بغداد – نجلاء الطائي
نظم قصر المؤتمرات بالتعاون مع دائرة العلاقات الثقافية ومديرية التراث الشعبي التابعة لدائرة الفنون التشكيلية ومنظمة اليونسكو ندوة ثقافية تحت عنوان (عبق التراث.. ديمومة هويتنا)،وعلى قاعة المتنبي في دائرة العلاقات الثقافية التابعة لوزارة الثقافة.
وألقى وكيل الوزارة لشؤون السياحة قيس رشيد كلمة في الندوة جاء فيها "احتفالنا اليوم بيوم التراث العالمي والذي يأتي هذا العام ليكون يوماً آخر من أيام بغداد مدينة للإبداع، ومعنا في هذه الساعات تحتفل مئات المدن والمنظمات والمؤسسات الثقافية في العالم ادراكاً منها لأهمية لتراث كهوية ومشترك، وضرورة حمايته وصونه كمنجز أنساني"، وأضاف: "لقد قررت اليونسكو تحديد يوم (18/4) من كلِّ عام يوماً عالمياً للتراث، وذلك في عام 1983 بعد اقتراح من الايكوموس (المجلس الدولي للمعالم والمواقع)عام 1982، والهدف منه تعزيز الوعي بشأن تنوع التراث الثقافي للبشرية ومضاعفة الجهود اللازمة لحمايته والمحافظة عليه ولفت الانتباه للمخاطر التي تهدده بالاندثار".
وأشار رشيد الى الخطر الذي يهدد تراثنا الحضاري بسبب احتلال عصابات داعش لأكثر من 4000 موقع اثري وتراثي من بينها مدن وعواصم تاريخية مهمة مسجلة على لائحة التراث العالمي وهي (الحضر، وآشور، وسامراء) ومواقع أخرى مسجلة على القائمة التمهيدية للعراق مثل نينوى ونمرود، وقبل أيام نعينا إلى العالم تفجير وتجريف بوابة "ماشكي" وبوابة "ادد" وأجزاء من أسوار مدينة نينوى الأثرية التي تعود إلى العصر الآشوري الحديث (612_911) ق.م.
وفي ختام كلمته أعلن رشيد بإنَّه تم الإعداد لتقديم ملف (ضفاف دجلة التراثية) لغرض أدراجها على لائحة التراث الثقافي العالمي، وهذا الملف سيضم الشريط الثقافي بدءاً من القصر العباسي والقشلة والسراي والمدرسة المستنصرية والمساجد التراثية والمقاهي القديمة، ليأخذ هذا الملف دوره في خطتنا الخمسية بعد أن انهينا ملف كلّ من الأهوار، ومدينة بابل الأثرية، ومقبرة وادي السلام.
وأوضح مدير عام دائرة العلاقات الثقافية فلاح شاكر "إنَّ التراث العراقي في خطر كبير، وممتلكاته الثقافية تدمر وتسرق بشكل مستمر في ال12 سنة الأخيرة، الأمر الذي يتطلب بذل الجهود الكبيرة والتهيئة لها من خلال الإعلام الذي يعدّ أهم الوسائل لإيصال رسائلنا"، وأضاف : "وقفتنا اليوم لحفظ التراث لها أكثر من هدف وسبب، فالسبب الرئيسي هو اليوم العالمي للتراث، والأهم منه هو الحدّ ممَّا يتعرض له هذا التراث من خلال الرسائل التي توجه إلى مجتمعاتنا المحلية والمواطنين في مختلف مدن العراق، فاليوم يجب أن نتكاتف لحماية تراثنا الذي يمثل هويتنا الوطنية".
وقال شاكر "وتتزامن هذه المناسبة اليوم مع ذكرى مرور عام على اطلاق السيدة مدير عام اليونسكو ايرينا بوكوفا من بغداد بادرة (متحدون مع التراث)، وبهذه المناسبة نريد أن نوصل رسالتنا إلى المجتمع الدولي لنذكر المنظمة الدولية للعلوم والثقافة والدول المنضوية تحتها بأنَّ التراث العراقي لايزال يحتاجكم؛ لأنه جزء من التراث الإنساني، ونحث المنظمة باتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص فنحن نعمل وفق رؤى ومستويات وحسب ما مطلوب منا وتوثيق لما موجود من عناصر وممتلكات تراثية لحفظها وإيصالها إلى المنابر والمنصات الدولية كلّ حسب اختصاصه".
وكشف شاكر انه "في السنة المقبلة سيكون وضعنا مختلفا من خلال نشاطات واحتفالات عديدة، فاليوم هي مدخل لمجموعة نشاطات، أي ما يقارب (15) نشاطاً في عموم العراق، وهي وقفات مع التراث عند الأماكن الأثرية وليس فقط في القاعات المغلقة بمشاركة أبناء المجتمعات المحلية من تلك المناطق الاثارية، منها حملة تنظيف وإعداد رسائل إعلامية تجاه الغرب وإشاعة التفاعل الحقيقي من الداخل بإضافة إلى وقفة مركزية في المتحف الوطني من خلال برنامج بسيط وباستخدام جانب من الفنون المتعلقة بتاريخ وحضارة البلد".
ونوّهت مديرة مكتب اليونسكو في العراق مي الشاعر بكلمتها اليوم "في هذا الوقت عندما أصبح التراث الثقافي يتعرض للهجوم بشكل مستمر وعندما يستخدم التطهير الثقافي كأداة للآثار والمواقع، رغم أن المعروف أنَّ التراث الثقافي هو تجسيد للماضي، وهو تذكير دائم بالتاريخ، كما أن التراث الثقافي، هو مصدر للهوية، ومساهم قوي في التنمية الاقتصادية وفي التماسك الاجتماعي"، وأضافت : "لم يتعرض التراث الثقافي العراقي إلى التدمير فحسب بل تعرض ايضاً إلى عمليات النهب والاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، وقد عملت اليونسكو من خلال الآليات القانونية والتشريعات الدولية للحدِّ من عمليات النهب والتدمير إضافة إلى فرض حظر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية الذي مازال سارياً منذ أيار2003 وفقا لقرار مجلس الأمن 2199 في 12 شباط 2015 الذي يؤكد القرار السابق ويدعو جميع الدول الأعضاء لاتخاذ الخطوات المناسبة لمنع الاتجار بالممتلكات الثقافية العراقية".
وذكرت الشاعر في كلمتها بأنَّ المديرة العامة لليونسكو قد طلبت من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لفتح التحقيق في تدمير التراث الثقافي في العراق على أنها جرائم حرب، وذلك وفقاً للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، داعية لأجل بناء مستقبل أفضل من خلال تعزيز التراث الثقافي العمل على نشر الوعي بأهمية التراث الثقافي بوصفه تراثاً للبشرية وأدراج أهمية التراث والحفاظ عليه في المناهج المدرسية، وفي ختام كلمتها أكدت إنَّ اليونسكو مستعدة للتعاون والعمل للتخطيط لهذه المرحلة.
ونوقشت في الندوة الملفات الخاصة بالتراث الثقافي العراقي والمزمع أدراجه وتقديمه على لائحة الموروث الثقافي العالمي لليونسكو من قبل أيمان عبد الوهاب مسوؤلة المنظمات الثقافية الدولية في دائرة العلاقات الثقافية وسليم خلف عنيد الحيدري مدير قسم التحريات الأثرية في الهيئة العامة الآثار والتراث، وحضر الندوة عدد من المسؤلين في الوزارة منهم: مدير عام قصر المؤتمرات وكالة ليلى خزعل، ومدير عام دائرة الفنون الموسيقية وكالة فرقد عبد العزيز، بالإضافة إلى عدد من منظمات المجتمع المدني، وتخلل الحفل فقرة ترفيهية غنائية لفرقة الجالغي البغدادي التي تمثل الموروث الثقافي العراقي.
أرسل تعليقك