شكل جميل، هي مأدبة ضخمة، ولكن بطعم ومنظور مختلف. في هذا القسم المعنون: «عشاء القصر»، يفرد الفنان مراحل الاستعداد لمأدبة في القصر ضيوفها العاملون في القصر، وعبر عروض فيديو نرى الاستعدادات تجري في المطابخ، أيضاً نرى العاملات وهن يتزين لحضور المأدبة. هي مأدبة استثنائية، سواء من حيث الضيوف، أو من حيث المكان، وأيضاً بأدوات الطعام التي تحمل شعار المملكة العربية السعودية، وأيضاً بطاولة الطعام الممتدة أمامنا، وبالاقتراب منها نجد أنها مجموعة من المناضد الصغيرة المصطفة، وربما تكون هي الطاولة الكبيرة نفسها، وقد قطعت لتصبح موائد كثيرة. ما الذي تعنيه المرايا الأثرية الملقاة على الأرض خلف الطاولة، أو تلك المقاعد المغلفة بالسجاد، ووضعت على أطراف الحجرة، أسئلة واستفهامات ستثور في ذهن الناظر، وربما تحتاج منه للجلوس في جو تلك المأدبة لفهم الإيحاءات الفنية، ووضعها داخل إطار المعرض ككل.

عموماً، معرض «القصر الأحمر» يعبر عن سلسلة من التساؤلات المادية النقدية حول الأحداث التاريخية للمنطقة، وتعود تسمية المعرض على اسم مقر نسخته الأولى في القصر الأحمر في مدينة الرياض، الذي شكّل حينها رمزاً جمالياً وحضارياً في ذروة الحداثة في البلاد، وقد تم اختيار قصر خزام بجدة، الذي كان يشكل قبلة جدة الحكومية، موقعاً لمعرض «القصر الأحمر»، تقديراً لما يمثله القصر من قيمة وطنية مهمة في تاريخ المملكة، فقد كان أول مقر لإقامة الملك عبد العزيز، كما شهد توقيع أول اتفاقية للنفط بين المملكة والولايات المتحدة الأميركية عام 1933، وهذه القيمة تلتقي مع فكرة معرض «القصر الأحمر» من حيث احتفائه بمعلم تاريخي آخر.

يمثل المعرض أول استخدام للمبنى، على هذا المستوى، منذ أن تم إغلاقه في أواخر الثمانينات، وتتوزع أعمال سلطان الفنية الحديثة إلى مجموعة من المعروضات، كالفيديو والمنحوتات والصور الفوتوغرافية والأعمال التركيبية، وقد استثمر الفنّان في جمع التذكارات والآثار التاريخية والأشياء المهملة من مواقع مختلفة من جميع أنحاء المملكة العربية السعودية، حيث يقوم بإنشاء المنحوتات والأعمال التركيبية من هذه المواد مستحضرّاً جوهرها وطاقتها التحويلية، وفي العرض لمحات جمالية عالية ومعانٍ كثيرة مبطنة داخل كل قطعة، ولا شك أن قصر خزام بتاريخه ومعماره يمثل عنصراً مهماً من عناصر العرض، ومن قوة جاذبيته.

قد يهمك أيضا:

"التراث السعودية" تشارك في معرض ملتقى الاستثمار السياحي

اليوسف تؤكد أن تراث السعودية ثروة كبيرة لكل مبدع

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية سلطان بن فهد يجمع التذكارات والأشياء المهملة لتكوين أعمال موحية



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:57 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
 العرب اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 11:26 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا
 العرب اليوم - وزيرا خارجية فرنسا وألمانيا يتفقدان سجن صيدنايا في سوريا

GMT 00:21 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة
 العرب اليوم - مشروب طبيعي يقوي المناعة ويحمي من أمراض قاتلة

GMT 14:11 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
 العرب اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"

GMT 05:19 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

جنوب السودان يثبت سعر الفائدة عند 15%

GMT 19:57 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 09:06 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

القضية والمسألة

GMT 09:43 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

استعادة ثورة السوريين عام 1925

GMT 09:18 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

الكتاتيب ودور الأزهر!

GMT 10:15 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

لماذا ينضم الناس إلى الأحزاب؟

GMT 18:11 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

النصر يعلن رسميا رحيل الإيفواي فوفانا إلى رين الفرنسي

GMT 18:23 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

حنبعل المجبري يتلقى أسوأ بطاقة حمراء في 2025

GMT 21:51 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

انفجار سيارة أمام فندق ترامب في لاس فيغاس

GMT 22:28 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

27 شهيدا في غزة ومياه الأمطار تغمر 1500 خيمة للنازحين

GMT 19:32 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صاعقة تضرب مبنى الكونغرس الأميركي ليلة رأس السنة

GMT 10:06 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

صلاح 9 أم 10 من 10؟

GMT 08:43 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

باكايوكو بديل مُحتمل لـ محمد صلاح في ليفربول

GMT 06:02 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

ريال مدريد يخطط لمكافأة مدافعه روديجر

GMT 00:30 2025 الخميس ,02 كانون الثاني / يناير

25 وجهة سياحية ستمنحك تجربة لا تُنسى في عام 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab