المخرج القطريّ فيصل رشيد يظهر براعة لافتة في صياغة صورة بصريّة مؤثِّرة
آخر تحديث GMT13:39:58
 العرب اليوم -

بمقاربته نصّ الكاتب الإماراتيّ الراحل سالم الحتاويّ الموسوم "خلخال"

المخرج القطريّ فيصل رشيد يظهر براعة لافتة في صياغة صورة بصريّة مؤثِّرة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - المخرج القطريّ فيصل رشيد يظهر براعة لافتة في صياغة صورة بصريّة مؤثِّرة

"خلخال"
الشارقة - محمد الأحمد

أظهر المخرج المسرحي القطري الشاب فيصل حسن رشيد براعة لافتة في صياغة صورة بصرية مؤثرة بمقاربته نص الكاتب الإماراتي الراحل سالم الحتاوي الموسوم "خلخال"، الذي يحكي قصة حب مشحونة بالوله والشغف بين شاعر شديد الحساسية (قام بالدور فيصل حسن رشيد)، وراقصة تتميز، إلى جانب جمالها الشكلي، بقدرتها العالية في اللعب بجسدها رقصًا وغنجًا (قامت بالدور غادة الزدجالي).
وبالضوء واللون والمؤثرات السمعية والتشكيلات الكيوغرافية، رسم رشيد فضاء عرضه الذي قُدم في مسرح قصر الثقافة ضمن المسابقة الرسمية للدورة 13 من مهرجان المسرح الخليجي الذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.
ومنذ بدايته، يكشف العرض الحالة العاطفية الدافقة التي يعيشها ويعايشها الشاعر "سهيل" الذي من شدة هشاشته ورقة روحه لم يجد سوى الخمر لسقي عطشه الغرامي وإطفاء نار الهوى المشتعلة في جوانبه؛ فراح يهيم على وجهه في الطرقات ينادي محبوبة مشتهاة تدعى "مريوم" ولكنه لا يجد من يجيب، فيحادث قارورته عن افتتانه بها، ويستصرخ الفضاء من حوله، صائتاً بشعره المشحون بحمّى السهد والانتظار والأمنيات غير المتحققة.
ويجسد المخرج رشيد الحالة المضطربة لبطله بالمزيد من الأطياف التعبيرية التي يشكلها في الخشبة من الضوء ومن الموسيقى ومن الأداء الحركي الآلي لمجموعة الكيوغرافيين، المصبوغة أجسادهم بالطين، لتظهر لامعة وحيوية ومفعمة بالطاقة في مقابل حالة الهزال والضعف في جسد الشاعر المخمور، وثمة الراقصة التي تتنقل بين تفاصيل هذا المشهد مثل فراشة، موقعة حضورها برنة "الخلخال"، وبحركاتها الراقصة المعبأة بالصبابة والوله وحرارة الشباب.
يتقدم العرض، فيفلح الشاعر البائس والمعزول والسادر في خياراته الملعونة من مجتمعه، يفلح في الوصول إلى راقصته ويتزوجها، فتتحول الخشبة إلى حلقة رقص مشحونة بالمجون والسهولة الغريزية.
على أننا نكتشف، مع تقدم العرض، أن الشاعر لم ينته إلى الارتباط بالراقصة "غاية"، إلا لأنها تشبه محبوبة قديمة له تدعى "مريوم"؛ وفي مشهد المواجهة بين الشاعر وعروسه/ غاية، يطغى الشعور الذكوري الشرقي على الشاعر، فيصعب عليه أن يتقبل عروسه راقصة يأكل الناس لحمها بنظراتهم؛ لكن الراقصة التي تستعيد أيامها الأولى مع الرقص، تقابل كلام عريسها بالأسى والانكسار لحظةً، ثم تبدأ في مغالبته وجهاً لوجه، لنعرف من كلامها أن الظروف هي التي اضطرتها لامتهان هذه المهنة، وأنها لم تختر مصيرها كما هو لم يختر مصيره.
ولم يحب الشاعر الراقصة "غاية"، ولكنه استعذب حالة سعيه لنيلها؛ فهذه الحالة هي التي كانت تغري ربة شعره فتثيره وتهيّج عواطفه فيندلق ولهاً وشعراً، لم يحبها ولكنه أحبّ فيها صورة محبوبته القديمة.. هذا ما تقوله "غاية" في لحظة المواجهة، وفي أثر قولها ينهار الشاعر ويخيم الظلام على روحه.. والخشبة.
ثمة لمحات فنية عدة دلّت على الخبرة الإخراجية الشابة والجديدة لدى فيصل رشيد، في الانتقالات بين اللوحات التي كانت تحصل بقدر كبير من المرونة، بل الشاعرية، وكذلك في اختزاله المضبوط لأزمنة المسرحية النفسية والفعلية، وهو أمر أضفى الكثير من الإيقاعية على العرض الذي انطبع بصورة سينوغرافية بسيطة ولكن دالة وموحية، فلقد حرّك المخرج على مدار العرض ثلاث حلقات بدت في مرة أشبه بـ "الطار"، وفي مرات ظهرت مثل عجلات طاحنة تحيط بجسد الراقصة، كما جرى التعاطي مع الحلقات في رسم حدود التشكيلات الجسدية لمجموعة الكيوغرافيين الذين يتحولون أحياناً إلى أشباح تطارد الراقصة وشاعرها، وفي أحيان أخرى تنضاف حركتهم كملمح جمالي في المجال الأدائي للراقصة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخرج القطريّ فيصل رشيد يظهر براعة لافتة في صياغة صورة بصريّة مؤثِّرة المخرج القطريّ فيصل رشيد يظهر براعة لافتة في صياغة صورة بصريّة مؤثِّرة



GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab