لا يزال التوظيف قويًا والنمو في ازدياد مستمر، مع التوسع المشهود في الاقتصاد الأميركي، والذي يدخل عامه العاشر الآن، وكانت التوقعات مبشرة للغاية في عشية انتخابات التجديد النصفي للكونغرس.
وقالت الحكومة الأميركية يوم الجمعة، ، في تقرير صادر عنها أن أرباب الأعمال أضافوا 250 ألف وظيفة جديدة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأن معدل البطالة لا يزال مستقرًا عند مستوى 3.7 نقطة مئوية، وهو أدنى المستويات المسجلة منذ ما يقرب من خمسة عقود كاملة , وارتفعت الأجور كذلك بوتيرة صحية، وزادت ثقة المستهلكين، مع الإنفاق بحرية أكبر، الأمر الذي يعزز النمو الاقتصادي السريع، ويشجع أرباب الأعمال على مواصلة التوظيف.
وغرد الرئيس دونالد ترامب يوم الجمعة على حسابه الرسمي قائلاً "البطالة عند مستوى 3.7 في المائة , الأجور في ارتفاع! يا لها من أرقام مبهرة , صوتوا للحزب الجمهوري " , ومع ذلك، كانت أحد العناصر المفاجئة في موسم حملة الانتخابات النصفية هو مدى خفوت الصورة الاقتصادية المشرقة التي ترجع بالفائدة على ترامب والمرشحين الجمهوريين في الكونغرس.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه في الوقت الذي يؤيد فيه الناخبون الأوضاع الاقتصادية الراهنة بصفة عامة، إلا أنهم يمنحون تقديرات متدنية لترامب نفسه , ويرجع ذلك لدى الكثيرين منهم إلى العوامل غير الاقتصادية , وعلى الصعيد الوطني، يفضل الناخبون المرشحين الديمقراطيين على الجمهوريين في انتخابات مجلس النواب، وفقًا إلى استطلاعات الرأي المعنية بالناخبين.
وفيما يلي خمسة مقاييس للاقتصاد الأميركي مع اقتراب موعد الانتخابات:
ارتفاع الأجور
طالما اشتكى الكثير من أرباب الأعمال أنهم لا يستطيعون العثور على عدد كاف من العمالة لشغل الوظائف الشاغرة. ولكن يبدو في الشهور الأخيرة أنهم قد تمكنوا أخيرًا من تنفيذ الخطوات التي أوصى بها خبراء الاقتصاد منذ فترة طويلة , وارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 3.1 نقطة مئوية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن نفس الفترة في العام الماضي، وهي أكبر زيادة مسجلة على أساس سنوي منذ عام 2009.
وارتفع مستوى التضخم كذلك خلال العام الماضي، الأمر الذي سبب التآكل في قيمة الزيادة المذكورة , ومع ذلك، يشير النمو في الأجور إلى أن مكاسب الاقتصاد السليم يشعر بها المزيد من المواطنين , ويعني المزيد من الوظائف بالأجور المرتفعة المزيد من الأفراد العاملين مع الهبوط المشهود في معدلات البطالة، توقع الكثير من خبراء الاقتصاد تراجع التوظيف لأن الشركات تواجه تناقصًا متزايدًا في العاطلين عن العمل , ومع ذلك، فإن هذا لم يحدث , إذ بلغ متوسط التوظيف الشهري خلال العام الجاري مستوى أعلى من مثيله في عام 2017 .
وتساعد قوة سوق العمل في دفع بعض المواطنين الأميركيين، الذين كانوا لا يعملون ولا يبحثون عن عمل، في البدء في البحث عن وظائف جديدة , (ولا يتم احتساب الأفراد العاطلين عن العمل بأنهم من البطالة المسجلة ما لم يبحثوا فعليًا عن الوظائف بنشاط) , وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بلغت نسبة المواطنين الأميركيين الذين لديهم وظائف أعلى مستوياتها خلال 10 سنوات.
وواجهت التعيينات الأخيرة من جانب أرباب الأعمال جملة من الصعوبات خلال فترة طويلة من التعافي الاقتصادي الذي استمر 10 سنوات كاملة في الولايات المتحدة منذ الركود الكبير , وتعد نسبة الأفراد الذين لم يحصلوا على الشهادة الثانوية الأميركية ويعملون الآن بدوام كامل هي الأعلى في السجلات التي ترجع إلى عام 1992 , في حين تبلغ نسبة المراهقين الذين لديهم وظائف أعلى مستوياتها خلال عشر سنوات كاملة.
- المستهلكون ينفقون بحرية
ساعد المزيد من الوظائف بالأجور المرتفعة في تعزيز موجة الإنفاق الاستهلاكي , ومن المرجح أن تكون التخفيضات الضريبية لإدارة الرئيس ترامب قد ساهمت بدورها في ذلك الأمر , إذ ارتفع إنفاق المواطنين الأميركيين بنسبة 4 في المائة في ربع يوليو/ تموز - سبتمبر / أيلول الماضي، وهو أكبر تسارع في الإنفاق الاستهلاكي خلال ما يقرب من 4 سنوات. ولقد ساعد هذا الاتجاه على نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يبلغ 3.5 في المائة خلال الربع الأخير.
لا يزال المواطنون الأميركيون يدخرون جزءًا لا بأس به من الدخل، مع إشارات ضعيفة على أن أغلب الناس تتراكم لديهم مستويات خطيرة من الديون , وبلغت نسبة الادخار العام نحو 6.4 نقطة مئوية من الدخل خلال الربع الثالث، ارتفاعًا من نسبة 2.5 في المائة المنخفضة المسجلة في عام 2005.
- الإسكان من المؤشرات الضعيفة
يؤثر ارتفاع تكاليف الاقتراض على إجمالي مبيعات المنازل، وهو ما يقدم استعراضًا لما قد يحدث في الاقتصاد على نطاق واسع مع ارتفاع أسعار الفائدة وجعل القروض أكثر تكلفة , ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) أسعار الفائدة على المدى القصير في محاولة للحيلولة دون ارتفاع التضخم بوتيرة سريعة , وأسفر التشدد الائتماني للاحتياطي الفيدرالي عن ارتفاع أسعار الفائدة على الرهن العقاري الثابت لمدة 30 عامًا - بنسبة بلغت 4.8 نقطة مئوية ارتفاعًا من نسبة 3.9 نقطة مئوية في العام الماضي.
وارتفعت معدلات الرهن العقاري كذلك، تزامنًا مع ارتفاع أسعار المنازل، وهبوط مبيعات المنازل القائمة لستة شهور على التوالي , ومن المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي من أسعار الفائدة للمرة الرابعة خلال العام الجاري في ديسمبر / كانون الأول المقبل، ويتوقع خبراء الاقتصاد ارتفاعين آخرين في أسعار الفائدة على الأقل خلال العام المقبل.
ظلال أخرى تحوم في الأفق
تشهد الأعمال التجارية نفس القدر تقريبًا من التفاؤل مثل المستهلكين , لكنها لا تنفق بنفس الوتيرة , إذ ارتفعت استثمارات الشركات في الآلات، والحواسيب، وغيرهما من المعدات بالكاد خلال ربع يوليو/ تموز – سبتمبر/ أيلول الماضي، بعد ربعين متتاليين من المكاسب القوية , وشهد الإنفاق على المصانع والمنشآت الأخرى هبوطًا عن نفس الفترة , ويعكس بعض من الوهن في الربع الثالث هبوطًا في الإنفاق على معدات التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي مع انخفاض أسعار النفط عالميًا.
ولكن الأمر يشير أيضًا إلى أن التخفيضات الضريبية على الشركات من إدارة الرئيس ترامب لم تحفز الكثير من الإنفاق الاستثماري على النحو الذي توقعته الإدارة , ومن شأن المزيد من الإنفاق على الآلات والمعدات والحواسيب أن يساعد في ارتفاع كفاءة القوى العاملة وتحفيز مستويات النمو السريعة.
وتشير استطلاعات الرأي من شركات الصناعات التحويلية إلى أن الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين قد أسفرت عن تأخير كبير في شراء المعدات الجديدة , وأدى ارتفاع الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى ارتفاع التكاليف على الكثير من الشركات الصناعية الأميركية.
ويبدو أن الاقتصاد الأميركي على مسار التوسع لبلوغ نسبة 3 نقاط مئوية خلال العام الجاري، وهو المعدل الأسرع منذ عام 2005 , ولكن صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون انخفاض معدل النمو الاقتصادي إلى 2.5 في المائة خلال العام المقبل، ثم إلى نقطتين مئويتين فقط بحلول عام 2020
أرسل تعليقك