القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي
آخر تحديث GMT01:43:38
 العرب اليوم -

بدلًا من النظر إليه كـ "ثروة وذخر قومي"

القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي

القطاع النفطي الروسي
موسكو ـ العرب اليوم

يستمر القطاع النفطي الروسي على وقع تهاوي الأسعار في السوق العالمية والعقوبات الغربية، وسوء التخطيط وعدم استغلال "السنوات السمان" لإجراء تغييرات في بنية الشركات. وبدلًا من النظر إليه كـ "ثروة وذخر قومي" بات القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي، هي الأعمق والأوسع أثرًا منذ انهيار الاتحاد السوفياتي.

ويغرق القطاع النفطي الروسي في حقبة سوداء، وبات المحرك الرئيس للاقتصاد الوطني في فترة حكم الرئيس فلاديمير بوتين في حاجة ماسة إلى الدعم الحكومي لتمكينه من الصمود. واضطر معظم الشركات النفطية إلى بيع إنتاجه بأقل من سعر الكلفة. كما تُراجع الشركات النفطية الروسية برامجها الاستثمارية لهذه السنة وفي المستقبل.

وواضح أن أزمة قطاع النفط والغاز الروسي أخذت تتعمق منذ مطلع السنة مع هبوط خام "برنت" إلى أدنى من 30 دولارًا للبرميل، لكن القطاع يعيش أزمة متواصلة منذ منتصف عام 2014، بدأت مع مسلسل تراجع الأسعار الذي وصل إلى نحو 60 في المئة، وعمّقتها العقوبات الغربية التي تسبّبت في نقص القروض الخارجية والمعدات والتقنيات اللازمة، لاستغلال الحقول الصعبة الاستخراج في اليابسة والجرف القاري.

وعلى رغم ازدياد الإنتاج نحو 1.5 في المئة العام الماضي، تصبّ كل التوقعات في اتجاه تراجع الإنتاج بدءًا من نهاية هذه السنة أو مطلع العام المقبل. ويُضاف إلى العوامل السابقة، احتمال انخفاض الأسعار إلى مستويات أدنى مع دخول إيران إلى السوق، وتمسك المنتجين الكبار بأسواقهم، والتنافس على أسواق جديدة، فيما سيضغط استمرار العقوبات الغربية على الموارد المالية للشركات الروسية، ويجبرها على خفض الإنتاج على المدى المنظور.

ولا تبدو فرص الشركات الروسية كبيرة في مواصلة التنافس على الأسواق، وربما تفقد بعض أسواقها التقليدية في شرق أوروبا مع دخول السعودية على الخط، واستعداد الولايات المتحدة لتزويد أوروبا شحنات من النفط، بعد رفع الحظر على الصادرات. ولعل الأهم أن الصفقة النووية مع إيران قد تنعكس سلبًا على روسيا، مع تكرار طهران على لسان أكثر من مسؤول استعدادها لتزويد القارة العجوز بالنفط والغاز.

وأكيد أن حظوظ القطاع النفطي الروسي في الصمود ضئيلة في حال تواصلت موجة تدني الأسعار، إذ إن القدرة على الثبات تحددها أسعار الإنتاج الرخيصة والنقل من ناحية، ووجود احتياطات مالية جُمعت من حقبة الأسعار المرتفعة. وفي هذا المجال ستكون حظوظ منافسي روسيا في السوق النفطية أكبر، وبالكاد تكفي موارد روسيا لمدة سنة واحدة، فيما يمكن السعودية أن تصمد لفترة تتراوح بين 5 و7 سنوات.

وبعيدًا من التصريحات الرسمية عن كلفة الإنتاج والنقل إلى موانئ التصدير والمقدرة بنحو 17 دولارًا للبرميل، يقدّر خبراء كلفة إنتاج البرميل في روسيا بنحو 29 دولارًا، متضمنة النفقات الرأسمالية والتشغيلية، إضافة إلى النقل والضرائب المفروضة. ومعروف أن النفط الروسي من ماركة "أوراليز" يُباع بحسم يتراوح بين دولارين وثلاثة مقارنة بخام "برنت"، ما يعني عمليًا أن الشركات الروسية تبيع نفطها بأقل من سعر الكلفة. ويجب عدم إهمال عامل آخر، وهو أن هذه الحسابات تنطبق على الحقول المنتجة حاليًا، وأن حفر آبار جديدة يزيد الكلفة.

واعتبر نائب رئيس شركة "لوك أويل" الروسية ليونيد فيدون، أن "تراجع الأسعار دون 50 دولارًا، يعني دخول القطاع النفطي الروسي في مرحلة الخسارة والبيع بأسعار تقل عن الكلفة". وأوضح أن "الحديث يدور عن الكلفة مع دعم كميات الإنتاج الحالية، بالتنقيب والبحث وحفر آبار جديدة".

وعلى المديين المتوسط والبعيد، سيواجه القطاع النفطي الروسي تحديات كبيرة، إذ كشفت بيانات أن زيادة الإنتاج جاءت على حساب الشركات الصغيرة والمتوسطة العام الماضي، في وقت تراجع إنتاج الشركات الكبيرة، مثل "روس نفط" ولوك أويل" و "سورغوت نفتغاز" بنحو واحد في المئة. ولعل الأهم أن إنتاج النفط في الحقول الرئيسة في غرب سيبيريا انخفض في شكل لافت بنحو 3 في المئة. ولم يستبعد خبراء أن يهوي إنتاج النفط في روسيا إلى النصف بحلول عام 2035 إلى نحو 279 مليون طن من نحو 534 مليونًا العام الماضي.

وعزت مؤسسات بحوث توقعاتها المتشائمة إلى توقف الشركات عن حفر آبار جديدة بسبب هبوط الأسعار، وعدم اهتمام الشركات الكبيرة ببدء العمل في حقول الجرف القطبي والقاري الصعبة الاستخراج، إضافة إلى عدم الاكتراث للعمل في الحقول القليلة الإنتاج أو تلك التي استنفدت مخزونها مع الزمن. ورأى خبراء أن معظم الإنتاج الحالي يأتي من حقول بدأ استغلالها في الحقبة السوفياتية.

وبدأت الشركات الروسية تقليص مخططاتها الاستثمارية خصوصًا في مجالات الاستكشاف والتنقيب واستغلال حقول جديدة. وكشف رئيس شركة "لوك أويل" الروسية وحيد ألكبيروف في لقاءات صحافية، أن شركته "تنوي توظيف استثمارات بنحو 9 بلايين دولار، لكنها ستتراجع إلى 7.5 بليون أو 6 بلايين، في حال تدنّت أسعار النفط إلى 30 دولارًا أو 20 على التوالي".

وعلى رغم إعلان شركة "روس نفط" نيتها رفع برنامجها الاستثماري لهذه السنة والمقدر بنحو الثلث بالعملة الروسية، سيفرض تراجع الروبل ضغوطًا على الشركة ويجعلها عاجزة عن بدء استغلال حقول شرق سيبيريا، المقرر أن تدعم الصادرات إلى الصين وفقًا للاتفاقات الموقعة مع الشركات الصينية.

وبعدما كانت "روس نفط" تفخر بمساهمتها في استقرار النظام المصرفي الروسي العام الماضي، عبر طرحها نحو 45.5 بليون دولار للبيع، وتزويدها الموازنة الروسية بنحو خُمس وارداتها، باتت الشركة تدافع عن وضعها المالي، وتؤكد أنها قادرة على تسديد ديونها والوفاء بالتزاماتها.

وأعلنت شركات النفط الروسية، امتلاكها نحو 23 بليون دولار من الموارد المالية الحرة الكافية لتغطية كل ديونها والتزاماتها، بعد القلق من عجز "روس نفط" الحكومية عن تغطية نحو 13.7 بليون دولار من ديونها المستحقة هذه السنة، بسبب تهاوي الأسعار وصعوبة الحصول على قروض جديدة أو إعادة هيكلة الديون الخارجية المقدرة بنحو 25 بليون دولار.

وتتجه الأنظار نحو "روس نفط" التي تعد بجدارة "بطل الديون القومي" بعد صفقات كثيرة أبرمتها في السنوات الأخيرة، منها شراء شركة "تي إن كا - بي بي" بنحو 50 بليون دولار، في ظل أسعار نفط تزيد على 100 دولار للبرميل. وفي موسكو يرجح خبراء أن تعمد الحكومة إلى طرح جزء من حصتها في الشركة والبالغة 62 في المئة، لتغطية العجز المتوقع في الموازنة.

ومع ارتفاع الأصوات المحذرة من فقدان روسيا دورها العالمي في المجال النفطي، تزداد الانتقادات لعدم استغلال الكرملين الطفرة النفطية لتنويع الاقتصاد وتخفيف تبعيته على النفط والخامات، عبر تطوير الصناعة وتوطين بعضها في روسيا والاهتمام ببناء اقتصاد يعتمد على الابتكارات والتقنيات العالية، والاهتمام بتطور قطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة، ودعم الزراعة. وتوجه الانتقادات إلى شركات النفط الروسية التي ركزت على دحض ثورة "النفط الصخري"، وأطلقت العنان لمخيلتها حول ارتفاع جنوني لأسعار النفط، ولم تفكر في التحول إلى شركات طاقة حقيقية. إذ اكتفت بمواصلة استخراج الخامات وبيعها، والعمل ضمن أجندة سياسية يحددها الكرملين، بدلًا من الاستثمار في الطاقة المتجددة والنظر إلى التغييرات العميقة في سوق الطاقة العالمية في السنوات الأخيرة.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي القطاع النفطي سببًا في أزمة جديدة للاقتصاد الروسي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 03:27 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة
 العرب اليوم - فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

GMT 01:23 2024 السبت ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في مستوطنة دوفيف
 العرب اليوم - "حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في مستوطنة دوفيف

GMT 05:58 2024 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

من الرياض... التزامات السلام المشروط

GMT 07:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء طفلك

GMT 10:26 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يُرهن ضم مرموش في انتقالات يناير بشرط وحيد

GMT 11:44 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع أرباح "أدنوك للإمداد" الفصلية 18% إلى 175 مليون دولار

GMT 13:23 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو وميسي على قائمة المرشحين لجوائز "غلوب سوكر"

GMT 20:14 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab