بيروت - العرب اليوم
أثمرت الاجتماعات التي عُقدت في الاسابيع الماضية بين وزراء الكهرباء والطاقة في كل من لبنان والاردن وسوريا، اضافة إلى عدد من الخبراء الفنيين وممثلين عن البنك الدولي، إتفاقا شاملا لمساعدة لبنان على زيادة ساعات التغذية بالكهرباء من خلال تأمين جزء من حاجاته من الطاقة من الأردن عبر الشبكة الكهربائية السورية يرتبط الأردن وسوريا كهربائيا من خلال خط نقل بقدرة 400 ك.ف. منذ العام 2001، إلا أن خط الربط خارج الخدمة حاليا منذ منتصف العام 2012 لأسباب فنية، في حين ترتبط سوريا ولبنان من خلال خطوط ربط عدة بقدرة 400 و230 و66 ك.ف. كما ترتبط الدول الثلاث باتفاقية تبادل عامة واتفاقية ربط عامة ضمن مجموعة الربط الكهربائي الثماني، التي تضم الأردن ومصر والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا، إضافة إلى تركيا. واستنادا إلى الصيغة النهائية لعقد تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية، سيتم تزويد لبنان بنحو 150 ميغاواط، من منتصف الليل وحتى السادسة صباحًا، وما يقارب 250 ميغاواط خلال باقي الأوقات، وهي كميات تؤمن ما بين ساعتين إلى ثلاث ساعات من الكهرباء الاضافية.
وكانت فرق فنية مشتركة كشفت على شبكات الكهرباء في الاردن وسوريا ولبنان، وخرج التقرير النهائي الذي رُفع إلى وزراء الطاقة في كل دولة على حدة ليؤكد جاهزية الشبكة الأردنية لنقل الكهرباء، ولكن بحسب مصادر أردنية لـ "النهار" ان عملية الربط الكهربائي بين البلدين لن تتم قبل نهاية الربع الاول من العام 2022 بأفضل تقدير بسبب أعمال صيانة الشبكة من قِبل الجانب السوري، والتي تضررت نتيجة الحرب، فيما تشير المعلومات إلى ان تقرير الجانب السوري يلحظ مدة ما بين ثلاثة إلى ستة اشهر للإنتهاء من إصلاح الاضرار على الشبكة السورية، وذلك بعد الكشف الفني على الشبكات في الدول الثلاث، وتحديد المتطلبات الفنية والتجارية اللازمة. ولكن يبدو ان القرار بالاسراع في إنجاز التصليحات على الشبكة قد اتخذ لتزويد لبنان بالكهرباء حيث يؤكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الاردني الدكتور صالح الخرابشة أن "العقبات هي عبارة عن قضايا فنية على الشبكة السورية يجري العمل على إنجازها وسيتم الانتهاء منها بحلول نهاية العام الحالي"، متوقعًا أن تبدأ عملية تزويد لبنان بالكهرباء مع بداية العام المقبل، وهو ما أكده وزير الكهرباء السوري غسان الزامل، مشيرا إلى أن سوريا ماضية وبسرعة في إعادة تأهيل خطوط الربط الكهربائي مع الأردن حيث تصل كلفة تأهيل الخط إلى 5.5 مليارات دولارات.
إلى ذلك، حصل لبنان على ضوء أخضر اميركي يعفي الاردن ولبنان من اي تبعات من "قانون قيصر" لناحية استجرار الكهرباء الاردنية عبر الاراضي السورية، وهذا الضوء الاخضر شبيه بالاستثناء الذي منحته واشنطن للعراق عند استجرار الكهرباء الايرانية إلى الداخل العراقي. أما بالنسبة إلى تمويل مشروع إستجرار الكهرباء الاردنية، فقد تم الاتفاق مع البنك الدولي الذي شارك ممثل عنه في الاجتماعات الاخيرة في عمان، على منح لبنان قرضا طويل الاجل قد تصل قيمته الاجمالية إلى 250 مليون دولار بفائدة ميسرة، يغطي كلفة شراء الكهرباء، اضافة إلى تغطية ثمن الكهرباء التي ستحصل عليها سوريا على شكل نوع من ثمن "عبور" لاراضيها واستخدام شبكاتها لنقل الطاقة الكهربائية إلى لبنان، مع موافقتها على عدم تحصيل اي رسوم عبور او ثمن مباشر لاستخدام بنيتها التحتية.
وضمن المساعي الهادفة إلى زيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي في لبنان في المرحلة المقبلة، من المتوقع ان يزور وزير الطاقة والمياه وليد فياض قريبا بغداد للقاء نظيره العراقي ومسؤولين آخرين لمتابعة تطبيق الاتفاق الساري حاليا والمتعلق باستيراد الفيول العراقي لزوم تشغيل معامل انتاج الكهرباء، والذي يلحظ تزويد لبنان بحوإلى 60 ألف طن من الفيول شهريا ولمدة سنة. وبحسب معلومات "النهار" إلتزم رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال لقائه الاخير مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بغداد مضاعفة كميات الفيول التي يقدمها العراق حاليا للبنان في المرحلة المقبلة بعد دراسة الامكانات المتاحة خصوصا لناحية مستويات انتاج النفط العراقي وقدرة المصافي العراقية والتزامات شركة "سومو" العالمية بعقود طويلة الاجل، إذ إن العراق ملتزم سقف إنتاج محدد ضمن منظمة "اوبيك" لا يمكن تخطيه الا بموافقة من المنظمة، وهو ما يتم العمل عليه حاليا بمساع من اللواء عباس إبرهيم الذي دخل على الخط مجددا، عبر اتصالات يقوم بها مع الجانب القطري، إلى تواصل مع الادارة الاميركية لتحقيق هذا الامر. أما بالنسبة لآلية تسديد ثمن الفيول العراقي، فالمساعي حاليا هي لتحويل الكميات التي يحصل عليها لبنان إلى هبة، ما يعني عدم تسديد كلفة الفيول العراقي في الحساب الخاص الذي فُتح لمصلحة المصرف المركزي العراقي في مصرف لبنان.
حاليا تسعى وزارة الطاقة في لبنان إلى المحافظة على إنتاج الـ400 ميغاواط من الكهرباء، وهي ضرورة فنية لثبات الشبكة ويتم تأمينها الان فقط عن طريق كمية الفيول العراقي، وأي تأخير في وصول شحنات هذا الفيول يؤدي حتما إلى انقطاع تام للكهرباء عن كل لبنان، وهو ما حصل في الاسابيع الماضية. والتعويل في المرحلة المقبلة يبقى على وصول الغاز المصري إلى محطة دير عمار بعد التوصل إلى اتفاق مع الجانب المصري ما قد يسمح للبنان بالحصول على 650 مليون متر مكعب من الغاز المصري سنويا عبر خط الغاز العربي، وهي كمية تكفي لتشغيل محطة دير عمار وتساهم في تأمين 5 ساعات من الكهرباء. وبحسب المعلومات، فإن خط الغاز العربي جاهز بنسبة 90%، ومع الكشف عن الجزء الخاص بالجانب اللبناني تبين وجود عطل بسيط من السهل إصلاحه عند إحدى محطات الربط الكهربائي. وتستمر وزارة الطاقة اللبنانية بالتعاون مع الجانب المصري وشركة TGS في الأردن وتعاين خط الغاز في لبنان لإصلاحه، مما قد يستغرق بضعة أسابيع. وفي سياق غير بعيد، علمت "النهار" ان الوزير فياض تواصل مع رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر" سلطان الجابر، الذي أعرب عن رغبة بلاده في مساعدة لبنان على صعيد الكهرباء.
لقد منعت الحكومات السابقة لبنان من الاستفادة من خط الربط الكهربائي السداسي (مصر، الاردن، العراق، سوريا، لبنان وليبيا) وبالتالي توفير نحو 250 مليون دولار سنويا طوال الأعوام الماضية، علماً أن محطة مجدل عنجر قد انجِزت الاعمال فيها عام 2006 وتستطيع أن تستوعب 400 ميغاواط يمكن ربطها بالشبكة اللبنانية. فعلى الحكومة الجديدة عدم إضاعة الفرصة والاستفادة من كل الامكانات لزيادة انتاج الطاقة الكهربائية عبر خط الغاز العربي والانتهاء من تنفيذ وصلة جنوب دمشق إلى الزهراني باسرع وقت والبدء بتطوير انتاج الطاقات المتجددة خصوصا بواسطة الشمس نظرا إلى طبيعة لبنان ومناخه الذي يمكن ان يعطي نحو 2000 ميغاواط، وما يؤمن انتاجا نظيفاً ومستداماً ويوفر على الخزينة الكثير من الاموال لبنان بحاجة اليها سواء في بناء معامل جديدة أو في تطوير شبكتَي النقل والتوزيع.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
دمشق تعلن موافقتها على طلب لبنان تمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية
استحضار الكهرباء الأردنية والغاز المصري إلى لبنان مرهون بموافقة سوريا
أرسل تعليقك