المجتمع المغربيّ فرداني وضعيف الجماعيّة والتسوية بين التحديث والتقليد متواصلة
آخر تحديث GMT20:00:36
 العرب اليوم -

المشاركون في ندوة "المركز العلميّ العربيّ" وصفوا التحوّلات بـ "شديدة التعقيد"

المجتمع المغربيّ "فرداني" وضعيف "الجماعيّة" والتسوية بين التحديث والتقليد متواصلة

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - المجتمع المغربيّ "فرداني" وضعيف "الجماعيّة" والتسوية بين التحديث والتقليد متواصلة

المجتمع المغربيّ فرداني وضعيف الجماعيّة والتسوية
الرباط - نعيمة المباركي

وَصَف المشاركون في ندوة "القيم وتحولات المجتمع المغربي" التي احتضنها المركز العلمي العربي في الرباط التحولات القيمية التي يشهدها المجتمع المغربي بـ "شديدة التعقيد"، فيما اتفق المحاضرون على الطبيعة "المعقدة للتحولات الجارية، حيث إن التحديث والتجديد لا يتصارعان فقط بل يتعايشان ويستعيران من بعضهما بعضًا عددًا من الأقنعة، في إطار نوع من الترميق الذي لا يُخفي اتجاه المجتمع المغربي إلى مزيد من قيم الفردانية التي تعلي من شأن الفرد، وهو ما يجعل الفعل الجماعي في المغرب ضعيف الفعالية".
وفي هذا السياق كَشَف أستاذ السوسيولوجيا في جامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، جمال خليل، أن المجتمع المغربي يظل على الرغم من كل شيء "مجتمعًا يتجه أكثر فأكثر نحو القيم الفردانية، لذلك فإن الفعل الجماعي سيظل أقل فعالية".
وبشأن بعض اتجاهات القيم في المجتمع المغربي استعرض الباحث نتائج دراسة ميدانية تصدر قريبًا أفادت بأن المجتمع المغربي يتجه أكثر نحو مزيد من الفردانية وبروز الفرد كوحدة مهمة، غير أن ذلك لا يعني نتيجة مطلقة، حيث إن الدراسة اثبثت أن "المغربي" يمتح من مختلف المنظومات حسب حاجته.
وأوضحت النتائج ذاتها وجود تناقض في تصورات الأفراد، حيث يعتبرون أن الاختلاف السياسي والديني والثقافي حق للجميع، وفي الوقت ذاته يعتبرون هذا الاختلاف مهددًا لوحدة المجتمع.
وأعلن خليل أن مؤسسات تمرير القيم ظلت واضحة المعالم إلى عهد قريب، حيث مؤسسة الأسرة والمدرسة وووسائل الإعلام والمحيط عناصر أساسية في هذا التمرير، لكن هذه العناصر ستعرف اختلالاً بفعل دخول عناصر جديدة على خط تمرير القيم، وخاصة ظهور الإنترنت الذي مكّن الناس العاديين من التحول من مجرد استهلاك المنتوجات المادية والثقافية إلى إنتاجها والمساهمة في بناء مضمونها.
واعترف المحاضر بصعوبة القبض على مكامن نسق شديد التعقيد وشديد الديناميكية من قبيل نسق القيم. إنه منظومة متحركة ونظرًا إلى تعدد مصادر التأثير فيه ومدخلاته يصبح التكهن باتخاذ القيم هذا الاتجاه أو ذلك أمرًا بالغ الصعوبة.
من جانبه، وبخصوص القيم الدينية وتحولاتها، أكّد الباحث الأنثروبولوجي محمد الصغير جنجار أن التغيير في القيم الدينية مسلمة أساسية في علم الاجتماع وفي العلوم الإنسانية. وأعلن في المناسبة أن عالم الاجتماع ليس من وظيفته تحديد القيم الملائمة من غيرها، بل وظيفته هي دراسة وتحليل الوقائع الاجتماعية بعيدًا عن الحكم عليها.
وبخصوص الموضوع ذاته، اعترف المحاضر بأهمية تجاوز النظرة الخطية والقراءة من فوق للقيم؛ لأن هذه المقاربة أثبتت خطأها، ولذلك، حسب جنجار، لا بد من العودة إلى النموذج التأويلي، حيث يجب إعطاء الأهمية للمعنى الذي يعطيه الفاعل لسلوكه وللظواهر.
وعن التجديد في الدين وفي القيم الدينية اعتبر جنجار أن عالم الدين وأمام التغيير الكبير الذي يشاهده يحاول دائمًا تغليف التجديد بالأصل، وجعل الجديد يلبس أقنعة الأصل.
وأوضح جنجار بأن المنظومة الدينية تتدبر عملية التجديد والتغيير من خلال الارتكاز على تصور مسبق للدين، باعتباره يجسد الحاضر والماضي والمستقبل، لذلك يتوفر الدين على قدرة هائلة على امتصاص الجديد عبر تكرار الصلة بالأصل.
واعتبر المحاضر نفسه أن أحد البراديغمات الأساسية لفهم المجتمع المغربي واتجهات القيم لديه هو براديغم الترميق "Bricologe"، حيث يتم استعارة هذا المعين القيمي أوذاك حسب السياقات وحسب الحاجات.
أمّا المفكر المغربي محمد سبيلا فاعتبر أن قيم الحداثة والتحديث تتأسس على نواتين أساسيتين، هما نواة التمايز ونواة العقلنة.
وشدّد سبيلا على ضرورة فهم العقلنة بما تعنيه من قدرة على التدبير الحسابي للأهداف والغايات اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا.
وتطرَّق سبيلا إلى المفعول المزدوج للاستعمار حيث ينظر إليه كأداة، لكنه ساهم في المقابل في عملية التحديث إن على المستوى الثقافي أو المادي للمجتمعات التي خضعت له.
وخلص المحاضر إلى أن عملية التحديث عملية شمولية مست كل المناحي، لذلك فقوة القيم التحديثية مارست عنفًا على البنيات التقليدية.
وفي تحليله لعلاقة القيم التقليدية مع القيم الحداثية، اعتبر سبيلا أن المنظومتين لا تتصارعان فقط، بل إن العلاقة بينها قائمة على مجموعة من الأسس. إنهما يتصارعان حينًا، حسب سبيلا، ويتعايشان أحيانًا أخرى، ويُضطران إلى قبول مجموعة من التسويات بينهما، بل إن القيم الحداثية تستعير في بعض الحالات أقنعة التقليد لاستمرار وجودها والعكس صحيح، كما تستعير القيم التقليدية لبوس الحداثة لفرض استمراريتها، وهذا ما سماه سبيلا "لعبة ماكرة للقيم".
ويُذكر أن المركز العلمي العربي للأبحاث والدراسات الإنسانية مؤسّسة بحثية علمية عربية تأسست في الرباط من قِبل ثُلَّة من الباحثين، حيث تمكن المركز في غضون السنة الأولى من تأسيسه من تنشيط الحركية الثقافية المغربية، من خلال احتضانه عددًا من المحاضرات والندوات المحلية والدولية، كان أبرزها سلسلة "آفاق الدولة المدنية في العالم العربي"، في أربع نسخ، بالإضافة إلى استضافة عدد من وجوه المشهد الثقافي العربي من تونس والجزائر وسورية وفلسطين والعراق وغيرها.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجتمع المغربيّ فرداني وضعيف الجماعيّة والتسوية بين التحديث والتقليد متواصلة المجتمع المغربيّ فرداني وضعيف الجماعيّة والتسوية بين التحديث والتقليد متواصلة



GMT 06:05 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab