جدة ـ سعيد الغامدي
يعد السعوديون وجود القهوة على مائدة الإفطار أمرا رئيسا لا جدال فيه، فمهما اختلفت الشريحة الاجتماعية ومدى تكلف الأسر، واختلافها في إعداد الموائد الرمضانية، إلا أنهم يتفقون على وجود دلة القهوة "وهو اسم الإناء الذي توضع فيه" على صدر المائدة، وهو أمر لا تحكمه الشريحة الاجتماعية ولا المنطقة؛ بل هو تقليد سعودي خالص يعد موروثا شعبيا ظلت الأجيال متمسكة به منذ عقود طويلة، ولم تزحزح شعبيته شركات العصائر والمشروبات الغازية؛ بل وحتى القهوة الحديثة، التي على الرغم من منافستها، فإنها ظلت عاجزة عن إزاحة القهوة العربية عن مركزها التاريخي على موائد السعوديين.
ووجود القهوة العربية على موائد الإفطار ضروري في رمضان؛ الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مبيعاتها، مع الإقبال المتزايد عليها في الأسواق المحلية، حيث زادت النسبة إلى أكثر من 500 في المائة، وهو معدل يفوق ما كانت عليه قبيل دخول رمضان، وعلى الرغم من اختلاف هذه السنة عن السنوات الماضية، عبر تقلص حضور البن اليمني الذي أثرت في إنتاجه الأزمة الاقتصادية والجفاف وآثار الربيع العربي، وهو ما أزاح الطريق للقهوة البرازيلية التي بدأت تشق طريقها نحو أفواه السعوديين.
وألقى هذا الإقبال بظلاله سلبا على أسعار القهوة، التي ارتفعت بشكل كبير، تماشيا مع هذا الإقبال - حسب تأكيدات متعاملين في قطاع القهوة - وهو القطاع الذي يجد رواجا كبيرا هذه الأيام، ويراهن موردو البن على هذا الشهر الكريم في تحقيق أعلى الإيرادات وجني أرباح إضافية تعوضهم المبيعات المتقطعة طوال العام.
وقال عبد الرحمن الزاحم (مورد للبن)، إن شهر رمضان بالتحديد هو بمثابة الفرج بالنسبة لمبيعاتهم التي يطلبها منهم الموزعون، حيث إن الطلب على البن قبيل شهر رمضان يتضاعف إلى أرقام فلكية، وهو في تزايد مستمر وبشكل سنوي، ولم تؤثر فيه التطورات الحديثة، ودخول المشروبات المنافسة إلى موائد المواطنين، حيث يعد تقديم القهوة للضيوف والأقارب أساس ضيافة لا غبار عليه لا يتبدل ولا يتغير ولا يجور عليه الزمن، بل إن السكان المحليين يعدون القهوة أحد أهم المشروبات التي يحرصون على تناولها صباح كل يوم، خصوصا كبار السن الذين يتمسكون كثيرا بهذا التقليد أكثر من أقرانهم الأصغر سنا، لافتا إلى أن ثقافة تناول القهوة على موائد الإفطار، امتدت لتشمل الوافدين الذين لوحظ حرصهم على تناولها عند إفطارهم.
ويضيف الزاحم أنهم يعمدون إلى استيراد البن قبل دخول الشهر الفضيل بفترة كافية، لضمان إمداد المتاجر التابعة لهم بالكميات المطلوبة، كما أن تخزينها لفترات طويلة لا يضر عند بيعها؛ بل إن البعض لا يطلب إلا المخزنة لفترات طويلة؛ نظرا لتحميصها فترة كافية لتميزها بمذاق رائع، موضحا أن السعودية تعرف أنها تستورد البن بنسبة 100 في المائة؛ لذلك فإن أسعار البن قد تخضع لتفاوت في الأسعار بين الأنواع، لاختلاف جودته، وطعمه، وكمية الطلب عليه؛ لذلك من الصعب جدا التحكم في الأسعار؛ نظرا لأن البن يمتلك أسواقا شبيهة بأسواق الأسهم تصعد وتنخفض، وهو قطاع اقتصادي مهم، تقوم عليه بعض الدول وليس مجرد مشروب فقط.
ويعد تقديم القهوة العربية عند السعوديين من واجبات الضيافة، كما يجري تناولها في حفلات الأفراح والمآتم على حد سواء، باعتبارها المشروب الشعبي الأول المفضل لدى السكان المحليين، بالإضافة إلى ضرورة وجودها على معظم موائد السعوديين حيث لا يستغنون عنها ويضعونها على رأس قائمة مشروباتهم الرمضانية عند تناول الإفطار.
وفي السياق ذاته، أكد علي أجاويد الذي يدير أحد محال العطارة، أن مبيعاتهم من منتجات بن القهوة خلال الشهر الفضيل، ارتفعت إلى أكثر من 500 في المائة، إذا قورنت بالفترة التي سبقت دخول شهر رمضان، وهي نسبة كبيرة تغنيهم لأشهر مقبلة عن تحقيق مزيد من الأرباح، مبينا أن هذه الأيام من أكثر الفترات التي تشهد فيها محال العطارة إقبالا من العملاء، إلا أن السوق لم تسجل أي نقص في كميات القهوة، على الرغم من الإقبال الشديد عليها، وذلك لاستقبال الموانئ السعودية آلاف الأطنان منها قبيل دخول الشهر الفضيل؛ لذلك الأسعار مستقرة إلى حد كبير، ولم تشهد أي قفزات تُذكر.
أرسل تعليقك