شهدت المدينة المنورة أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف تمثلت في وضع خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، حجر الأساس للتوسعة التي تقفز بالطاقة الاستيعابية إلى مليوني مصل مع نهاية أعمال المشروع، يضاف إليها مشروع القطار، الأمر الذي يقدم حلولًا استباقية لحاجة المدينة على مدى 30 عامًا مقبلة.
وأولت الحكومة السعودية المسجد النبوي عناية ورعاية منذ عهد مؤسس هذه الدولة الملك عبدالعزيز وحتى وقتنا الحاضر، فقد نال حظًا وافرًا من العناية والرعاية في هذه المرحلة لم يشهده في عصور سابقة، وكانت التوسعة الأولى في عهد الملك عبدالعزيز، ثم في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، ثم في عهد الملك خالد بن عبدالعزيز، وفي عام 1405 قام الملك فهد بن عبدالعزيز بوضع حجر الأساس لأكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي.
وتعد توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي، إذ كانت أكبر توسعة في عهد الملك فهد تستوعب مليون مصل في أوقات الذروة، بيد أن توسعة الملك عبدالله سترفع السعة لمليوني مصل إضافي عن طاقته الاستيعابية الحالية لتكون التوسعة الأكبر على الإطلاق.
وشهد المسجد النبوي الشريف خمس توسعات خلال العهد السعودي، وتعد هذه التوسعات الست هي الأكبر في تاريخ المسجد النبوي الذي أجريت عليه ثماني توسعات، واحدة في عهد الرسول محمد – صلى الله عليه وسلم – وتوسعة في عهد الخلفية الراشد عمر بن الخطاب، وتوسعة أخرى في عهد عثمان بن عفان - رضي الله عنهما - وتوسعة في عهد الدولة الأموية، وأخرى في عهد الدولة العباسية، كما جرت توسعة أخرى في عهد المماليك وفي عهد الدولة العثمانية.
وأوضح الرئيس العام لرئاسة الحرمين الشريفين الدكتور عبدالرحمن السديس أنَّ المصلين في المسجد النبوي سيودعون عبر التوسعة الجديدة مشكلة "الازدحام" إلى الأبد، مشيرًا إلى أن التوسعة من شأنها أن تستوعب 1.7 مليون مصل.
وأشار السديس إلى أنَّ "الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان قد وجههم بسرعة إنجاز مشروع توسعة الحرم النبوي، واقتصاره على مرحلة واحدة بدلا من 3 مراحل".
ويأتي مشروع التوسعة ضمن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف، مكملا للمشاريع الأخرى التي أمر بها الراحل بهدف التيسير على الحجاج والمعتمرين وزوار المسجد النبوي، ومنها على وجه الخصوص التوسعة الحالية للمسجد الحرام، والمسعى وجسر الجمرات، ومشروع إعمار مكة المكرمة، وقطار الحرمين، وبوابة مكة المكرمة - مطار الملك عبدالعزيز الدولي ـ في جدة.
فيما أقرت وزارة الحج، مطلع هذا العام، إنشاء مدينة متكاملة للحجاج والمعتمرين في ميناء محافظة ينبع البحري بتكلفة 65 مليون ريال سعودي (17.3 مليون دولار)، وذلك بعد موافقة وزير الحج الدكتور بندر بن محمد حجار على إنشاء هذه المدينة، التي تقرر فتح المجال لاستثمارها من قبل القطاع الخاص وفق المنهجية التي ترقى لخدمة الحجاج ورعايتهم منذ وصولهم للسعودية حتى مغادرتهم بعد قضاء نسكهم.
وكان وزير الحج أكد أثناء تدشين المشروع في محافظة ينبع أن الراحل قد وجه بتنفيذ الكثير من المشروعات في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة من توسعة جسر الجمرات والمطار وتوسعة الحرمين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومشروع النقل العام في مكة المكرمة والمدينة المنورة وفي جدة، وقطار الحرمين والمترو، وغيرها من المشروعات العملاقة التي تهدف إلى زيادة الطاقة الاستيعابية للحجاج لجعل الحج سهلا وميسرا على ضيوف الرحمن زوار المسجد النبوي الشريف.
وبيَّن أنَّ مدينة الحجاج والمعتمرين ستكون نقلة نوعية في تقديم أوجه الرعاية وتقديم الخدمات لضيوف الرحمن من الحجاج والمعتمرين القادمين عن طريق ميناء ينبع والتي سيجري إنشاؤها على مراحل ووفق المواصفات الحديثة والمتطورة.
يحتل المسجد النبوي في المدينة المنورة مكانة عظيمة في قلوب المسلمين كافة، وأشارت التقارير الصادرة من وزارة الحج إلى أنَّ أعداد الزوار الذين توافدوا للمدينة، خلال 4 أشهر من مطلع هذا العام، زادوا عن 3.7 ملايين، مع توقعات رسمية بأن تصل أعداد القادمين حتى نهاية الموسم قبل شهر رمضان 6 ملايين معتمر ما يزيد من مسؤولية الدولة لاستقبال كل هذه الأعداد.
ومن ضمن التجهيزات التي قامت بها المملكة ذلك المشروع العملاق الذي تضمن تركيب 250 مظلة على أعمدة الساحات، بتكلفة بلغت 4.7 مليارات ريال، شملت التوسعة الشرقية ومواقف السيارات والتحميل والتنزيل، فيما تظلل كل مظلة نحو 800 مصل، وقد صممت وفق تقنيات عالية.
فيما صممت المظلات بارتفاعين مختلفين، بحيث تعلو الواحدة الأخرى، على شكل مجموعات، لتكون متداخلة فيما بينها، ويبلغ ارتفاع الواحدة 14.40 مترا، والأخرى 15.30 مترا، فيما يتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق.
ومن سياق ذات المشروع خصص الدور الأول لحركة الحافلات والسيارات الخاصة، بينما خصص الثاني للسيارات العامة. كما تضمن المشروع إقامة أربعة مرافق للخدمات تحت الساحة، كل مرفق مكون من أربعة أدوار فيها 888 دورة مياه و1823 حنفية وضوء، إضافة إلى إقامة 44 سلما كهربائيا، و12 مصعدا، إضافة إلى السلالم العادية وإلى دورات كافية لكبار السن ولذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن جانبه؛ أكد إمام المسجد النبوي الدكتور عبدالباري الثبيتي أنَّ الفقيد بتوسعته الأخيرة وضع حلولًا استباقية لأعداد الحجاج والمعتمرين المتزايدة لـ30 عامًا مقبلة.
وأشار الثبيتي إلى أنَّ المراحل الثلاث التي كان قد وجه الملك عبدالله رحمه الله بتنفيذها، ستزيد من استيعاب المسجد النبوي الشريف إلى ما يزيد على استيعابه الحالي بأكثر من الضعف، وهو ما يمثل نقلة نوعية بكل المقاييس.
وأوضح أنَّ المسجد المبارك وعلى مدى أكثر من 1400 عام شهد توسعات متواصلة على مدى التاريخ، وصلت من خلالها طاقته الاستيعابية إلى أكثر من مليون مصل، وكان قد وجه الراحل أمره التاريخي بزيادتها لتصل إلى أكثر من مليونين و600 ألف مصل، ليكتب له التاريخ بمداد من ذهب هذا العمل المبارك في مدينة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، خدمة لقاصديه وزواره من أنحاء الأرض، قال تعالى (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر، وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله، فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين).
في الوقت الذي بدأت ملامح محطة قطار الحرمين في المدينة المنورة في الظهور بشكل واضح، كشفت المؤسسة العامة للخطوط الحديدية، عن استكمال 80% من مشروع المحطة، إذ أكد وزير النقل السابق جبارة الصريصري، خلال جولة ميدانية نفذها سابقا في مسار مشروع قطار الحرمين بدءا من محطة المدينة المنورة حتى محطة مكة المكرمة، مرورا بمدينتي رابغ وجدة؛ أن المشروع "يسير بخطوات جيدة"، وأن "نسب الإنجاز تسير، بالشكل المخطط له".
وأضاف أن المشروع يحظى بمتابعة مستمرة من أعلى المستويات، وأن لجانا فنية وإشرافية تنفذ جولات أسبوعية وشهرية، في ظل متابعة الوزارة باستمرار أعمال المشروع، بتوجيه من الفقيد يرحمه اللهد.
وأشار الصريصري: إن عدة جهات حكومية تسهم بشكل فاعل في دعم جهود الوزارة ومؤسسة الخطوط الحديدية، وفي طليعتها إمارتا منطقة مكة المكرمة ومنطقة المدينة المنورة، ووزارة العمل.
وكشفت وزارة النقل إلى أن أعمال مشروع قطار الحرمين تسير وفق الجدول الزمني المعد حتى 2014 في إشارة إلى الارتياح إلى نسبة الإنجاز في المشروع.
وأوضحت أنَّ الجزء الأول من المشروع يتعلق بإنشاء الجسور والأنفاق والعبارات فضلا عن مسار طريق القطار الذي سوف يسير عليه.
أما فيما يتعلق بالمرحلة الثانية من المشروع، فأضافت الوزارة أنَّ الجزء الثاني يتمثل في المحطات الأربع التي سوف تكون في مكة وجدة ومدينة رابغ الاقتصادية والمدينة المنورة، مشيرة إلى أنَّ العمل يسير فيها بوتيرة متناسبة في إشارة إلى الانتهاء من أعمال المشروع في الوقت المحدد.
وعلى الجهة الأخرى من محطة قطار الحرمين بدأت أعمال الإزالة في العديد من العقارات المنزوعة لصالح المشروع، حيث تمت إزالة عدد من المواقع لصالح المشروع.
وبحسب مصدر مطلع من داخل محطة القطار بالمدينة المنورة فإن المواقع التي تجري إزالتها سيتم تحويلها إلى مواقف أرضية للباصات التي تقل الركاب عند البدء في تشغيل المشروع والتي سوف يجري تنفيذها لاحقا.
وسوف تأخذ محطة المدينة المنورة اللون الأخضر مأخوذا من لون قبة المسجد النبوي الخضراء.
وتصل تكلفة مشروع قطار الحرمين إلى حوالي 9 مليارات ريال وتوزعت على إنشاء أربع محطات ستصل سرعته إلى 300 كيلومتر في الساعة، إذ ستستغرق الرحلة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة قرابة الساعتين.
ومن المتوقع أن تكون الطاقة الاستيعابية للقطار حوالي 3 ملايين مسافر سنويًا والذي سوف يكون نشاطه الرئيس موجها للحجاج والمعتمرين.
أرسل تعليقك