بغداد – نجلاء الطائي
بغداد – نجلاء الطائي
أكّد وكيل وزارة الثقافة فوزي الأتروشي، في مؤتمر عن حقوق الأقليات في العراق، عقد في بغداد أن نسبة 20% من سكان مدينة بغداد عام 1921 كانوا من اليهود، موضحًا أن هذا المكون الآن أصبح مجرد أرشيف، محذّرًا من خطر تشظي العراق، مبينًا أن الأقليات العراقية كالمسيحيين والصائبة في تناقص مستمر،
ويتعرضون للإقصاء.
وأوضح الأتروشي، في كلمة له في افتتاح المؤتمر، الذي عقد في بغداد، الأحد، بمناسبة "يوم التسامح العالمي"، أن "التسامح ليس كلاماً يطلق، وخطاباً يلقى أو مؤتمر يعقد، فمنذ عام 2003 ولغاية الآن ألقيت المئات من الخطب الرنانة، والكلام الكثير، وانعقدت مؤتمرات عديدة ذهبت إدراج الرياح".
وأضاف "حين دخل الملك فيصل الأول بغداد عام 1921 كان 20% من سكان المدينة من اليهود العراقيين، والأن ونحن في العام 2013 فإن هذا المكون العراقي تحول إلى مجرد أرشيف، نحاول استلامه من الولايات المتحدة الأميركية، بعد إصلاحه وترميمه، ولم يعد لهم وجود بيننا".
ولفت إلى أن "معظم يهود العراق، الذين يرجع وجودهم فيه إلى نحو 2500 عامًا، بعد السبي البابلي، في عهد ملك بابل نبوخذ نصر الثاني، هاجروا من العراق إلى أرض فلسطين المحتلة، ودول أخرى، عام 1954، عقب صدور قرار من الحكومة العراقية، بقيادة عبد الكريم قاسم، يسمح لهم بالهجرة مقابل إسقاط الجنسية العراقية، وترك الممتلكات، بعد أن قامت منظمات صهيونية بتفجير عدد من معابدهم، وأماكن تجماعاتهم، وإثر تصاعد المد القومي العربي في العراق، الذي تسبب في مضايقات تجاههم، أبرزها ما عرف بفرهود عام 1941".
واعتبر الاتروشي أن "حقوق الأقليات والمكونات العراقية والتسامح هي ثقافة وتربية وسلوك تطبيقي على أرض الواقع، ودون ذلك تتحول الاجتماعات إلى شعارات ومزاعم عن واقع غير موجود".
وبيّن وكيل وزير الثقافة أن "التسامح والتعايش هو الأرضية المشتركة والقاسم المشترك الأعظم بين كل الأديان والشرائع والمواثيق الدولية، وتتطلب قبل كل شيء تجسيداً ملموساً وتلقائياً على الأرض".
وحذّر من أن "الأقليات في العراق في خطر"، لافتًا إلى أن "هذا ما يدعونا للنهوض جميعًا ومعاً، بغية التغيير وبناء دولة متحضرة مرتبطة بالعالم الراهن، وليست بالماضي".
وأشار إلى أن "العراق أمام مفترق طرق، فإما نتعايش ونتصالح على أرضية دولة المواطنة والحقوق المدنية والديمقراطية، أو نتشظى، ومعنا يتشظى وينقسم الوطن، مثلما حدث في شيكوسلوفاكيا، ويوغوسلافيا، وغيرها من الدول".
وعن عدد المسيحيين، الذين وصفهم بأنهم "جذر تأريخي لهوية الوطن"، حذّر من أنهم "في تناقص مستمر يومياً، وكذلك الصابئة المندائيون، الذين يشكلون أحد أعرق المكونات العراقية"، مبينًا أنهم "يتعرضون إلى الإقصاء والتهميش، وهكذا حال المكونات العراقية الأخرى".
وذكر أنه "حتى الشعب الكردي، وهو المكون الثاني في البلد، لم يكن ليبقى لولا جبال الإرادة والتحدي التي فيه، حيث تعرض على يد النظام السابق إلى أبشع حرب عنصرية هددت وجوده".
واستطرد قائلاً "إننا في وزارة الثقافة معنيون بالحفاظ على التنوع والتعددية والتعايش بين شرائح ومكونات الشعب العراقي الأثنية والدينية والطائفية والفكرية، لأن ذلك طريقنا لنسج الهوية الوطنية الثقافية العراقية القائمة على ثقافة التنوع، عوضًا عن ثقافة النوع الواحد".
وأوضح أن "كل أسس التربية والقوانين الصادرة عن البرلمان وهياكل ومؤسسات الدولة لابد ان تكون قائمة على حقيقة صيانة التنوع في العراق ضمن الوحدة وعلى حقيقة التسامح والتعايش والحوار واللاعنف، وبخلاف ذلك تتحول المؤتمرات إلى مجرد حبر على ورق".
وشدّد على أن "التسامح لكي يكون واقعًا لابد أن يقترن بفعل الاعتذار، اعتذار الغالبيات من الأقليات، ما يوفر الأجواء والبيئة النقية للتصالح، كل تجارب الشعوب المتحضرة تثبت ذلك".
أرسل تعليقك