فيما يعكف مجلس الوزراء على استثمار أجواء التفاعل "الإيجابية" التي أبدتها الحكومة الاتحادية في حلّ المشكلات بين بغداد وأربيل الأخير بشأن إطلاق رواتب الموظفين وموازنة إقليم كردستان، يأتي إعلان الوفد الكردي فشل مفاوضاته الأخيرة مع الحكومة المركزية بشأن حصة الكرد من الموازنة العامة وتصدير النفط الإقليم.
وأكد النائب عن الحزب "الديمقراطية الكردستاني" عرفات كرم لـ " العرب اليوم " ،أن "الحكومة العراقية تصر على عدم قبولها بالكميات المصدرة من إقليم كردستان من النفط المقدرة بـ 150 الف برميل، مبيٍنا أن "الحكومة العراقية تريد من الاقليم رقم التصدير الحقيقي قبل إعطاء المستحقات المترتبة على بغداد، وهنا تكمن نقطة الخلاف".
وأضاف كرم أن المفاوضات انتهت ، من دون التوصل إلى نتائج ملموسة، في وقت أعلن فيه حيدر العبادي عزمه الانتهاء من موازنة عام 2015 في غضون عشرة أيام.
وأشار كرم إلى أن "المفاوضات شهدت حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل أن يتركها بسبب التزاماته، وتناط مسؤولية التفاوض بوزير النفط عادل عبد المهدي".
وتابع كرم أن "الإقليم يخوض حاليًا الحرب ضد "داعش" فضلًا عن وجود عدد هائل من النازحين واللاجئين، ما يشكل ضغطًا كبيرًا على الإقليم"، داعيا الحكومة الاتحادية إلى "حل مشكلة الرواتب والأزمة المالية لكردستان".
وحذر كرم من عدم استجابة الحكومة المركزية من زيادة حصة الإقليم من الموازنة العامة .
ولفت كرم إلى معاناة أربيل من عجز مالي كبير بسبب الحصار الذي كان مفروضًا من قبل الحكومة السابقة، وتعطيل المشاريع الاستثمارية وتراكم الديون وأزمات مالية كبيرة يعاني الإقليم منها إلى الاّن .
ويرى كرم أن الحّل السلمي والحوار السبيل الأفضل لمعالجة المشكلات بين بغداد وأربيل "،مبينا أن "عدم حل المشكلات سيحلحل موقف العراق والتحالف الدولي لمحاربة "داعش ".
وطالب كرم إدراج بعض الملاحظات في موازنة عام 2015 تطبيقًا للبرنامج الحكومي والوثيقة السياسية ومنها الغاء النصوص العقابية الخاصة في الموازنة فيما يتعلق بقطع حصة الإقليم من الموازنة إذا لم يتم تسليم واردات النفط إلى الحكومة الاتحادية لأنها لا تتناسب مع مبدأ الشراكة الوطنية.
وأوضح وزير المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كردستان ريباز محمد، عقب انتهاء الاجتماع، أن "حكومة كردستان أبلغت بغداد أن عملية قطع الموازنة عن الإقليم أفقدتنا الثقة في بغداد، ولا يمكن أن نقتنع بأية حلول مستقبلية دون ضمانات تذكر"، لافتًا إلى أن "الخلافات الأبرز تكمن في مسألة النفط وتصديره، والكميات المنتجة والمستهلكة من الإقليم، وحصة كردستان بنسبتها الثابتة، والمستحقات المالية المترتبة على بغداد، إضافة إلى مستحقات البيشمركة".
وفي هذا الشأن، صرح الناطق باسم الحكومة سعد الحديثي لـ " العرب اليوم" ، بأن "مجلس الوزراء ناقش الموازنة العامة الاتحادية لعام 2015 الأسبوع الماضي ،حيث أقر المجلس عقبها إجراء تعديلات اللازمة عليها والقيام بمراجعة ثانية لها حتى يتم إرسالها خلال عشرة أيام المقبلة إلى البرلمان ، نافيا ارتباط زيارة وفد أربيل بالموازنة العامة ،معّدًا ذلك اّراء شخصية لبعض المسؤولين لا يمكن الأخذ بها.
وكشف الحديثي عن استمرار الاتفاق بين بغداد وأربيل لحل الاشكالات المتعلقة بعملية تصدير النفط التي لاقى ترحيب دولي كبير، حيث يقضي الاتفاق الجديد، بدفع بغداد مبلغ 500 مليون دولار إلى أربيل، في حين يخضع 150 الف برميل نفط مستخرج من كوردستان إلى تصرف المركز يوميا.
واوضح الحديثي الى استكمال الجلسة الاستثنائية لمجلس الوزراء لا قرار مشروع الموازنة 2015 بأجواء "إيجابية" ،مؤكداً الى وجود عزيمة لإقرارها وتقديمها للبرلمان لمناقشتها .
وتابع الحديثي أن "موازنة العام المقبل سيتم تمريرها بسهولة، لأن هنالك جملة من الأسباب التي تدعو إلى إقرارها"، كاشفا عن "وجود إجماع واتفاق برلماني على تمريرها، لإدراك الجميع بأهميتها ". مؤكدًا أن "تقارب وجهات النظر بين الكتل السياسية، واكتمال التشكيلة الوزارية كلها من الأمور التي ستسهل من تسريع إقرار موازنة العام المقبل.
وذكر الحديثي أن "الاتفاق الأخير الذي حصل بين حكومتي المركز والإقليم سيلقي بظلاله على سير اقرار الموازنة وتجنب المعرقلات التي حصلت في الفترة السابقة التي أدت إلى تعطيل إقرار الموازنة للعام الجاري التي دفع الشعب ضريبتها وأدخلت البلد في أزمات مالية.
بدوره أكد المستشار الاقتصادي للحكومة العراقية مظهر محمد صالح لـ "العرب اليوم "، وجود خطوات أولية بين بغداد وأربيل لحّل المشاكل السياسية وإقرار الموازنة كونها ليس من مصلحة أي حزب أو مكون سياسي تعطيل إقرار الموازنة وصرف استحقاقات المحافظات وضياع الوقت الذي يجب أن يستثمر اقتصاديًا .
وتابع صالح أن "الحكومة ماضية لحل الخلافات الخاصة برواتب ونفقات البيشمركة "مؤكدًا " زيارة وفد رفيع المستوى من إقليم كردستان اليوم الثلاثاء".
واستطرد صالح أن "الاتفاق المالي والنفطي الأخير بين بغداد وأربيل فتح بابا للحوار ووفر الاجواء الايجابية لذلك" مبينا أن "وفد الإقليم ناقش في بغداد أمس الاثنين كل الملفات العالقة من النفط والموازنة والتعاون الأمني في مواجهة التطرف".
وأشار صالح إلى "بقاء حصة إقليم كردستان في موازنة 2015 بنسبة 17% كما هو متفق عليه في الموازنات السابقة مقابل التزام الإقليم بتصدير كميات النفط عبر الحكومة الاتحادية".
ودعا صالح جميع الأطراف بينها مجلس النواب إلى المساهمة في الإسراع بإقرار الموازنة باعتبارها قرارًا استراتيجيًا" مضيفا "أن هناك عراقيل ومناقشات تفصيلية من جميع الاطراف وأن الحكومة مستعدة لها ".
إلى ذلك أكد وزير التعليم العالي حسين الشهرستاني، عضو وفد الحكومة العراقية المفاوض، في حديثه إلى إحدى الفضائيات الكردية عقب الاجتماع أن "بغداد تعتقد أن إنتاج كردستان يفوق ما مسجل في موازنة عام 2015 والبالغة 150 ألف برميل في اليوم"، موضحًا وجود رغبة شديدة من قبل الجانبين لحل الخلافات العالقة. متوقعًا أن يعقد رئيس الوزراء حيدر العبادي لقاءً خاصًا برئيس وزراء إقليم كردستان نيجرفان بارزاني بخصوص القضايا العالقة.
أرسل تعليقك