الشارقة ـ أحمد ناصر
أكَّد عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أن المسرح قلب المدينة النابض وميدان رائع للتعبير عما تزخر به الحياة الاجتماعية من أذواق العصر، والأفكار والطموحات الجديدة، وأن الشارقة أولت المسرح عناية فائقة لإيمانها بأن المسرح مدرسة للأخلاق والحرية. وجاء ذلك خلال حفل افتتاح الشيخ وبحضور
ولي عهد ونائب حاكم الشارقة الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمي فعاليات الدورة السادسة من مهرجان المسرح العربي، ليلة السبت، في القاعة الكبرى في قصر الثقافة تحت شعار "نحو مسرح عربي جديد ومتجدد".
وفي مستهل كلمته رحَّبَ حاكم الشارقة بضيوف المهرجان والحضور قائلاً "مرحبًا بكم في دولة الإمارات العربية المتحدة، هذا البلد الذي أصبح كجواد منطلق من دون لجام، ونحن من هنا كمسؤولين في هذا البلد نحاول أن نصل ليس بدولتنا فحسب ولكن بالوطن العربي ككل أينما كان هناك نقص من الخير امتدت الأيادي الندية، وأين ما كانت هناك خطورة كانت صدورنا الحانية، نحن من هنا نرفع آيات الشكر للشعب المصري الذي سطر أروع انواع الكفاح ليس الكفاح بالسلاح ولا بالصراع وإنما بالفكر، وغدا تبدأ المسيرة في مصر مسيرة الخير مسيرة العطاء مسيرة الفكر مسيرة القيادة العربية لنا جميعًا، فلتحيا مصر".
وأوضح "عندما أُبتليت بلادنا العربية خلال السنتين الماضيتين بما يسمى بـ "الربيع العربي" كانت الصحافة والمقالات النقدية والإشهار بالصور تضخِّم تلك الأحداث وتعطيها صدى بعيدًا وقتها كان المسرح غائبًا عن كل الأحداث، ويرجع السبب في ذلك للحكومات الثورية التي لم تسعَ إلى استخدام المسرح لتربية الرأي العام، لأن تلك الوسيلة قد استهلكت بسوء استغلالها، وأصبحت غير مجدية، فقد خمد شغف الجمهور بها في الوقت الذي خمدت فيه مشاعر الجمهور الوطنية، واصبح الجمهور يفضل التلهيات، وهكذا حدث تحول من الطقوس الوطنية للمسرح إلى الهزليات التي تتناول الأخلاق والعادات".
وأشار حاكم الشارقة في كلمته إلى مكانة إمارة الشارقة ومساعيها في خدمة الفن والمسرح قائلاً "واليوم وقد تقرر أن تكون الشارقة مقرًا لملتقيات مهرجان المسرح العربي، حيث تسمح للطلائع المختلفة من الفرق المسرحية بالالتقاء والتعارف على أرضها، حيث تختلط كل أنواع الفنون فهي المدينة – المنارة مركز الذوق الفني ومكان التعبير عن المقاومة التي تبديها الأفكار التنويرية ضد الأفكار الظلامية".
وأوضح الشيخ أن أهمية المسرح في الشارقة ترجع إلى أنه يقع في ملتقى مشروعين كبيرين لنهضة ثقافية لتحقيق هدفين: احتفالي وتربوي فالأعياد تمجِد لمدة يوم حدثًا تاريخيًا قريبًا أو بعيدًا، أما المسرح فإنه يعكس الاحتفال، ويمدد آثاره في ربوع البلاد وتدل المسرحيات على هذا الهدف المزدوج بأحداث تاريخية وأحداث وطنية وتسليات وطنية وارتجالات شعرية ولوحات وطنية".
وأعلن " كانت العناية بالمسرح في الشارقة فائقة، فقد كانت هناك الأعمال الفنية الحرة التي تجمع بين الطبيعي وبين الحيل والزخارف المسرحية، وقد تم تجديد اللعبة المسرحية بجعل الإلقاء طبيعيًا أكثر، والاهتمام بحقيقة الأزياء المسرحية".
وأكَّد في كلمته " كان كل مكسب جديد في ميدان الفكر أو الذوق أو كل خسارة في ميدان التخاذل والهوان يجد ترجمته في حدث مسرحي بالتعبير المباشر أو جعل الحقيقة تعبر عن نفسها من خلال أقنعة القصة التاريخية".
واختتم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي كلمته موجهًا المسرحيين للنهوض بالمسرح قائلا "فيا أهل المسرح تعالوا معنا لنجعل المسرح مدرسة للأخلاق والحرية".
وحضر وقائع حفل افتتاح المهرجان إلى جانبهما كل من وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ورئيس مكتب الحاكم الشيخ عصام بن صقر القاسمي ومدير عام مكتب الحاكم الشيخ سالم بن عبد الرحمن القاسمي ومدير عام دائرة الطيران المدني الشيخ خالد بن عصام بن صقر القاسمي والشيخ محمد بن حميد بن محمد القاسمي.
وشَهِد الحفل وزير التربية والتعليم حميد بن محمد عبيد القطامي ورئيس الديوان الأميري في الشارقة راشد أحمد بن الشيخ وقائد عام شرطة الشارقة اللواء حميد الهديدي ورئيس المجلس البلدي لمدينة الشارقة سالم عبيد الحصان الشامسي ورئيس دائرة الثقافة والإعلام عبد الله بن محمد العويس والمستشار في مكتب الحاكم جمال الطريفي ومستشار حاكم الشارقة لشؤون التعليم العالي الدكتور عمرو عبد الحميد وأمين عام الهيئة العربية للمسرح مدير المهرجان الأستاذ إسماعيل عبد الله ومسؤولي الثقافة والمسرح في دولة الإمارات، وبمشاركة 330 مسرحيًا من الوطن العربي، وبمشاركة دولية لافتة، إلى جانب جمع غفير من ممثلي وسائل الإعلام المختلفة.
وجرى خلال حفل الافتتاح تقديم عرض مسرحي راقص بعنوان "الحاسة السابعة " وهو أحد العروض المستضافة في المهرجان من تقديم مسرح أنارشي الراقص من جمهورية تايوان.
وبعدها تفضل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي يرافقه أمين عام الهيئة العربية للمسرح بالصعود إلى المسرح لتكريم الشخصية المسرحية العربية المكرمة لهذا العام، حيث كان اللقب في هذه الدورة من نصيب الفنان الإماراتي القدير محمد عبد الله آل علي.
وفي هذه المناسبة أكَّد الفنان المكرم محمد عبد الله آل علي أن هذا التكريم ليس بغريب عليه، خصوصا عندما يكون من حاكم الشارقة، فلقد اعتبر فترة عمله في الشارقة والتي استمرت لأكثر من 30 عامًا هي أكبر وأعظم تكريم له، وأثنى على الدور الكبير لحاكم الشارقة في ما تحقق للمسرح محليًا وعربيًا، مشيدًا بالجهود المبذولة من قبل الهيئة العربية للمسرح في ترجمة وتنفيذ توجيهات الشيخ المنصبَّة في تقديم كل ما من شأنه الارتقاء بالمسرح والمسرحيين.
وعقب ذلك ألقى الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان كلمة له خلال الحفل قال فيها " احييكم ويسعدني كثيراً أن أكون معكم الليلة في حفل افتتاح هذه الدورة السادسة لمهرجان المسرح العربي هنا في إمارة الشارقة، التي أصبحت بحمد الله منارة ثقافية حقيقة في الدولة والمنطقة على السواء- هذا المهرجان الذي ينعقد في ظل الرعاية الكريمة لعضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وهو كما يعلم الجميع قامة شامخة في مجال الفكر والثقافة والإبداع في هذا الوطن العزيز بل في المنطقة كلها – إنه يسعدني في هذه المناسبة أن أتقدم باسم هذا المهرجان بأسمى آيات الشكر والإمتنان لكم يا وفاءً وتقديراً لأدوراكم الرائدة والمتجددة في مجال الثقافة والأداب ولا سيما هذه الجائزة المرموقة التي يمنحها المهرجان: جائزة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لأفضل عمل مسرحي عربي على دور المسرح في إذكاء الثقافة والارتقاء بها إلى آفاق أوسع وأرحب - نشكرك يا حاكم الشارقة على هذه المبادرة السامية بتخصيص هذه الجائزة التي نعتز بها إلى أبعد الحدود".
وأوضح "مرحبا بكم جمعياً في دولة الإمارات العربية المتحدة هذه الدولة التي أصبحت وبحمد الله في ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ـ أصبحت دولة رائدة ومتقدمة تمثل مشعلاً للحضارة ومنارة للمعرفة ورمزاً حيًا للتواصل مع الجميع، في إطار ينفتح على العالم ويحفظ الهوية ويعتز بالثقافة، كما يتمسك بكل ما هو عربي وإسلامي أصيل- نحن دولة تحرص على أن يكون للتنمية الثقافية والارتقاء بها إلى المستويات العالمية الرفيعة أولويةٌ قصوى على خارطة العمل الوطني- إن طموحتنا في هذا المجال كبيرة وآمالنا في تحقيقها غير محدودة، من خلال قوة ثقتنا في قادة هذا الوطن، وهم جميعاً يبذلون قصارى جهدهم من أجل إحداث نقلة نوعية في هذا المجال، بكل ما يتطلبه ذلك من دعم وتأييد على مستويات المجتمع كافة".
وأعلن قائلا "انتهز هذه المناسبة لأرفع باسم جميع المشاركين في هذا المهرجان عظيم الشكر وبالغ التقدير والاحترام إلى رئيس الدولة وهو الذي نعتز دائما ونفتخر بقيادة الرشيدة وتوجيهاته الحكيمة، كما نتقدم بعظيم الشكر والتقدير إلى الشيوخ أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان نقدر لهم جميعاً حرصهم الكبير على أن تكون دولة الإمارات العربية مثالاً صادقاً ونموذجاً رائداً للأداء الثقافي الناجح والتنمية الفكرية المرموقة".
وبيّن " إننا في هذا المهرجان أيها الأخوة والأخوات إنما ندرك أن المسرح هو أبو الفنون كلها كان له وما زال صدارته على جميع الفنون الأخرى- الفن المسرحي يستثير المشاعر ويخاطب الوجدان ويحاور العقول بل أيضا يحرك النفوس ويوجهها- في إطار ذلك يتأكد لدينا أن تنشيط الحركة المسرحية وتشجيع أدوارها وروادها ظاهرة حضارية بكل المقاييس، ولعل ذلك هو هدف هذا المهرجان العربي الرائد وهو هدفة ونقدره كثيرًا لأنه بلا شك يساهم في نهضة المجتمع وتقدم الأمة".
وأوضح " إن فن المسرح لايقتصر على مجرد سرد أحداث أو حشد حوارات ولكن يمتد ليحتضن فروعاً تعليمية وتربوية: مفيدة ونافعة وذلك مثل فن الإلقاء وفن التلقين وفن تدريس التمثيل والتدريب عليه، ثم فن التمثيل نفسه حين يمارس على خشبة المسرح-هذه الأمور كلها فيها إثراء كبير لحركة الثقافة في المجتمع، فضلاً عن كونها أدوات هامة لإيقاظ شعور ووجدان الأمة والدولة والوطن-المسرح يفتح الآفاق ويفجر الطاقات الكامة لدى البشر في كل زمان ومكان".
وأكَّد "وانطلاقاً من ذلك كله فإن وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع حريصة كل الحرص على دعم النشاط المسرحي في الدولة، فهي ترعى الأعمال الفنية المتميزة وتفتح أبواب المسارح والمراكز الثقافية التابعة لها أمام فرق التمثيل وتقدم لهم الدعم المادي والمعنوي وتشجعهم على المشاركة في المهرجانات الفنية داخل وخارج الدولة، كما أن الوزارة تسعى بكل جهد إلى تشجيع التميز وتكريم المبدعين، بل أيضاً مراعاة رغبات واحتياجات القراء والمشاهدين في أن يجدوا أدباً رائعاً ومتجدداً وفناً أصيلاً ومبدعاً وثقافة وطنية واعية يستطيعون من خلالها الاستمتاع بالحياة والانطلاق نحو كل الطموحات والآمال".
وأعلن " في هذا الإطار المحدد أرجو أن تسمحوا لي الآن أن أعلن أمامكم وبسعادة بالغة أن رئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للمسارح الأهلية لدول مجلس التعاون قد اختارت الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي ليكون الشخصية الخليجية المكرمة هذا العام، وذلك لإسهامات المتواصلة في دعم جميع أوجه الثقافة العربية والإسلامية، وسيتم تكريمه في حدث ثقافي مهم وكبير نتطلع إليه بعون الله في أيار/ مايو المقبل في أبوظبي".
وأوضح قائلا " إن تقديرنا لكم كبير وموفور وتكريكم على جهودكم هو في الواقع حقكم وهو مبعث اعتزاز لنا جميعا لا نبالغ إذ نقول إن النجاح الذي حققتموه في الإمارات بوجه عام وفي إمارة الشارقة على وجه الخصوص هو نجاح مرموق بكل المقاييس لقد نجحتم في إنارة طريق الثقافة والمعرفة للجميع جزاكم الله عن كل ذلك خير الجزاء، وأعلن " إننا نشيد كثيراً بالأدوار الرائدة والمتجددة التي تقوم بها الهئية العربية للمسرح ونشكر جميع القائمين عليها والمهتمين بها ونقدر لهم ما يقومون به من أجل إيجاد حراك مسرحي عربي أصيل لا يفوتني كذلك أن أشكر كل الجهات الداعمة لهذا المهرجان واتمنى لكم النجاح والتوفيق لكل أنشطته وفعالياته كما أرحب كثيراً بكل الفرق المسرحية المشاركة، وليعلم كل منا أن بقاء المسرح وازدهاره مرهون بجهودكم وبما تنتجونه من أعمال مرموقة، كما أنه مرهون أيضا بحرصكم على نشر الذوق الرفيع والضمير الحي والوعي الصائب، وفي إطار من تجسيد الأخلاق والمثل العليا ،والحرص بل النجاح في اجتذاب كل أصحاب المواهب الواعدة بهذا الفن الانساني النبيل".
وشَهِد الحفل كلمة لأمين عام الهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله أعلن فيها " من هنا انطلق الحلم فكرة من لدن مثقف إنسان .. من هنا بدأ العمل حثيثاً من أجل مسرح يخدم الإنسان .. من هنا بدأ العمل حثيثاً من أجل مسرح يخدم الإنسان .. من هنا شد المهرجان الرحال وطاف بالبلدان كانت قاهرة المعز على ميعاد وسار الركب تحدوه خيالات المبدعين إلى تونس الخضراء ثم إلى بيروت صبية المتوسط والجمال ثم إلى عمان الثقافة والنشامى وغاص في الدوحة خلف لؤلؤ الإبداع ووجه الشراع في سادسة الدورات إليها مهوى أفئدة العشاق وشارقة وشمسها سلطان الذي يشرفنا اليوم بكتابة وإلقاء رسالة اليوم العربي للمسرح ليمنحنا من ثاقب بصيرته ونقاء روحه " .
وأوضح " عام كامل يكتمل اليوم جهد مبدعين سهروا وأبدعوا شهقوا دهشة وضحكوا وجعاً صالوا وجالوا في ميادين المسرح خيل تنافست للوصول إلى هنا ما يزيد على مائة وستين عرضاً لجان راقبت المهرجانات والمواسم، وكان الموعد مع الكوكبة هنا لينال واحد من هذه الأعمال شرف الفوز بجائزة عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، والكل فائز إذ يصل إلى هذه المرحلة، لأن السادسة تزدهي بسلطان المسرح صاحب الكلمة والضمير واستكناه الدراما في التاريخ جاء تكريم الهيئة لواحد من رجالة الذين أولاهم الثقة والمسؤولية فكان خير نؤخذه لمركب المسرح في الشارقة أستاذنا الجليل محمد عبدالله العلي وفي حضرة سلطان الثقافة كان لا بد من تكريم سدنة الإبداع في كتابة النص العربي 22 من المبدعين يعانقون كتيبة من مبدعي العروض والأبحاث والفائزين بمسابقة التأليف ".
وتَلَقَّى عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي في ختام الحفل هدية تذكارية من الهيئة العربية للمسرح.
أرسل تعليقك