تغريدة أثير صفا رواية تقتبس من كل بستان زهرة
آخر تحديث GMT20:44:49
 العرب اليوم -

بساتينها متنوعة ممتدة بطول البلاد وعرض الفن

"تغريدة" أثير صفا رواية تقتبس من كل بستان زهرة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "تغريدة" أثير صفا رواية تقتبس من كل بستان زهرة

رواية "تغريدة" للكاتبة الفلسطينية الشابة أثير صفا
القاهرة - العرب اليوم

أوضح حمدي أبو جليّل أنّ أهم ما يلفت بل يأسر في رواية "تغريدة" للكاتبة الفلسطينية الشابة أثير صفا، خصوصًا لمتذوقي الفنون أن بطلها مقدود أو قل مقطوف من خلاصات الفن، الشعر والسرد والفكر والرسم والنحت والموسيقى، من كل بستان زهرة عبارة عن فكرة أو رسمة أو جملة شاعرة ومضيئة، وبساتينها متنوعة ممتدة بطول البلاد وعرض الفن، من السهروردي وابن الرومي وابن الفارض ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وإبراهيم أصلان وصنع الله إبراهيم وأمل دنقل ومحمود درويش وغسان كنفاني وجمال السجيني حتى أسامة الدناصوري، ومن مايكل انجلو ودافنشي وفيكتور هوجو وديستيوفسكي وتشارلز يوكوفسكي ولوركا حتى سوزان برنار، ومن زهراتهم، خلاصاتهم، صنعت بطلا نادرا تكوّن وتجسد وصدح ونحت وعُذب وانطلق في الحياة بمهارة ورهافة وحنكة نادرة في رواية أولى.
الرواية صدرت مؤخرا عن دار ميريت بالقاهرة، وهي ضمن الأعمال المرشحة للجائزة العالمية للرواية العربية (بوكر العربية)، وبطلها وأيقونتها "علام" فنان فلسطيني ولد عملاقا، روحا وموهبة وجسدا عفيا، وهو في ذلك يشبه «غرغانتو» بطل الكاتب الفرنسي الرائد رابيليه (1483 - 1553) في أولى روايات التاريخ، ولكن شتان بين عملاق رابليه المقبل النهم للحياة، والهاتف بملء فيه "اقطفو الحياة"، والذي حملت به أمه أحد عشر شهرا، واشترى والده سبع عشرة وست مئة بقرة لإرضاعه، وبين "علام" الجائع المحبط المأزوم المبعد المطارد المكبوت من احتلالين غاشمين، احتلال أجنبي إسرائيلي قتل والده بالمبيدات الزراعية المسمومة، وقتل عمه الطبيب النابغة كمدا، وأورثه غصة لا تنتهي، واحتلال أهلي أخوي بل أمومي، حرمه حتى من التفكير، وهدم تماثيله أمام عينيه باعتبارها أصناما تسكنها الشياطين.
والرواية في مجملها تتناول أزمته، "أزمة الفنان" كموضوع مركزي فيها، من أول فراره من قيود أهله ومكانه المخنوق بالتخلف والجهل حتى ضياعه بل جنونه في المدينة، ومن خلال لغة دقيقة ومحكمة وساخرة أحيانا على شاعريتها، وعينين وراويين متماهيين فيه وفي بعضهما، جمال صديقه ومريده، ودنيا حبيبته المفتونة بفنه وجنانه قبل شخصيته، والمفتونة أيضا بوصف نفسها بعينيها، أحيانا تتوارى خلف صوت جمال ولكن يظل صوتها واضحا قويا وهو ينحتها جسدا وروحا ومشوار حياة.
غير أن الرواية تتمحور حول "علام"، وتغوص فيه بنوع من التكثیف الفكري والشعري مع أن سيرها روائي ولأن الفنان أو النموذج الأمثل في التعبیر عن قهر السلطة "بكافة تجلیاتها" للفكر، وقمعها للحریة، وتثبیطها للأمل والطموح لما في ذلك من تعارض مع مصالحها، فقد جاء التعبیر الروائي بأسلوب شبه ملحمي، شبه غنائي، یعتمد على تكثیف الحدث والإیجاز والمبالغة على صعيد اللغة والأسلوب والأحداث والشخصيات، لیخرج العمل حاد الفكرة والنغمة، عميق المعنى والدلالات، مركّب الإيحاءات والإحالات بعيدًا عن أي ترهّل أو تفاصيل سردية قديمة.
"علام" نحّات وفنان "فني خيالي" لدرجة الحقيقة الساطعة، كُسّرت أجنحته وتماثيله «لتحطيمه للقائم والقالب» تكسّرًا ينعكس في الأسلوب والمبنى الروائي المجُزأ والمتوتر، وهو شخصية تلخّص الفنان الحقيقي كإنسان يغرّد خارج السرب، وتنطوي على معاناته وصراعاته مع ذاته والآخر في ظلّ ما يسمى بالعالم الثالث الذي يُفتقد فيه الكنف الراعي للفن والموهبة، حيث ينمو الفن وردة في المزبلة، بنص الرواية، «انه عصارة فنانين ومفكرين وعلماء، رواد، مجرّبون، مؤسسون، وصانعو التاريخ» عانوا من أزمة وجودية واجتماعية على مرّ التاريخ وغيّروا، رغم ذلك، وجه العالم.
والرواية لا تتضمن سيرا محضة منفصلة عن ذات البطل باستثناء أوصاف «دنيا» الحبيبة الآسرة الأسيرة، لأن هذه الشخصيات المحورية في تاريخ البشرية اندمجت مع أبعاد خيالية مختلقة، لذلك جاء العمل إنسانيًا شبه مجرّد من عنصري الزمان والمكان، مكانها لا تعرف ان كان قرية او مدينة، تعرف فقط انه مقهور مقموع وغارق في ظلمات الجهل والخرافة، وربما لذلك أيضًا اعتمد النص على إسقاطات وإحالات إلى نصوص وأعمال أدبية وشعرية ودينية ولوحات فنية ونصوص علمية بحتة، معترفًا بها وبأصحابها بالكامل دون تنكّر وتضمين يفقدها ماهيتها وكيانها المستقل في التاريخ الإنساني، وفي الوقت نفسه مستدعيًا القارئ إلى إيجاد الروابط بينها والصلات حيث تفضي الفكرة إلى غيرها بشكلٍ لا نهائي، في دعوةٍ إلى الخروج من الأطر الإنسانية الضيقة إلى أفق الكون الواسع، المتعدد، اللامتناهي وتوحُّد الجزئية مع الكلية، ولهذا فالنص في المحصلة الأخيرة نص عن نصوص، نصوص كثيرة ومتنوعة متراكبة ومتراكمة، وكذلك مربكة وصادمة أيضا.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تغريدة أثير صفا رواية تقتبس من كل بستان زهرة تغريدة أثير صفا رواية تقتبس من كل بستان زهرة



GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 06:11 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 20:33 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة
 العرب اليوم - فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 20:15 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل
 العرب اليوم - جعجع يُطالب حزب الله إلقاء سلاحه لإنهاء الحرب مع إسرائيل

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 العرب اليوم - أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 03:43 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ليلة ليلاء؟!

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 03:23 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

تناول المكسرات يوميًا يخفض خطر الإصابة بالخرف

GMT 08:21 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى عيد الجهاد!

GMT 13:15 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 7 جنود إسرائيليين في تفجير مبنى مفخخ جنوب لبنان

GMT 12:42 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد تكالة يُنتخب رئيساً للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يدرس ضم أرنولد من ليفربول في يناير القادم

GMT 08:02 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 13:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

برشلونة يعلن إصابة أنسو فاتي وغيابه 4 أسابيع

GMT 11:44 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

"فيتنام أيرلاينز" بصدد شراء 50 طائرة في النصف الأول من 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab