أكدت شركة نفط روسية أنها أبرمت عقدًا, لشراء شحنات نفط من إقليم كردستان عبر ميناء جيهان التركي بداية شهر أبريل / نيسان الجاري، الأمر الذي يدفع بشركات أخرى لشراء الخام من الإقليم بشكل مباشر، في حين أثار هذا الاتفاق رفضًا واسعًا من القوى السياسية الكردية، بالإضافة إلى الأطراف الشيعية في الحكومة الاتحادية.
وأبرمت حكومة الإقليم الكردي عقودًا نفطية، السبت الماضي، مع شركة "روزنفت"، بحضور رئيس حكومة الإقليم نيغيرفان بارزاني في موسكو، تمتد لـ20 عامًا في مجال التنقيب والخدمات اللوجستية وتطوير البنى التحتية وتجارة موارد الطاقة ،ولم يكشف حتى الآن عن قيمة العقود، التي أبرمت بين الطرفين.
وكشف الرئيس التنفيذي للشركة إيغور سيتشن، في بيان عقب توقيع العقود، أن الاتفاق يضرب مثالًا على استثمارات ذات ثقل في واحدة من المناطق الرئيسية في الشرق الأوسط، بما سيتيح للشركة توسعة نطاق أنشطة إنتاجها واستكشافها.
وأعلنت ثلاث كتل برلمانية في الإقليم الكردي، الإثنين الماضي، رفضها للاتفاق النفطي، محذرة من أنه سيؤدي إلى عواقب اقتصادية وسياسية "وخيمة وخطيرة", وقالت كتل التغيير، والاتحاد الإسلامي، والجماعة الإسلامية، في بيان مشترك إن بيع النفط يجرى بـ"أسعار رخيصة"، بموجب تلك الاتفاقيات.
واعتبرت الكتل أن ذلك يصب "فقط في مصلحة فئة سياسية متاجرة بالوطن وثرواته"، من دون تسميتهم, وحذرت من أن استمرار هذا الواقع سيؤدي إلى "عواقب اقتصادية وسياسية وخيمة وخطيرة على الإقليم والعراق ككل أيضًا".
وحمل البيان "الحزب الديمقراطي الكردستاني" يتزعمه مسعود بارزاني مسؤولية السماح لـ"المتاجرين بثروات الإقليم وقوت الشعب، تمرير أجنداتهم وصفقاتهم الحزبية والشخصية المشبوهة", ودعت الكتل السياسية الكردية الحكومة الاتحادية في بغداد إلى القيام بمسؤولياتها الدستورية والأخلاقية لوقف ما وصفته بـ"النزيف" النفطي والمالي لإقليم شمال البلاد.
ورفضت وزارة النفط العراقية، الإدلاء بأي تصريح إزاء الموقف الرسمي من الاتفاق النفطي الجديد, فيما اعتبر عضو في لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي، الإثنين الماضي، أن الاتفاق النفطي "يزيد من الأزمة السياسية" بين بغداد وأربيل.
وأكد عضو اللجنة زاهر العباديإن "إبرام اتفاق نفطي خارج إطار شركة النفط الوطنية الوحيدة في البلاد "سومو" يعد مخالفة قانونية وسيزيد من حدة الخلافات بين بغداد وأربيل", واعتبر أن الخطوة "تفتح الباب أمام محافظات عراقية أخرى منتجة للنفط للمطالبة بإبرام عقود بمعزل عن الحكومة الاتحادية، وستحدث فوضى وعدم سيطرة مركزية على منافذ بيع النفط الخام".
وتابع العبادي أن "المحافظات الجنوبية من البلاد النفطية ملتزمة بنصوص الدستور العراقي بشأن السياسية النفطية، وهذا لا يعطي الحق لجهة التنصل من الاتفاقات بينما تلزم أطراف أخرى بتنفيذه", وطالب الحكومة الاتحادية باتخاذ "إجراءات أكثر صرامة" تجاه الإقليم الكردي، وبينها إبعاد كل مسؤوليه من وزارة النفط الاتحادية باعتبارها لا تلتزم بالقانون والدستور العراقي, وبحسب خبير قانوني فإن توقيع الإقليم الكردي على عقود نفطية جديدة مع شركة روسية تملك الحكومة حصة فيها "مخالف للقانون الدولي والدستور العراقي".
وذكر المحامي طارق حرب أن "القانون الدولي لا يسمح بإبرام اتفاقيات في شتى المجالات، من بينها النفطية، مع أقاليم أو محافظات، بل يلزم أن تكون الاتفاقيات مبرمة من الحكومات الرسمية للبلدان، وبما أن الإقليم الكردي ليس دولة فلا يمكن إبرام الاتفاقيات بمعزل عن حكومة بغداد".
وأضاف حرب أن "الاتفاق النفطي الجديد يخالف الدستور العراقي في ماديته 111 و112 واللتين تنصان على أن النفط والغاز ملك للشعب العراقي، ولا يمكن لأية جهة التصرف فيه بمعزل عن الحكومة الاتحادية", وأبرمت بغداد وأربيل في كانون الأول 2014 اتفاقًا نفطيًا تضمن أن يقوم الإقليم الكردي بتسليم ما لا يقل عن 250 ألف برميل نفط يوميًا للحكومة الاتحادية بغرض التصدير، وتصدير 300 ألف برميل يوميًا من قبل الحكومة الاتحادية من حقول محافظة كركوك، عبر خط أنبوب النفط، في الإقليم الكردي.
ولكن الاتفاق النفطي أوقف بشكل نهائي حزيران 2015، وبدأ الإقليم الكردي تصدير نفطه بمعزل عن الحكومة الاتحادية، التي قررت بدورها إيقاف دفع حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية البالغة 17بالمائة بسبب إخلال الإقليم بالاتفاق النفطي.
أرسل تعليقك