توقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أن تسجل منطقة جنوب وشرق المتوسط نموًا اقتصاديًا متواضعاً في عام 2023. وقال البنك في أحدث تقرير نشره اليوم "التوقعات الاقتصادية الإقليمية"، أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في هذه المنطقة بمتوسط 3.7 في المائة في عام 2023 و3.9 في المائة في عام 2024، وهو أقل قليلا من التوقعات السابقة، مما يعكس التأخير في الإصلاحات الهيكلية وزيادة الصعوبات المالية والخارجية.
ومع ذلك، تمكنت اقتصادات المنطقة من الصمود بشكل جيد نسبي في وجه التحديات العالمية الصعبة، على الرغم من أن ارتفاع التضخم وظروف التمويل الأكثر صرامة أديا إلى زيادة الضغوط السيادية. ولا يزال ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء يؤثران على الموارد المالية للأسر والحكومات، على الرغم من أن معظم الاقتصادات في المنطقة قد عادت إلى ضبط أوضاع المالية العامة في عام 2023.
اقتصادات منطقة جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط بالتفصيل
مصر
تشير التقديرات إلى أن النمو في مصر تباطأ إلى 4.1 في المائة في السنة المالية المنتهية في يونيو/2023 (السنة المالية 2022-2023)، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 4.8 في المائة في السنة المالية 2023-2024.
وعلى الرغم من انتعاش إيرادات قناة السويس وقطاع السياحة، تأثر النمو بتباطؤ أنشطة البناء والتصنيع وانخفاض إنتاج الغاز. وتشير التقديرات إلى أن إنتاج الغاز الطبيعي قد انخفض بنسبة 9.3 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2023، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات. وفي الوقت ذاته، انخفضت البطالة بشكل طفيف إلى 7.0 في المائة في الربع الثاني من عام 2023، مع ارتفاع المعدلات بين النساء (19.2 في المائة) وفي المناطق الحضرية (10.3 في المائة).
وخسر الجنيه المصري ما يقرب من 50 في المائة من قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ مارس/آذار 2022. وإلى جانب ارتفاع أسعار السلع الأساسية العالمية، دفع هذا الانخفاض التضخم إلى مستوى قياسي بلغ 36.5 في المائة في يوليو2023 على الرغم من قيام البنك المركزي برفع نسبة الفائدة بـ 1100 نقطة أساس تراكمية منذ أبريل/نيسان 2022. واستقرت احتياطيات النقد الأجنبي في البلاد، وهو ما يرجع جزئيًا إلى البرنامج المدعوم من صندوق النقد الدولي الذي أدى إلى تحسين الوصول إلى التمويل الخارجي، لكن العملة المصرية لا تزال تتعرض للضغط ولا يزال هناك فارق كبير بين أسعار الصرف الرسمية وأسعار السوق السوداء.
الأردن
ارتفع النمو في الأردن إلى 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2023، مدفوعًا بتحسن الأداء في قطاعات الزراعة والبناء والنقل والسياحة (حيث تجاوزت عائدات السياحة مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19). وظل معدل البطالة مرتفعا عند 21.9 في المائة في الربع الأول من عام 2023، مع ارتفاع المعدلات بين النساء (26.7 في المائة) والشباب (43.7 في المائة). وفي الوقت نفسه، انخفض التضخم إلى 0.9 في المائة في يوليو2023 بعد أن بلغ ذروته بنسبة 5.4 في المائة في سبتمبر 2022 على خلفية ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية.
وقام البنك المركزي الأردني برفع نسبة الفائدة بمقدار 500 نقطة أساس تراكمية منذ فبراير 2022، وذلك تماشيا مع القرارات التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي. ومن المتوقع أن يستقر نمو الناتج المحلي الإجمالي عند 2.5 في المائة في عامي 2023 و2024، مدعومًا بالانتعاش المستمر في السياحة والنمو القوي في القطاعات غير الخدمية.
ومع ذلك، تشمل المخاطر السلبية حدوث زيادات أخرى في أسعار الطاقة والغذاء، وضعف الاستثمار الخاص بسبب تشديد الأوضاع النقدية، والتأخير المحتمل في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية. ويمكن للتنفيذ الناجح للإصلاحات المعلن عنها في إطار خطة التحديث الاقتصادي، والتي تهدف إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، أن يدعم النمو على المدى المتوسط.
لبنان
في ظل الركود السياسي والإصلاحات المتوقفة، من غير المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي في لبنان في عام 2023.
وتزايدت حالة عدم اليقين المحيطة ببرنامج محتمل يدعمه صندوق النقد الدولي بعد توقف الإصلاحات الأساسية المطلوبة، مما أدى إلى إبقاء لبنان خارج الأسواق الدولية وزيادة استنفاذ الاحتياطيات الرسمية.
وفي عام 2024، يمكن أن يعود الاقتصاد إلى النمو، المتوقع بنحو 3 في المائة، بشرط التغلب على العقبات السياسية، والتقدم في الإصلاحات، والتنفيذ الناجح لبرنامج يدعمه صندوق النقد الدولي، وهو ما سيسمح أيضًا باستئناف المفاوضات مع الشركاء الدوليين.
المغرب
شهد الاقتصاد المغربي تعافياً من الصعوبات التي واجهها في العام 2022، حيث سجل ارتفاعاً في النمو السنوي إلى نسبة 3.4 في المائة في النصف الأول من العام 2023.
ويتوقع أن يبلغ النمو نسبة 3.1 في المائة في عام 2023 مقارنة مع 1.3 في المائة في العام 2022 الذي شهد موجة جفاف فاقمت التأثيرات السلبية على الظروف التمويلية العالمية الصعبة. ولا تشمل هذه التوقعات تأثيرات الزلزال الذي ضرب جبال الأطلس الكبير في مطلع سبتمبر قرب مراكش وتسبب في دمار واسع وخسارة في كبيرة في الأرواح.
ولا يزال من الصعب التكهن بتأثير الزلزال على النشاط الاقتصادي العام، ففي الوقت الذي يمكن أن يعطي الانفاق على إعادة الإعمار دفعة للنمو على المدى المتوسط، إلا أنه قد يزيد من الحاجة إلى التمويل. وساعدت العديد من العوامل على ارتفاع النمو في 2023 ومن بينها تحسن المحصول وانتعاش السياحة وتباطؤ التضخم وتعافي الطلب الداخلي. ونتيجة لذلك انخفض معدل البطالة بشكل طفيف إلى 12.4 في المائة في الربع الثاني من 2023 بمعدلات أعلى بين النساء (17 في المائة)، والشباب (33.6 في المائة)، وفي المناطق الحضرية (16.3 في المائة). ويتوقع أن يصل النمو نسبة 3 في المائة في 2024 ليعود إلى مستوياته ما قبل جائحة كوفيد-19 على المدى المتوسط، مع احتمال تحسن النظرة المستقبلية بشكل أكبر مع تسارع زخم الإصلاحات.
تونس
من المتوقع أن يبلغ معدل النمو في تونس 1.9 في المائة في 2023، بانخفاض عن التعافي المتواضع الذي سجله الاقتصاد بعد الجائحة وبلغت نسبته 2.4 في المائة في العام 2022، بسبب تأثيرات الظروف المعاكسة وارتفاع التضخم والاضطرابات الاجتماعية على التوقعات الاقتصادية. ورغم تحسن السياحة وتوسع الخدمات المالية والقطاع الصناعي، إلا أن الانكماش في الزراعة والتعدين تسببا في تباطؤ النمو.
وسجلت معدلات البطالة انخفاضاً طفيفاً إلى نسبة 15.6 في المائة في الربع الثاني من العام 2023، إلا أن معدل التضخم السنوي بلغ 9.1 في المائة في يوليو2023. وتراجع الوضع المالي الكلي في 2022 حيث أدت زيادة الانفاق الحكومي (خاصة في فاتورة الأجور والإعانات المالية)، إلى عجز في الموازنة بنسبة 7.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما وصل الدين العام إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في 2022. ونتيجة لذلك خفضت وكالات التصنيف الائتماني تصنيف تونس في عامي 2022 و2023، كما تأجل الاتفاق على برنامج يدعمه صندوق النقد الدولي.
ويمكن أن يسجل النمو ارتفاعاً إلى 2.5 في المائة في 2024 بسبب قوة قطاع السياحة ومبيعات الفوسفات وابرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أرسل تعليقك