القاهرة ـ إسلام عبد الحميد
وجه الاتحاد العام للغرف التجارية، الشكر لطارق عامر محافظ البنك المركزي، على بدء استجابته لما طرحه الاتحاد المتضمن ضرورة إلغاء قرارات فبراير 2015، خاصة ما يتعلق بحدود السحب والإيداع لإعادة الثقة في المنظومة المصرفية واستقرار سوق العملات الأجنبية؛ لتحقيق ما أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيسي في طوكيو وسيول، من إيجاد حل سريع ومستدام للأزمة الاقتصادية.
وقال رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، أحمد الوكيل، إن إلغاء حدود السحب والإيداع - وإن كان للأشخاص الطبيعيين - خطوة مهمة في طريق الإصلاح، ويجب أن تليها خطوات أخرى متسارعة في إطار سياسات نقدية شفافة واضحة، تتكامل مع السياسات المالية للنهوض بالاقتصاد المصري، وتحقيق نسب النمو المأمولة بهدف خلق فرص عمل لأبنائنا.
وأكد الوكيل، أن الاتحاد نفذ بكل ما يمكن لدعم تلك الإجراءات بعد صدورها؛ على أمل إسهامها في الإصلاح، لكن التجربة أثبتت فشلها التام وآثارها المدمرة طبقا للدراسات العلمية المتأنية التي أجريت. مضيفا: «لذا طالبنا مرارا وتكرارا بإلغائها الفورى، ودققنا ناقوس الخطر في 10 فبراير 2016 من خلال إرسال الدراسة إلى صانعي القرار، وأعلنا ملامحها الرئيسية في مؤتمر صحفي، وأكدنا أن ما شاهدناه من فوضى في سوق النقد خلال الأيام الماضية سيحدث».
وأوضح أن الحل الوحيد هو سياسات اقتصادية تتضمن حزمة متكاملة من الإجراءات النقدية والمالية والاستثمارية، تبدأ بإلغاء قرارات فبراير 2015 كافة خاصة ما يخص حدود السحب والايداع للأشخاص الطبيعين والاعتبارين، واستحداث أوعية ادخارية بالعملات الأجنبية، ورفع سعر الفائدة على الجنيه المصري، ووضع سعر واقعي وعادل للجنيه أمام العملات الأجنبية، كل ذلك في خطوة واحدة تهدف خلال مرحلة تالية إلى تعويم الجنيه طبقا لآليات السوق المنضبطة.
وأشار رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إلى أن التضخم الذي كان يخشاه متخذ القرار أدى إلى تأخر تلك الإجراءات، وقد حدث بالفعل، وبدأت آثاره تظهر في أسعار العديد من السلع والخدمات؛ لذا يجب أن تتكامل تلك الإجراءات مع شبكة أمان اجتماعي لمحدودي الدخل يمكن تقديمها عن طريق زيادة ما يعرض من خلال نقاط الخبز أو بطاقات التموين، ويتم توفير التمويل اللازم لها من خلال الإيرادات التي ستتحقق من زيادة حصيلة الجمارك عند تحريك سعر الجنيه، أو من خلال تعجيل ترشيد دعم المحروقات والطاقة.
وتابع: أن تلك السياسات والإجراءات النقدية والمالية يجب أن تتكامل أيضا مع سياسات اقتصادية توسعية تهدف إلى تعظيم الإيرادات وليس تحجيم الطلب، وثورة تشريعية إجرائية متضمنة نقل تشريعات وإجراءات الاستثمار والمناطق الاقتصادية الخاصة كما هي مطبقة في دول ناجحة مثل سينغافورا ودبي دون أي تعديل أو تشويه، واستحداث آليات ميسرة لإعادة تحويلات المصريين بالخارج إلى السوق الرسمية، وتنمية ودعم الصادرات السلعية والخدمية، والترويج للسياحة من مقاصد جديدة ومتنوعة.
ولفت الوكيل، إلى أن هناك عشرات الاستثمارات الضخمة التي تنتظر تحديد السعر العادل للجنيه حتى لا يتكبدوا خسائر قبل بدء استثماراتهم، وهناك صادرات متوقفة بسبب توقف تدفق مدخلات الإنتاج المستوردة، وهناك مليارات متداولة في أيدي كل فئات المجتمع لا تجنى لهم أرباحا ولا تفيد الاقتصاد القومي، ستدخل في المنظومة البنكية فور عودة الثقة واستقرار أسعار التدوال ورفع الفائدة على الجنيه، كما ستصبح مصر جاذبة أكثر للسياحة بعد وضع السعر العادل للجنيه؛ كل ذلك سيزيد من الحصيلة الدولارية بالمنظومة البنكية، وسيكون له مردود واضح على ارتفاع الاحتياطي الأجنبي بالبنك المركزي.
وبيَّن أن معدل التضخم خلال الـ10 سنوات الماضية كان 10% في مصر وأقل من 2% في الولايات المتحدة، أي أن هناك أكثر من 80% فارق خلال تلك الفترة التي بدأت حين كان الدولار في حدود 5جنيهات؛ وبالتالي يكون السعر العادل اليوم في حدود 9 جنيهات.
وأردف أحمد الوكيل: "وبالطبع فوضع سعر عادل للجنيه الحل الأساسي؛ مما سيؤدى إلى توافر العملات الأجنبية، بجانب الحد من الواردات؛ فالعديد من السلع المستوردة ستخرج من مجال القدرة الشرائية للمواطنين؛ مما سيدعم المنتج المحلى، كما سيؤدى إلى تنمية الصادرات لا سيما أن الدول المنافسة خفضت عملتها أكثر من 25% مثل الاتحاد الأوروبي والصين وتركيا، وسيجذب السياحة؛ فسعر السياحة المتدني حاليا مبالغ فيه نظرا للسعر المغالى للجنيه، كما ستعود تحويلات المصريين المقيمين في الخارج وإيرادات الصادرات والسياحة إلى القنوات الشرعية مرة أخرى، بالإضافة إلى بدء تدفق الاستثمارات المنتظرة".
وتابع: «يجب ألا نتجاهل أننا ندعم الجنيه بالفارق بين السعر الواقعي للدولار - السوق الموازية والسعر الرسمي - أي أننا ندعم كل دولار استيراد بنحو 1،50 جنيه حاليا؛ وبالتالي يتلقى أكبر قدر من هذا الدعم من يشتري أكثر - أي الأغنياء - سواء سلع مستوردة أو محلية؛ لأن60% من قيمة السلع المحلية مكون أجنبي بها».
واستطرد: "يجب أن نعلم أنه سيحدث ارتفاع مؤقت لسعر الصرف فور التعويم، الذي سنقوم به رضينا أم أبينا، عاجلا أم آجلا، ثم سينخفض ليتوازن بعد ذلك كما حدث في 2003 / 2004؛ وعليه يجب أن تدعم السياسات المالية سياسات البنك المركزي النقدية التي يجب ألا تكون موجهة لحماية القيمة الخارجية للجنيه بشكل يؤثر على الأهداف الأخرى، التي تصب أساسا في تنمية الإنتاج والصادرات وجذب الاستثمارات؛ ومن ثم تحقيق النمو والتنمية".
أرسل تعليقك