بيروت - فادي سماحة
سجّل اقتصاد القطاع الخاص في لبنان خلال آذار /مارس الماضي، أسرع وتيرة تراجع منذ 26 شهرًا، وأفادت نتائج المسح الشهري حول النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني، الذي تعدّه شركة ماركيت برعاية بلوم إنفست بنك، بأن مؤشر مديري المشتريات "بلوم بي أم آي" انخفض إلى "مستوى 45 نقطة في مقابل 47.4 نقطة في شباط /فبراير الماضي، موسعًا الفارق بينه وبين المستوى الحيادي الواقع عند 50 نقطة والفاصل بين الانكماش والنمو.
وأشارت النتائج إلى أقوى تدهور في أحوال اقتصاد القطاع الخاص الإجمالية على مدى أكثر من عامين، إذ بعدما سجل قراءة قربية من المستوى المحايد 50 نقطة في كانون الثاني /يناير الماضي، شهد المؤشر الرئيس تراجعًا متتاليًا أفضى إلى تحقيقه أدنى متوسط ربع سنوي له على مدى سنة ونصف سنة.
وأظهرت نتائج المسح تراجع مستوى الإنتاج في اقتصاد القطاع الخاص إلى أقصى حدّ منذ كانون الثاني 2014، متأثراً بانخفاض حاد ومتسارع في الأعمال الجديدة الواردة والأسرع منذ أكثر من سنتين.
وأفادت بأن غياب المناخ المناسب للطلب وانعدام الاستقرار السياسي وانخفاض أعداد السائحين، ساهمت معاً في تدني حجم الأعمال الجديدة، كما تقلّص حجم الأعمال الجديدة الواردة من الخارج، وكان معدل التراجع هو الأكثر حدة منذ تشرين الأول /أكتوبرالماضي
ولفتت النتائج الى أن معدلات التوظيف في آذار الماضي سجلت أسرع تراجع متتالٍ خلال الأشهر الـ19 الأخيرة، بعد ثباتها في كانون الثاني وشباط الماضيين. كما أشار الهبوط الحاد في حجم الأعمال غير المنجزة، وهو الأسرع خلال السنوات الثلاث من تاريخ الدراسة، إلى وجود فائض في الموارد لدى الشركات مكَّنها من تلبية مستوى الطلب الحالي.
وتراجعت الشهر الماضي أيضًا مستويات الشراء، إذ سعت الشركات إلى التكيف مع انخفاض أعمالها، وهو الخامس في الأشهر الستة الأخيرة والأقوى منذ آب /أغسطس 2014 .
وعلى رغم تدني النشاط الشرائي، شهد مخزون المشتريات تراكمًا في ظل تراجع مستوى الإنتاج، وأدى ضعف الطلب، وفق نتائج المسح، إلى خفض شركات القطاع الخاص أسعار منتجاتها خلال آذار، وكان معدله الأسرع في خمسة أشهر.
ومع ذلك، ساعد التدني الطفيف في أعباء الكلفة، الذي يعكس انخفاض أسعار المشتريات وتكاليف التوظيف، في تخفيف الضغط على هوامش التشغيل.
وأخيراً، أظهرت بيانات الدراسة تدهورًا طفيفًا واجهته شركات القطاع الخاص في مواعيد تسليم الموردين للمرة الأولى في أربعة أشهر. واعتبر المستشار الاقتصادي في «بلوم إنفست بنك» علي بلبل، أن الاقتصاد اللبناني بدأ مع انخفاض المؤشر الشهر الماضي إلى أدنى قراءة له خلال 26 شهرًا، يجني حصاد ما زُرع خلال السنوات الأخيرة من تلكؤ وركود عام.
ورأى أن تراجع مؤشر مديري المشتريات إلى مستوى 45، يدل على أن قدرة القطاع الخاص اللبناني على تحمّل الصدمات المتكرّرة شارفت على الانتهاء، خصوصًا في ظل الخلاف السياسي وتفاقمه مع دول الخليج.
وقال إن ما يثير الدهشة أيضًا تدهور المؤشرات الفرعية على كل الصعد، كالإنتاج والطلبيات الجديدة والصادرات ومستوى التوظيف. لذا شدد على أن يأخذ السياسيون هذه القراءة كإنذار حاد بضرورة إنهاء خلافاتهم، وإعادة الوضع السياسي والاقتصادي في لبنان إلى نصابه الصحيح.
أرسل تعليقك