كابول ـ العرب اليوم
الفنون بأنواعها غذاء للروح ولحن للحياة، لكنها سلاح في وجه الظلام أينما حلّ أيضا، وفي أفغانستان تعهّد جيش من الفنانين الشباب بمقاومة أعداء الحياة بإبداعاتهم على الرغم من أنهم غادروا البلاد بعد استيلاء طالبان على الحكم الشهر الماضي. وبعد استيلاء حركة طالبان على كابول الشهر الماضي، أخذت الفنانة سارة ذات الأعوام الستة والعشرين الأطباق الطينية التي كانت ترسم عليها صور أفغانيات ملهمات ورمتها أرضا، فهي على قناعة بأن “لا مستقبل في البلد” لها بعد الآن. وتخبر الشابة التي فضّلت عدم الكشف عن اسمها الحقيقي “الفنّ بالنسبة لي هو أن أعبّر عن كلّ ما أعجز عن التعبير عنه بالكلمات. ويتعلّق الأمر خصوصا بالعنف ضدّ النساء”.
وفي عهد حركة طالبان السابق، تعرّضت النساء للقمع وحظرت الموسيقى ودُمّرت القطع الفنية والتراثية بما في ذلك تفجير تماثيل قديمة لبوذا. ويستولي الذعر على سارة، شأنها في ذلك شأن فنانين كثر أتلفوا أعمالهم أو موسيقيين حطّموا آلاتهم الموسيقية. وتقول سارة “الفنّ حياتي. ولا مستقبل لي في البلد بعد الآن”، وهي بنت جيل شاب يتقن استعمال شبكات التواصل الاجتماعي. وتنوي مع غيرها من الفنانين استخدام الفنّ وسيلة للتنديد بحركة طالبان، في نطاق تعاون مع جيش من رسّامي الغرافيتي لنشر هذه الرسالة.
وتصرّح “أريد أن أخرج ليلا لأرسم على الجدران رسوما ضدّ طالبان”. مريم فنانة أخرى في التاسعة عشرة من العمر فضّلت هي أيضا عدم الكشف عن اسمهما الحقيقي تعتزم نشر أعمال رقمية للتنديد بطالبان عبر إنستغرام، مثل منشور لفتاة صغيرة تفتح البرقع من الأعلى لتخرج منه حمامات.
وتقول الشابة “الفنّ يحتضر في أفغانستان. ولن أتوانى عن النضال ضدّ طالبان، ليس بالأسلحة لكن بابتكاراتي”.
وبات رامين مزهر الذي كان طفلا عندما كانت طالبان تمسك بزمام السلطة. في عهد حركة طالبان السابق، تعرّضت النساء للقمع وحظرت الموسيقى ودُمّرت القطع الفنية والتراثية بما في ذلك تفجير تماثيل قديمة لبوذا وبعد عقدين من الزمن، بات من أشهر الشعراء في أفغانستان وهو يعيش اليوم في فرنسا.
يقول “لست خائفا لا من الحبّ ولا من الأمل ولا من الغد”، وهو بيت استحال شعارا للشباب الأفغاني. ويتابع “أوجّه إليكم قبلة وسط طالبان، لا تخافوا”. وقد شوهدت أشعاره التي تمّ تلحينها أغنيات مئات الآلاف من المرّات على “يوتيوب”، لكن عندما بحث عنها الشاعر مؤخرا اكتشف أنها سحبت من الإنترنت. غير أن رامين مزهر يرفض الاستسلام.
وتنوي الفنانة رضا أكبر من جهتها تنظيم معرض لرسوم مصغّرة في باريس، تظهر من خلاله أن “طالبان لا تمثّل فعلا أفغانستان وهي لا تمثّل لا تاريخ البلد ولا ثقافته”. وقد لجأت الممثلة ياسمين يرمال إلى فرنسا الشهر الماضي مع عائلتها، شأنها شأن العشرات من الممثلين الذين فرّوا من البلد. تقول “من شأن الفنّ أن يجعل الناس أكثر انفتاحا، فلا عجب في أن تكون حركة طالبان تخشى الفنانين”. وتكشف الممثلة سودابا أنها تلقّت تهديدات عبر اتصالات هاتفية، وهي تعيش “كابوسا”. وتخبر قائلة “أنا ضمن مجموعة على واتسآب أنشئت للفنانين. ويقال إن حركة طالبان أعدّت قائمة من الأشخاص الذين تطالب بهم وأخشى أن أكون منهم”. غير أن فرشاد، وهو أحد مؤسسي جمعية “آرتلوردز” الأفغانية التي سبق لها أن كست جدرانا في كابول بالمئات من الرسوم المروّجة للسلام وحقوق النساء، لم يفقد الأمل بعد.
وهو يلفت إلى أنه في وسع الناس النفاذ إلى الفن والموسيقى والأفلام عبر الإنترنت. ويقول “يأتيك العالم بكبسة زرّ، لذا سيكون من الصعب جدّا على حركة طالبان التضييق على الفن”. ويعيش فرشاد اليوم في باريس وهو ينوي استخدام اسم مستعار، لأنه يريد العودة إلى كابول لمساعدة فنانين آخرين في الهروب. ويقول “لا أظنّ أن الفنّ سيموت في أفغانستان. وأنا على قناعة بأن حركة طالبان ستزول في يوم من الأيام لكن الفن سيبقى صامدا”.
قد يهمك ايضا
"طالبان" تلغي وزارة شؤون المرأة وتستبدلها بوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حركة طالبان تلغي وزارة المرأة وتحولها الى وزارة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
أرسل تعليقك