يصارع إبراهيم، القادم من دولة مالي إلى الجزائر, للبقاء بهدف كسب قوت عائلته التي تركها في بلاده, حين قرر شد الرحال بعد أن ضاقت به كل السبل في وطنه جراء الانفلات الأمني والأزمة الداخلية التي يعاني منها, ليجد له مستقرًا في منطقة هرواة, بلدية ساحلية تابعة لمحافظة الجزائر العاصمة، رفقة شباب ماليين آخرين قدموا إلى الجزائر بحثًا عن الأمن والعمل, بعد هجرة شاقة في الصحراء الشاسعة التي تربط بين الجزائر ومالي, فكانت بالنسبة لهم رحلة مليئة بالمتاعب ومحفوفة بالمخاطر، كونها أصبحت مسلكًا مهمًا للمهاجرين الأفارقة غير الشرعيين ومهربي البشر.
وسأل "العرب اليوم" إبراهيم، عن مدة تواجده في منطقة هراوة, فأبلغنا أنها تجاوزت 24 شهرًا كاملًا, تمكن بفضل مساعدة أبناء تلك المنطقة من الاستقرار فيها, وهو يعمل الآن في إحدى الورشات السكنية للحصول على أموال يقوم بإرسالها إلى زوجته وابنه اللذان تركهما في دولة مالي.
ويعتبر إبراهيم من بين اللاجئين الذين قرروا التخلي عن مراكز الإيواء الخاصة والبحث عن مهنة تكسبهم القليل من الأموال، حتى وإن كان هذا الأمر بطريقة غير شرعية, ونجحوا بفضل سلوكهم الإيجابي من الاستقرار في بعض الأحياء الراقية بفضل تحصلهم على المساعد من جزائريين, وأصبحوا يمثلون معادلة مهمة في سوق العمل باعتراف من السلطات المحلية.
وقال إبراهيم، إنه يتأهب لصوم شهر رمضان المبارك كغيره من الجزائريين وسيقضي أيامه بين العمل والتردد على المسجد لقضاء الصلوات الخمس في أوقاتها, وعن المكان الذي سيفطر فيه, أكد أنه سيفطر رفقة زملائه في المكان الذي يقطن فيه, وسيأكل من الأطباق التي تعدها النسوة الجزائريات, فجيرانه كما قال لا يبخلون عليه بشيء.
ويعد إبراهيم عينة واحدة من اللاجئين الأفارقة، الذين أصبحوا يشكلون البديل الأنسب لشركات البناء ومقاولات وأعمال الري والطرقات, في وقت ينبذ الشباب الجزائري هذا النوع من الأعمال لأنها تتطلب جهدًا بدنيًا شاقًا.
ومن جانبه، ذكر "وليد . خ "، مشرف على إنجاز مشروع سكني في محافظة بومرداس شرق الجزائر, في تصريحات لـ"العرب اليوم"، إن مشروعه السكني سجل تأخرًا في الإنجاز لمدة تقارب العام, وأرجع ذلك لنقص اليد العاملة, لكن وبمجرد استنجاده باللاجئين الأفارقة, شهدت أعمال إنجاز المشروع تقدمًا ملحوظًا, مشيرًا إلى أنهم يشتغلون جميع أنواع الأعمال اليدوية كرفع مواد البناء وجميع العتاد الخاص به.
ونشرت منظمة العفو الدولية, إحصائيات غير رسمية تكشف بأن عدد المهاجرين الأفارقة في الجزائر يتراوح ما بين 30 ألفًا و 100 ألف لاجئ أفريقي، وكشفت تصريحات عدد من ولاة المحافظات الجنوبية كوالي محافظة ورقلة، التي رحل منها أخيرًا نحو ألف مهاجر أفريقي, بسبب اندلاع مناوشات شهدتها المدينة عقب مقتل مواطن على أيدي نيجريين، الذي أكد أن الرعايا الأفارقة يمثلون معادلة مهمة في سوق العمل وانسحابهم يعرّقل مشاريع تنموية، وهي حقيقة ينبغي أن يعرفها سكان المنطقة جميعًا، لا سيما في فصل الصيف.
وكان وزير العمل والضمان الاجتماعي الجزائري, قد كشف في تصريح سابق للصحافة, بشأن تشغيل الأفارقة في سوق العمل الجزائرية, إن ما تمنحه لهم الوزارة من تراخيص استثنائية للعمل، تقتصر على قطاع الأعمال العمومية والبناء، وليس قطاع الزراعة، مرجعًا ذلك الإجراء الذي اتخذته وزارة العمل الجزائرية، إلى البعد الإنساني للوزارة، مضيفًا أن الجزائر ترحب بالأفارقة في المجالات التي تحتاج فيها إلى اليد العاملة.
أرسل تعليقك