كشف نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "دوكاب" الصناعية الدكتور أحمد بن حسن الشيخ أنَّ ارتباط دبي والإمارات بالعالم ولّد فرصًا للتصدير أكبر بكثير من المتاحة للمنافسين، فضلًا عن تمتع دبي والإمارات بسمعة طيبة على مستوى العالم، وهو ما يدعم علامة "صنع في الإمارات"، ويدعم نفاذ المنتجات الإماراتية في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن "دوكاب" استحوذت على شركة بريطانية لتصنيع الكابلات، الأمر الذي يدعم نفاذ منتجاتها إلى أوروبا.
وأوضح نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "دوكاب"، أنه لتحقيق أفضل استغلال ممكن من الاستثمارات في قطاع الصناعة فإن التركيز على دعم الدولة للصناعات الاستراتيجية، وتحديدًا التي تحمل طابع التقنية العالية، مثل دخول صناعة الطائرات أو الدخول في عالم الصناعات الذكية، والصناعات الفضائية، لما لها من مردود وقيمة مضافة.
وأشار إلى أنّ "ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة والطاقة والأراضي تعد من الأسباب الرئيسة في ضعف إقبال المستثمرين على القطاع الصناعي في الدولة، رغم الموقع الجغرافي المميز وتوافر غالبية المواد الخام الأولية لعديد من الصناعات".
وبيّن الشيخ أنَّ "نسبة الزيادة في تكلفة العامل من إجمالي التكلفة التشغيلية للمصنع تصل بين 50 - 55% مقابل تكلفة العامل نفسه في الدول المجاورة، وهو ما يشكل تحديًا حقيقيًا للمنافسة في القطاع فيما ترتفع فاتورة الكهرباء إلى نحو 4 أضعاف في الدول المنافسة".
وأبرز أحمد الشيخ أنَّ "مؤسسي الدولة انصب اهتمامهم في فترة السبعينات والثمانينات على وضع نظم وقوانين لتأسيس وتقوية البنية التشريعية التي تمس الحياة اليومية للمواطن أو المقيم في الإمارات، وكان التركيز في النشاط الاقتصادي في تلك الفترة ينصب على التجارة، نظرًا لأنها كانت أحد أبرز الأنشطة التي تمارس بالفعل إذ كانت دبي معروفة بالتجارة منذ القدم".
وأضاف أنَّ "الصناعة في ذاك الوقت لم تكن لها أولوية لدى الدولة أو المستثمر، لاسيّما أنَّ منافسة المنتج الأجنبي في تلك الفترة كان أمرًا في غاية الصعوبة لأن سمعة المنتج المحلي أو العربي كانت ضعيفة، حتى بالنسبة للمستهلك المحلي"، مشيرًا إلى أن "ذلك أدى إلى عدم الاهتمام بوضع بنية تشريعية داعمة للقطاع الصناعي في تلك الفترة".
وتابع "الشق الآخر يكمن في فكر أصحاب رأس المال نفسه لأن غالبية الاستثمارات في تلك الفترة كانت تتجه نحو التجارة وشحن البضائع سواءً البحرية أو البرية، فيما كانت الصناعة تتطلب توافر مواد أولية ومراحل تصنيع، فضلًا عن ضرورة أن يوافق المنتج رغبة السوق وبالتالي فإن الأليات التي تحكم هذا القطاع جعلته عملية مربكة للمستثمر، فضلًا عن طول مدة العائد، إذ يصل العائد في التجارة بين 10 إلى 20% وهو عائد سريع، فيما تحقق الصناعة العائد المرجو منها في فترة تصل ما بين 4 إلى 5 أعوام".
ولفت أحمد الشيخ إلى أنَّ "التكلفة في القطاع الصناعي تختلف بحسب نوع المنتج ولكن بصورة عامة فإن تكلفة العمالة تشكل جزءًا كبيرًا من التكلفة التشغيلية للمصنع إلى جانب تكلفة الكهرباء، بالمقارنة مع المنافسين في الدول المجاورة"، موضحًا أنَّ "متوسط تكلفة العامل غير المدرب في دول مجاورة تقدر بـ 700 درهم، فيما تصل التكلفة محليًا إلى 900 درهم، بزيادة 30 إلى 35% في قيمة الراتب للعامل البسيط".
وأردف "تكلفة الإقامة والغذاء والكهرباء للعامل تقدر في الدول المجاورة بنحو 100 درهم، فيما تصل إلى 300 و400 درهم في الإمارات، وترتفع تكلفة المواصلات للعامل من 30 درهمًا بالدول المجاورة إلى نحو 100 درهم في الامارات بإجمالي فارق تكلفة بين 50 إلى 55%".
وفي شأن أسعار الكهرباء، أوضح أنَّ "سعر الكيلو وات يصل في الدولة بين 40 و45 فلسًا للمنشآت الصناعية في ما ينخفض إلى نحو 10 فلوس فقط في الدول المجاورة، بما يعني أن فاتورة كهرباء المصنع في الدولة تقدر بنحو 4 أضعاف منافساتها".
ولفت إلى أنّه "على الرغم من انخفاض أسعار الأراضي الصناعية بالمقارنة مع الأنشطة الأخرى بالدولة فإنها تظل أعلى من أسعار الأراضي بالدول المجاورة، إذ يقدر سعر الأرض الصناعية بنحو 2 درهم للقدم المربعة وتنخفض إلى 25 فلسًا فقط بالدول المجاورة".
وبيّن أنّ "هذه التكلفة تصب في النهاية على سعر المنتج، وهو ما يجعل رفع الأسعار إجباري لتحقيق هامش ربح مناسب، فيما يمتلك المنافس مساحة أفضل للتحرك بالأسعار".
واستطرد "على الرغم من ارتفاع التكاليف فإن هناك مصانع إماراتية قائمة وتعمل وتحتل مكانة مميزة وذلك لوجود عدد من النقاط الإيجابية أولها أن السوق في الدولة مفتوح، وهو ما جعل المديرين والمسؤولين من أصحاب المصانع يستشعرون المنافسة الشديدة بما دفعهم لتطوير نظمهم الداخلية بصورة دائمة، لمواكبة المنافسة"، لافتًا إلى أنَّ "توفير التكاليف الإدارية إحدى أبرز السمات التي تعمل بها غالبية المصانع في الدولة، فضلاً عن سرعة اتخاذ القرار داخل المصنع بما جعل على الرغم من ارتفاع الرواتب والتكلفة إلا أن المنتج منافس".
وأضاف أن "أحد أكثر العوامل الإيجابية هو فكرة ارتباط سوق دبي والإمارات بالعالم، وبالتالي فإن الصناعة اعتمدت على وجود دبي والإمارات على الخريطة العالمية، وهو ما ولد فرصًا للتصدير أكبر بكثير من المتاحة للمنافسين فضلًا عن تمتع دبي والإمارات بسمعة طيبة على مستوى العالم، وهو ما يدعم علامة (صنع في الإمارات)".
وأوضح أحمد الشيخ أنَّ "أفضل مسارين للصناعة هو إما أن تدعم الدولة صناعات استراتيجية مثل الإعلان عن دخول أبو ظبي عالم صناعة الطائرات، وهو أمر له مردود إيجابي، وإما على صورة الدولة بشكل عام وأيضًا دخول الإمارات نادي الصناعات الذكية، وذلك من خلال اختيار منتجات تعطي قيمة مضافة للدولة".
وتابع أن "المسار الآخر التي يمكن التوسع فيه هو التوسع في صناعة القطاعات الاستهلاكية وتحديدًا التي تتوافر المواد الخام الأولية لها محليًا وعلى رأسها الصناعات البلاستيكية والصناعات البتروكيماوية، نظرًا لأننا دولة نفطية أيضًا يمكن تبني الصناعات القائمة على النخل، نظرًا لما تتمتع به البلاد من أعداد كبيرة من النخيل، والصناعات المرتبطة بالأسماك وغيرها من الصناعات التي تستطيع الدولة المنافسة بها نظرًا لامتلاكها المواد الأولية".
وأبرز أحمد الشيخ أنَّ "المصنع يقوم بعمليات لتدوير جزء من المخلفات الصناعية، حيث تنحصر عمليات التدوير في 3 مجالات، وهي تدوير المياه حيث تستهلك (دوكاب) كمية كبيرة من المياه للتبريد الذي يعقب عمليات الصهر، حيث يعاد تدوير المياه، فيما يستخدم ما تبقى من المياه بعد عملية التدوير في الري الزراعي".
وأشار إلى أنّه "نقوم بتدوير الكهرباء حيث نقوم بالعمليات التي تحقق كفاءة الطاقة وأيضًا خفض الانبعاثات الكربونية أما المجال الثالث فهو تدوير المواد الأولية، حيث لدينا مصنعان داخل (دوكاب) يعملان على إعادة تصنيع المنتجات أولهما مصنع قضبان الحديد، حيث يعمل على إعادة صهر القضبان التالفة في مراحل الإنتاج يعيد صهرها وإنتاجها مجددًا إلى جانب مصنع لحبيبات البلاستيك، حيث يقوم بإعادة تصنيع البلاستيك".
ورأى الدكتور أحمد بن حسن الشيخ أنَّ "الصناعة ينبغي أن تحسب بالقيمة المضافة التي تؤديها داخل الدولة سواءً كانت قيمة مادية أو معنوية، وعندما نتحدث عن القيمة المعنوية نتذكر منها قطاع صناعة الطيران في الدولة والصناعات الفضائية، لاسيّما القرار الأخير بإنشاء وكالة فضاء إماراتية، وعادة القيمة المضافة تتحقق عند إيجاد بديل عن منتج نقوم باستيراده ومن خلال إيجاد منتج بكلفة أقل من كلفة المستورد الذي يتم استيراده من الخارج، وعبر إيجاد بديل لمنتج توقف استيراده، وبالتالي القيمة المضافة لا تحسب ماديًا فقط ولكن من ناحية معنوية، تحقق الكثير لنا، وعندما نتحدث عن منتج صُنع في الإمارات يجب أن ننظر للقيمة المضافة المادية والمعنوية للمنتج المُصنع".
ولفت إلى أنه "في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات في الإمارات كانت هناك صناعة المنسوجات وبدأت هذه الصناعة بنحو 20 إلى 30 عاملاً، وانتهت بـ 500 ألف عامل في الخط الإنتاجي للنسيج، بسبب بسيط، وهو أن الولايات المتحدة الأميركية لم تكن قد وضعت رسومًا على الإمارات، فانتقلت المصانع الهندية للدولة، وبدأت الإنتاج، وهنا أتساءل هل نحن بالفعل بحاجة لهذه النوعية من الصناعة، وما القيمة المضافة التي تحققها هذه لنا".
واستطرد نائب رئيس مجلس إدارة مجموعة "دوكاب" أنه "لو قمنا بعملية حسابية مادية نفترض أن لدينا 50 إلى 100 ألف عامل في خط إنتاج النسيج، وهؤلاء من أصحاب المهن البسيطة، التي لا تتجاوز الحياكة ومن خلال الدراسات التي أجرتها وزارة الاقتصاد وجدت أن الإمارات تنفق 15 ألف درهم سنويًا على كل فرد مقيم في الدولة من خلال الخدمات التي يتلقاها الفرد من خدمات في الطرق والجسور، ولكن في المقابل هل هذا النوع من الصناعة قادر على استرداد هذه الأموال المنفقة، فالجوب لا، وبالتالي لسنا في حاجة لهذه الصناعة".
واعتبر الشيخ أنَّ الصناعات التي تحتاجها الإمارات هي الصناعات التي لا تتطلب عمالة يدوية كبيرة، نظرًا لعدم وجود كثافة في أعداد العمال، كما هو الحال في دول أخرى، وبالتالي هناك حاجة على سبيل المثال الدخول لصناعات متخصصة مثل المواد الغذائية المتخصصة والمنتجات الغذائية الإسلامية".
وأردف "اليوم تعتبر شركة (الإسلامي) من أكبر الشركات المنتجة للأغذية الإسلامية في العالم، وأيضًا صناعة السفن، لاسيّما في ضوء الأهمية اللوجستية لدبي والإمارات بصورة عامة كمحور تجاري عالمي".
وكشف الدكتور أحمد بن حسن الشيخ أنَّ "إجمالي العمالة في (دوكاب) تقدر بـ 1200 عامل، منهم نحو 250-300 عامل من أصحاب الياقات البيضاء، في حين أن 30 % من إجمالي هؤلاء هم من الشباب المواطن، ونحن نولي أهمية كبيرة للاستثمار في العنصر الوطني، واليوم لدينا برنامج لرفع تعداد المواطنين في (دوكاب) بنحو 12- 15 % سنويًا".
وأكّد الشيخ "وجود الحاجة لتدعيم التعليم الفني والصناعي، من خلال خلق مزيد من الورش الفنية ومعاهد التدريب الصناعية لتدريب الشباب المواطن، وتحفيزه لدخول القطاع الصناعي، وأمامنا تجربتان ناجحتان للغاية، وهما تجربة المصارف، ففي الثمانينيات، صدر قرار بإلزام المصارف بتوطين نسبة من الوظائف، ولكن التوطين اقتصر في ذلك الوقت على الوظائف البسيطة والابتدائية، ولكن بعد تأسيس معهد المصارف، نرى اليوم أن القطاع المصرفي في الدولة من أكثر القطاعات جذبًا للمواطنين، ونرى الكثير منهم يتولى مناصب رفيعة في تلك البنوك، والسبب أنه تم تدريبهم وتأهيلهم كما ينبغي، وبالتالي، لماذا لا نستنسخ الفكرة في القطاع الصناعي، مع تغيير التخصص بطبيعة الحلال".
ولفت إلى أنّه "في حسابات أي مستثمر فإن تكلفة إنشاء مصنع مثل (دوكاب) يبلغ نحو مليار درهم على الأقل، مع فرص النجاح 50 -50، وعائد متوقع بعد 5 عوام، ومصاريف إدارية وتشغيلية وتقنيات وتكنولوجيا، والخيار الآخر الاتجاه إلى القطاع العقاري مع نسبة مخاطرة 25% وعائد قد يتحقق بعد 3 أشهر فقط فضلًا عن أن الجزء الإداري لا تتجاوز تكلفته نحو 10% من الهيكل الإداري المطلوب في الصناعة".
وطالب الشيخ بـ"ضرورة وضع تصنيف للصناعة بحسب تأثيرها على البيئة من صناعات صديقة وغير صديقة وأيضًا تحديد أنواع الصناعات التي لها قيمة مضافة غير مرئية مثل المصانع التي تعيد تصنيع الورق والتي تشكل قيمة مضافة كونها تخلصنا من النفايات وثاني أكسيد الكربون، وبالتالي قيمتها تتجاوز القيمة المادية فهي تحافظ على البيئة عبر تخليصنا من النفايات".
وكشف أحمد الشيخ عن إتمام شركة "دوكاب" لعملية استحواذ على شركة "أيه إيه آي كابلز" البريطانية، أحد أهم موردي الكابلات في أوروبا، في آذار/مارس الماضي، بهدف الاستفادة من الخبرات التي تمتلكها الشركة البريطانية، والعبور نحو الأسواق الأوروبية.
ويضمن هذا الاستحواذ لـ"دوكاب" حق الانتفاع من المنشآت الصناعية التابعة للشركة البريطانية، التي تتخذ من مقاطعة نيو كاسل، شمال إنكلترا مقرًا لها، إضافةً للموارد البشرية التي تشمل نحو 200 متخصص.
ويدعم الاستحواذ الجهود المتواصلة لشركة "دوكاب" لتلبية الاحتياجات المتنامية للأسواق من الكابلات عالية الجودة والاستجابة للطموحات المستقبلية.
يذكر أنَّ مجموعة دوكاب الصناعية تمتلك نحو 6 مصانع لكابلات الطاقة ومصنع لإنتاج لفات النحاس ومصنع للألومنيوم ومصنع للبلاستيك وهي شركة مملوكة 50% لدبي القابضة و50% لـ"صناعات" القابضة العامة في أبوظبي.
ويقدر إنتاج الشركة السنوي من الكابلات بنحو 120 ألف طن سنويًا من قضبان النحاس ونحو 120 ألف طن من المواد الأولية المستوردة من الخارج.
وتمتلك الشركة أطول برج صناعي في الشرق الأوسط بطول 198.5 مترًا، وبلغت مبيعات الشركة العام الماضي نحو 5.1 مليارات درهم، وتعد الشركة العربية الأولى التي تدخل مجال تصنيع الكابلات النووية.
أرسل تعليقك