أعلنت اللجنة المالية النيابية، أن خروج الأموال العراقية إلى دول الجوار تشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني خاصة أن البلد يمر بضائقة مالية، لافتة إلى منح عدد من دول الجوار تسهيلات وفوائد مغرية مستغلة انعدام الثقة بنظيراتها العراقية، وتؤكد عضو اللجنة ماجدة التميمي ، أن فقدان الثقة في المصارف العراقية، بعد إفلاس العديد منها وعدم إعادتها أموال المودعين، اضطر الكثير من أصحاب الأموال اللجوء إلى المصارف الإيرانية، مطالبة بإعادة النظر في عمل المصارف العراقية والسياسة المصرفية لاستعادة ثقة المواطنين بها.
وتضيف التميمي، أن خروج الأموال العراقية إلى دول الجوار تشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني خاصة أن البلد يمر بضائقة مالية، عازية أسباب لجوء العراقيين إلى إخراج أموالهم لدول الجوار واضطرار الحكومة للاقتراض من البنك الدولي إلى فشل السياسة المصرفية وعدم اعتمادها على المعايير الدولية، وعدم مراقبة البنك المركزي لعمل المصارف، وتدعو التميمي، إلى التحري عن أسباب تلك الظاهرة وما إذا كانت مقصودة أو عفوية، محذرة من تداعياتها الخطيرة على الاقتصاد الوطني.
وتعزو اللجنة المالية في مجلس النواب الظاهرة إلى فشل السياسات المصرفية العراقية، وطالبت بالتحري عن أسباب تلك الظاهرة، وحذرت من تداعياتها الخطيرة على الاقتصاد الوطني، هذا ونجحت المصارف الإيرانية، بجذب الأموال العراقية في ظاهرة بدأت بالاتساع من خلال منح تسهيلات وفوائد مغرية مستغلة انعدام الثقة بنظيراتها العراقية، حيث لعبت الفصائل الشيعية المسلحة والفتاوى الدينية دورًا مشجعًا على تلك الاستثمارات، فيما عدّ مختصون استثمار رؤوس الأموال العراقية في دول الجوار خطرًا يهددّ الاقتصاد العراقي.
وقرر يوسف حنطاوي ، من أهالي مدينة الصدر، شرقي بغداد، بيع منزله ذي الطابقين البالغة مساحته 144 م2 والانتقال للعيش في إيران بعد أن استثمر أمواله في مصارفها، مستفيدًا من الفوائد "المغرية" التي تمنحها بما يكفي احتياجاته.ويقول حنطاوي، "إن قيمة منزله بلغت 230 مليون دينار أي ما يعادل نحو 176 ألف دولار، حيث استثمر 120 الف دولار منها في أحد المصارف الإيرانية، مبينًا أن المصرف الإيراني يمنح 100 دولار شهريًا عن كل 10 آلاف دولار.
ويضيف حنطاوي ، أنه انتقل بصحبة اسرته المؤلفة من تسعة أفراد، للعيش في مدينة مشهد منذ أربعة أشهر حيث استأجر منزلاً بثمن مناسب قياسًا بنظيره في بغداد، معتبرًا أن المصارف الإيرانية أكثر أمانًا وثقة من نظيرتها العراقية، ويؤكد حنطاوي ، أن الحياة في إيران أقل كلفة من العراق إذ أن 320 دولارًا شهريًا تكفيه وأسرته، مشيرًا إلى أن العديد من فرص العمل تتوفر في إيران، حيث يعمل بتصريف العملة ليوفر ما يعادل 40 تومانًا يوميًا لسد مصاريفه.
ويتابع حنطاوي ، أن "ثلاثة من أطفاله انضموا الى مدارس خاصة تابعة لوزارة التربية العراقية في مدينة مشهد، لقاء أجر سنوي قدره 300 دولار من ضمنها أجور النقل"، مؤكدًا، انخفاض أسعار المواد الغذائية والاحتياجات المنزلية في إيران عما هي عليه في العراق.
بدوره قرر المواطن هيثم علي ، وهو من أهالي مدينة الصدر أيضًا، استثمار 10 آلاف دولار في أحد المصارف الايرانية، معتبرًا أن تلك المصارف "أكثر أماناً وثقة" من نظيراتها العراقية، وفيما يؤكد أن قادة الفصائل الشيعية المسلحة هم أول من بدأوا باستثمار أموالهم في ايران، كشف أن مئات المواطنين بدأوا بالاستثمار هناك بعد فتوى من رجال الدين.
ويقول علي إن "المصارف الايرانية تمنح تسهيلات أكثر للمستثمر الأجنبي من دون تعقيدات أو شروط معرقلة"، معتبرًا أن "المصارف الإيرانية أكثر أمانًا وثقة من العراقية التي بدأت تعلن إفلاسها بعد أن ضيّعت أموال المودعين، من دون أن يحرك البنك المركزي وباقي الجهات المعنية ساكنًا".
ويؤكد علي ، أن "قادة الفصائل الشيعية المسلحة وعناصرها، هم أول من بدأوا باستثمار أموالهم في المصارف الإيرانية ليتبعهم بعدها المئات من الناس"، مشيرًا إلى أن "فتاوى رجال الدين بعدم وجود أي إشكال شرعي بالفوائد التي تعطيها المصارف الإيرانية، على اعتبار أن إيران دولة إسلامية لا تتعامل بالربا، مهدت الطريق للاستثمار في تلك المصارف".
بالمقابل يرى خبير مصرفي، أن فقدان الثقة" بالمصارف العراقية اضطر أصحاب الأموال الى السعي لاستثمارها في الخارج، وفي حين يعد أن ذلك ينطوي على "مخاطر جمة" على الاقتصاد العراقي والمستثمرين أنفسهم، يدعو لوضع حلول سريعة لإعادة الثقة بالمصارف الوطنية وتفعيل القطاع المالي والمصرفي للقضاء على الربا وغسيل الأموال والتحايل.
ويقول عبد الحسن الزيادي، إن "أسبابًا عدة أدت إلى خروج رؤوس الأموال العراقية إلى دول الجوار، كإيران، منها أن نشاط القطاع المصرفي العراقي الخاص أصبح شبه معدوم من حيث الفائدة والاستثمار"، مبيناً أن "العراقيين باتوا لا يثقون بالمصارف الخاصة ما اضطرهم لتشغيل أموالهم في دول أخرى".
ويضيف الخبير المصرفي، أن "المصارف الإيرانية تمنح فوائد نسبتها أكثر من 15% لاستقطاب المستثمرين وأصحاب الأموال، مما شجع الكثير من العراقيين على بيع ممتلكاتهم وتحويل أموالهم إليها"، مشيرًا إلى أن "الأردن نجحت هي الأخرى في استقطاب إيداعات واستثمارات عراقية ضخمة بسبب استقرارها المالي والأمني وما تمنحه من تسهيلات ومزايا".
ويتابع الزيادي، أن "المصارف العراقية كانت في السابق تستقطب الكثير من المواطنين، لكنها فقدت ثقتهم بسبب طبيعة عملها"، معتبرًا أن "استثمار رؤوس الأموال العراقية في دول الجوار يشكل خطراً يهدد الاقتصاد العراقي بل والمواطن العراقي نفسه".ويعزو الخبير المصرفي، ذلك إلى صعوبة استرجاع المواطن العراقي أمواله من المصارف الإيرانية، كونها لن تسمح بذلك كما لن تسمح به أية دولة أخرى لأن إخراج تلك الأموال يعني انهيارها"، موضحاً أن "إخراج الأموال من العراق أمر سهل لكن إعادتها إليه سيكون بالغ الصعوبة.
ويطالب الزيادي، الجهات الحكومية بضرورة "ملاحقة ومحاسبة كل من يروج لاستثمار الأموال في المصارف الإيرانية أو أية دولة أخرى"، مشدداً على ضرورة "وضع حلول سريعة لتفادي أي خطر يهدد الاقتصاد العراقي نتيجة انتشار تلك الظاهرة السيئة ومكافحتها".ويدعو الزيادي، الى "إعادة الثقة للمصارف الوطنية وتشجيعها على منح فوائد مناسبة للمودعين فضلاً عن تفعيل القطاع المالي والمصرفي للقضاء على الربا وغسيل الأموال والتحايل"، مطالبًا المواطنين بـ"استثمار أموالهم في مجال البناء بالعراق بكونه مجالاً مربحًا وأكثر أمانًا من إيداعها في مصارف دول الجوار".
وكان مختصون اتهموا، في الـ(17 من تموز/يوليو 2016)، المصارف المكلفة بمنح القروض الحكومية بـ"الالتفاف" على ضوابطها و"عرقلة" منحها، وانتقدوا جهات حكومية لـ"تهميشها" دور القطاع الخاص وخبراء الاقتصاد وعدم التعاون معهم لـ"تجاوز النقص" في إجراءاتها، وفيما اعرب صناعيون عن استغرابهم من تغيير شروط منحها خمس مرات حتى الآن، شكا مواطنون وموظفون من "تعقيداتها" التي تحول دون تحقيق أحلامهم بالحصول على وحدة سكنية.
وكان البنك المركزي العراقي أكد، في 15 تموز/يوليو 2016، إمكانية تعويض المودعين من المواطنين في المصارف "الخاسرة" في حال عملت شركة "ضمان الودائع"، في حين عزا مصرفيون تلكؤ المصارف الخاصة إلى "شح السيولة" نتيجة عجز المقاولين والمستوردين عن دفع ما بذمتهم لها .وكان رئيس مجلس النواب سليم الجبوري دعا، في 19 من حزيران/يونيو 2016، إلى تعديل قانون المصارف الخاصة بما يتلاءم مع تطورات المرحلة، فيما طالب بتشكيل محكمة مالية قادرة على حسم المشاكل الخاصة بالمصارف والجهات المعنية.
يذكر أن البنك المركزي أعلن، في (السابع من حزيران/يونيو 2016)، موافقة مجلس الوزراء على تأسيس شركة لضمان الودائع في المصارف الحكومية والخاصة برأسمال قدره 100 مليار دينار، وفي حين بيّن أن الشركة تهدف لتحفيز المواطنين على إيداع أموالهم في المصارف بدلاً من اكتنازها، أكد الأموال المكتنزة للمواطنين خارج المصارف تبلغ أكثر من 30 تريليون دينار.
وكانت رابطة المصارف الخاصة أكدت، في آذار 2016، أن العراق يعاني شحًا في السيولة النقدية بسبب انخفاض أسعار النفط، وعدت أن المشكلة الرئيسة في العراق تكمن في إدارة الأموال، في حين نفت اللجنة المالية البرلمانية وجود شح في الاموال، مؤكدة أن الحكومة العراقية قادرة على دفع الرواتب خلال ما تبقى من عام 2016.
يذكر أن رابطة المصارف العراقية الخاصة، أعلنت في (تشرين أول/أكتوبر 2015) أن نسبة الودائع لدى المصارف الحكومية تتراوح بين 65 إلى 68 ترليون دينار منها ما لا يتجاوز 22 ترليونًا ودائع بالمصارف الخاصة.ويتكون النظام المصرفي في العراق من (54) مصرفاً فضلاً عن المصرف المركزي وتتوزع بحسب الملكية بين سبعة حكومية و23 تجارية خاصة بضمنها تسعة إسلامية إضافة إلى (15) فرعًا لمصارف أجنبية.ويعاني العراق من أزمة مالية واقتصادية نتيجة انخفاض أسعار النفط عالميًا وهو ذو اقتصاد أحادي الجانب بالاعتماد على الصادرات النفطية لتمويل موازنته سنويًا من دون الاعتماد على موارد غير نفطية.
أرسل تعليقك