الكويت - العرب اليوم
يستمر الاقتصاد العالمي مستقرًا، على رغم مواجهته تحديات تمثلت بتوتر الأوضاع السياسية والمناخية في الفترة الأخيرة، إذ في وقت تفاوت أداء بعض الاقتصاديات الضخمة بين الاستقرار والتحسن، تعرّضت الأسواق لضغوط نتيجة توتر الأوضاع السياسية مع كوريا الشمالية، وسوء الأوضاع المناخية في أميركا.
ولفت "بنك الكويت الوطني" في تقرير الثلاثاء، إلى أن المحللين "شككوا في خطط الإصلاح الاقتصادية في أميركا، بعدما فشلت المحاولات السابقة"، وعلى رغم تحسن البيانات الاقتصادية، لاحظ أن عائدات السندات "تراجعت عمومًا، كما بددت أسواق الأسهم بعض مكاسبها، واستمر الدولار بالتراجع عن أقصى مستوياته التي سجلها عام 2016، تماشيًا مع تحسن اقتصاد منطقة اليورو"، وسيطرت التطورات السياسية على المشهد العام في أميركا، إذ بعدما "ترقبت الأسواق الانتعاش الذي كان يُفترض أن توّلده خطط الإصلاح الضريبي، بدأت التساؤل حول جدية تطبيقها هذه السنة"، كما كانت الأسواق "تتخوف من نشوب صراع سياسي حول رفع سقف الدين العام وإقرار الموازنة في أيلول (سبتمبر) الحالي، لكن تأجّلت هذه المسائل حتى نهاية السنة، بعد توصل الرئيس دونالد ترامب إلى اتفاق مع أقطاب الحزب الديمقراطي في الكونغرس"، وأشار التقرير إلى أن ذلك السيناريو "أثار مخاوف الأسواق حول احتمال تعطيل عمل الحكومة نتيجة عدم التوصل إلى اتفاق، ما كان يمكن أن يؤدي بدوره إلى تأخير رفع الفائدة الفيدرالية التالية، لكن هدأت هذه المخاوف بعد إرجاء مسألة الدين والموازنة".
ولفت "بنك الكويت الوطني" في تقريره، إلى أن النمو في أميركا "ظل قويًا مع تفاوت أداء المؤشرات بين استقرار وتحسن"، وأفاد بأن "معظم التحسن نتج عن التفاؤل بتطبيق ترامب خططه الإصلاحية، لكن بدأ هذا التفاوت يتلاشى، بعد فشل محاولات تمريرها في الكونغرس"، ولم يستبعد أن "يؤثر ذلك في الثقة في الأشهر المقبلة، خصوصًا مع ارتفاع قيمة الأسهم نسبيًا"، كما رصد "زيادة في شكوك الأسواق حول رفع الفائدة الأميركية على الأموال الفيدرالية مرة أخرى هذه السنة"، مستبعدًا "رفع الفائدة هذه السنة"، في ما يخص العام المقبل، أجمعت الأسواق أن الاحتياطي الفيدرالي "سيرفع الفائدة مرتين أو ثلاث مرات، لكن يُتوقع رفعها مرة واحدة أو اثنتين وبـ25 نقطة أساس".
وفي أوروبا، ذكر التقرير أن التطورات "أخذت منحى إيجابيًا، إذ جاءت البيانات الاقتصادية مفاجئة، مع رفع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الأشهر الأخيرة، وارتفاع مؤشري مديري المشتريات والتضخم في الفترة الأخيرة، كما سجل التضخم مستوى أعلى من التوقعات، ليرتفع في آب (أغسطس) الماضي، إلى 1،5 % على أساس سنوي"، ورأى أن التوقعات في شأن التضخم حاليًا هي "أكثر تفاؤلًا على رغم استمرار مستواه أقل من النسبة المستهدفة وهي 2 %"، وعزا بعض هذا التحسن في الاقتصاد الأوروبي إلى "تراجع الأخطار السياسية".
وأكد أن "متانة اقتصاديات أوروبا وتزعزع أوضاع أميركا السياسية أفضيا إلى ارتفاع اليورو هذه السنة، إلى 1،20 مقابل الدولار في آب الماضي، أي بنسبة 14 %"، وعكست هذه الزيادة "تغير التوقعات في شأن الفائدة في أميركا، خصوصًا مع احتمال رفع الفائدة الفيدرالية في كانون الأول (ديسمبر) المقبل"، لكن لفت إلى أن "قوة اليورو ظلت ثابتة منذ نهاية عام 2016، في وقت كان التفاؤل في شأن الإصلاحات الأميركية قويًا وقبل شكوك الأسواق بها"، مشيرًا إلى أن قوة اليورو "زادت من تعقيد الأمور أمام البنك الأوروبي المركزي، إذ يتوجب الآن على محافظه ماريو دراغي خفض هذا الارتفاع في اليورو، خوفًا من أن يسبب تغيرًا في سير تعافي الاقتصاد، في خضم حرصه الشديد على التحول بسهولة نحو بيئة نقدية ميسرة".
في اليابان، شهد اقتصادها أيضًا ارتفاعًا "مفاجئًا"، لكن اعتبر التقرير أن "الحفاظ عليه سيكون صعبًا"، متوقعًا أن "تكون "فعالية التيسير الكمي في اليابان أقل منها في الدول المتقدمة الأخرى، ويبقى قرار إنهائه أمرًا سابقًا لأوانه"، وعلى رغم تعديل صندوق النقد الدولي توقعاته للنمو إلى 1،3 % هذه السنة، لا يُستبعد أن "يعود إلى 0،6 % في 2018، في وقت ظل التضخم في اليابان عند أقل من واحد %، على عكس التضخم في أميركا ومنطقة اليورو الذي كاد يقترب من نسبة 2%".
وخلُص تقرير "بنك الكويت الوطني" مشيرًا إلى أن نمو الأسواق الناشئة "سجل تحسنًا أيضًا على رغم اعتدال الوتيرة في الصين"، إذ رجّح أن "يرتفع نمو هذه الأسواق إلى 4،6 % حتى 4،8 % هذه السنة وعام 2018"، وفقًا لصندوق النقد الدولي، ولاحظ أن وتيرة النمو ظلت "ثابتة نسبيًا" مع استمرار الصين في مواجهة التباطؤ، من دون الوقوع في أخطار كبيرة، وباستثناء الصين، ذكر أن "النمو بدأ يتعافي مع خروج الدول المتصدرة للسلع الأساسية من الركود مثل البرازيل وروسيا"، وختم موضحًا أن التوقعات الجيدة مع أخطار أزمة كوريا الشمالية وسوء الطقس "أدت إلى ازدياد أسعار النفط في الأشهر الأخيرة، إذ تجاوز مزيج برنت مستوى 54 دولارًا للبرميل بداية هذا الشهر، مرتفعًا 10 دولارات عن مستواه في نهاية حزيران (يونيو) الماضي، بدعم أيضًا من قرار "أوبك" بتمديد فترة خفض الإنتاج إلى تسعة أشهر إضافية".
أرسل تعليقك