طرابلس ـ فاطمة السعداوي
يعيش الليبيون وضعاً صعباً خلال شهر رمضان وفي ظل صيف ساخن على جميع الصعد. فإلى جانب العنف المتواصل وانتشار الميليشيات المسلحة واتساع دائرة الجريمة المنظمة وشح السيولة وانهيار سعر الدينار وارتفاع الأسعار وانقطاع مياه الشرب، شهدت منظومة الكهرباء عجزاً واضحاً مما تسبب في حرمان أغلب المدن بما فيها العاصمة طرابلس من التيار الكهرباء لمدة تتجاوز أحياناً الـ 20 ساعة يومياً مما تسبب في اندلاع احتجاجات شعبية في طرابلس وسبها وبعض المدن الأخرى.
وفيما خرج السكان المحليون الى الشوارع ليلاً منادين بالإطاحة بحكومة الوفاق الوطني، قرر المفوض بمهام وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني العارف الخوجة تشكيل لجنة لمتابعة الأوضاع الأمنية وبالأخص متابعة المحطات الكهربائية بالتنسيق مع الشركة العامة للكهرباء وأي جهات أخرى ذات العلاقة..
وقال إنه كلّف مدير أمن مديرية أمن طرابلس العقيد صلاح الدين رمضان السموعي برئاسة اللجنة التي تضم في عضويتها عدداً من القيادات الأمنية، لافتاً إلى أنّ مديرية أمن طرابلس وهي جزء من غرفة الطوارئ استطاعت تأمين غرفة التحكم في الشركة العامّة للكهرباء وتأمين محطات توليد الطاقة داخل وخارج طرابلس.
واعتبر الوزير أن الاحتجاجات التي شهدتها طرابلس الأيام الماضية تعبّر عن مدى الاحتقان الشعبي جراء انقطاع التيار الكهربائي، وإن الوزارة ستحاول تجنب مثل هذه الاحتجاجات من خلال حل الأزمات التي تمر بها البلاد.
وحملت الشركة العامة للكهرباء في طرابلس كافة الجهات التي قامت بترجيع الأحمال المسؤولية التامة في حال حدوث أي خلل قد يحدث في الشبكة العامة أو الإظلام التام، أو أي تداعيات أخرى قد تنشأ عن هذا التصرف غير المسؤول. وأوضحت الشركة في بيان أن عدم استقرار الشبكة الكهربائية جاء نتيجة لرفض بعض المحطات الواقعة في بعض المدن الليبية وبعض المناطق داخل مدينة طرابلس عن عملية برنامج طرح الأحمال، ونتيجة لدخول مجموعات من التشكيلات المسلحة لعدد من المناطق داخل محطات الكهرباء وقيامها بترجيع الأحمال تحت تهديد السلاح.
واتهم رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج الجماعات المسلحة بالمساهمة في تفاقم مشكلات إمدادات الكهرباء بضغطها على مسؤولي التوزيع لمنح الأفضلية للأحياء التي يسيطرون عليها، مشيراً الى أنّ انقطاع الكهرباء يرجع جزئياً إلى مشكلات فنية ومالية وإن بعض المحطات تضررت جراء الاشتباكات.
وقال السراج، في كلمة للشعب الليبي، أن بلاده بحاجة إلى عودة الشركات الأجنبية لاستئناف أعمال الصيانة، وتابع بالقول إنَّ هناك مشكلات أمنية وأنَّ عدداً من غرف التحكم لا توزع إمدادات الكهرباء بالتساوي بسبب ضغوط الجماعات المسلحة التي تمنعها من قطع الكهرباء عن المناطق التي تسيطر عليها.
وأكد نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني موسى الكوني أن الوضع الناتج عن تفاقم أزمة الكهرباء في مناطق ليبيا، صار يهدد بحدوث كارثة الانقطاع الكلي للكهرباء ما لم يتم تدارك الوضع بوطنية، وتفهم من الشعب لواقع الأزمة، والتضافر مع الحكومة في مساعيها لحل الأزمة، مبرزاً أن المجلس الرئاسي يعطي اهتماماً كبيراً واستراتيجياً لضرورة إيجاد حلول ناجعة وسريعة لمشكلة انقطاع الكهرباء التي تعاني منها مناطق ليبيا المختلفة، والتي وصفها بالأزمة الخانقة التي صارت تكسر ظهر المواطن الليبي.
وقال الكوني أن تدخل بعض الفصائل المسلحة لمنع طرح الأحمال في بعض المناطق، ساهم في تأزم الإشكال، ورسم خريطة ظالمة لتوزيع الطاقة، فليس من العدل أن تغرق مدناً في ظلام دامس لساعات طويلة في ظروف الحر، بل الحر الشديد الذي عرفته ليبيا المدة الماضية، وفي شهر الصوم الكريم، بينما تتمتع مناطق. وحذر من أن يؤدي استمرار الاستهلاك غير المقنّن للكهرباء دون الأخذ في الاعتبار بحقيقة الأزمة القائمة، إلى كارثة الانقطاع الكلي للكهرباء، مناشداً أصحاب الورش والمصانع، وخاصة المصانع الكبيرة مثل الحديد والصلب وما شابه ذلك، والتي تحتاج لمقدار عالٍ جداً من الطاقة، أن تعلق أعمالها وحتى تجاوز هذه الأزمة، لأننا إن لم نتدارك الأمر سنقود بلادنا إلـى كارثــة حقيقيـة.
ووصف رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر استمرار انقطاع الكهرباء في أجزاء كبيرة من طرابلس لأكثر من 15 ساعة في اليوم بـ"الأمر المقلق".ودعا كوبلر في تدوينة مقتضبة على صفحته الرسمية على شبكة "الفيسبوك" للتواصل الاجتماعي حكومة الوفاق الوطني لـ"اتخاذ التدابير اللازمة لحل مشكلة توليد الطاقة".
أرسل تعليقك