فيما يعدّ قصة شغف ووفاء انعكست على مشوار عمر طويل، حافظ المقتني والوسيط الفني الفرنسي من أصل لبناني كلود لاماند على عشقه للفن العربي ودعم فنانين كثيرين مروا على صالته الفنية في باريس. وتبرع بـ1300 لوحة منها لصالح متحف معهد العالم العربي في باريس منذ عامين، واليوم يضيف 44 لوحة يعرضها للبيع في المزاد ليخصص دخلها لصالح صندق لدعم الفنانين العرب في المنشأة الباريسية المعنية بالفن والثقافة العربيتين.
في لقاء أجرته معه الخبيرة بدار كريستيز، فاليري هيس، عام 2018 لموقع "آرت بحرين" قال لاماند "بمجرد أن افتتحت الغاليري الخاص بي في باريس كان هناك أمر واضح: أمامي مهمة تقديم الفنانين العرب للعالم الغربي وضمان الاستمرارية للفن العربي. باريس سمحت لي بالنجاح في مهمتي، وأن أحقق طموحاتي بعد أن رأيت بلدي الأصلي يتمزق بفعل الحرب الأهلية".
والمزاد الذي تقيمه "كريستيز" في 24 من يونيو (حزيران) الحالي عبر موقعها الإلكتروني يهدف لدعم الصندوق الذي أقامه لاماند في معهد العالم العربي لدعم الفنانين العرب. لكن، لماذا معهد العالم العربي بالتحديد؟ في حديثه مع فاليري قال لاماند، إن هدفه من التبرع بمجموعة كبيرة من الأعمال الفنية لصالح معهد العالم العربي هو أن يكون المعهد "أضخم متحف يمثل الفنانين من العالم العربي"، مضيفًا "نتمنى أن أعمال الفنانين العرب التي سحرتنا خلال أعوام طويلة والتي تثري المتحف بتفردها، ستكون محط إعجاب مليون زائر في العام".
ترى فاليري هيس، أن كلود لاماند يرعى الفنانين الذين يمثلهم عبر صالته الفنية في باريس مثل "أطفاله، فهو قلق عليهم بعد رحيله عن الدنيا، ولهذا خصص صندوق لدعمهم في معهد العالم العربي ولهذا أيضًا تبرع بـ1300 عمل من أعمالهم منذ عامين وهو السبب وراء المزاد الذي نقيمه في كريستيز، فهو يريد أن يكون مطمئنًا من أن الصندوق سيستمر في دعم هؤلاء الفنانين".
من الأعمال الموجودة في المزاد تخص هيس بالذكر تسعة، لها أهمية خاصة لدى كلود وفرانس لاماند: "كلف كلود وفرانس تسعة فنانين عرب لعمل لوحات تعبر عن شعورهم بعد الحريق الذي أصاب كنيسة نوتردام في باريس. ورأى لاماند أن هذا التكليف له معنى، خاصة بسبب صلة الجوار بين معهد العالم العربي وكنيسة نوتردام التي يطل عليها مباشرة. كانت النتيجة مجموعة من الأعمال مختلفة الطابع، عبر من خلالها فنانون مثل العراقي ضيا عزاوي عن مأساة خارج بلده، بعد أن عبر كثيرًا عن مآسي بلده العراق".
باقي الأعمال المعروضة في المزاد نفذها 24 فنانًا عربيًا من المشرق والمغرب، إضافة إلى فنان ياباني وهو قريب جدًا من كلود ومصور فرنسي.
أعلق بأن الحرص على العناية بالفنانين العرب وأعمالهم بهذا الشكل يعبر عن الإخلاص والتفاني الجميل، وتجيب هس قائلة "بالفعل، قليل من الأشخاص من يبدي هذا الحب والإخلاص. كلود بدأ منذ 30 عامًا وبدأ من الصفر، وأعتقد أنها المهمة الأولى في حياته، فهو دائمًا يقول (اللوحات والفنانون هم أطفالي)، وهاجسه أن يكون إرثه هو أن يستمر هؤلاء الفنانون في العمل، وأن تستمر حركة الفن في الشرق الأوسط رغم الاضطرابات السياسية وخمول السوق الفنية في المنطقة".
ويهدف صندوق كلود وفرانس لاماند لدى معهد العالم العربي لتوفير الأموال لشراء مقتنيات جديدة وتنظيم المعارض وتنفيذ الأبحاث وطباعة كاتالوغات المعارض، إضافة إلى معاونة الفنانين الصاعدين الذين في حاجة إلى الدعم بسبب الظروف الحالية التي فرضها فيروس "كوفيد – 19".
المزاد ينطلق على المنصة الإلكترونية للدار ويستمر حتى 16 يوليو (تموز) المقبل، وتتراوح قيمة الأعمال ما بين 1000 يورو و40 ألف يورو من الفنانين الذين ستعرض أعمالهم في المزاد اللبناني شفيق عبود، وهو من أهم الفنانين في منطقة الشرق الأوسط وعبر حياته الفنية مثلت أعماله جسرًا فنيًا ما بين فرنسا التي انتقل للعيش فيها في عام 1947 وبلده الأم لبنان. كما يضم المزاد ثلاثة أعمال للفنان العراقي ضيا عزاوي، منها عمل بعنوان "البحث عن رمز" و"حرف عربي"، إضافة "تحية إلى نوتردام". وتقدم الفنانة المغربية ناجية مهداجي عملها الذي نفذته عن حريق نوتردام بعنوان "العذراء والطفل".
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
مركز "إثراء"يثري مجتمع الثقافة بمجلة "إثرائيات" الرقمية
"إثراء" يطلق معرض"أن تكون سعوديًا" لاستكشاف التراث في المملكة
أرسل تعليقك