أثار قرار الحكومة السودانية بفرض زيادة جديدة لأسعار الوقود بالسودان موجة غضب عارمة فى الشارع السوداني وبين المكونات السياسية التى هددت بتحريك الشارع.وبحسب التعرفة الجديدة للوقود فقد ارتفع سعر لتر البنزين بواقع 290 جنيها سودانيا (الدولار يعادل 430 جنيها)، وسعر لتر الجازولين بواقع 285 جنيها.
ويبدو أن الشارع السوداني غير مقتنع بالمبررات التى ساقتها الحكومة ومنها أن سياسة تحرير الوقود ستسهم في إزالة العديد من التشوهات في الاقتصاد، وانفاق الدولة حوالي مليار دولار سنويا دعما للمحروقات.وشهدت معظم شوارع العاصمة الخرطوم تظاهرات ليلة أمس ( الأربعاء) ، وأقام شبان المتاريس لقطع الطرق وأحرقوا إطارات السيارات تعبيرا عن رفضهم لقرار زيادة أسعار الوقود.
ومنذ صباح (الخميس) تشهد محطات الوقود بالخرطوم تكدسا كبيرا للسيارات الباحثة عن التزود بالوقود.وطبقت معظم محطات خدمات الوقود بالخرطوم الزيادة الجديدة فى الأسعار مما أثار موجة غضب عارمة.
وقال على إبراهيم ، وهو سائق سيارة أجرة بالخرطوم ، فى تصريح خاص لوكالة أنباء (شينخوا) اليوم " هذه زيادة غير منطقية ، لا يمكن مضاعفة أسعار الوقود خلال فترة وجيزة".وأضاف " هذا قرار غير مدروس وكارثى بمعنى الكلمة ، سيكون له توابع سلبية وسيؤدى إلى وضع صعب".وتابع " ستؤثر هذه الزيادة على قطاع المواصلات والنقل، وستزيد أسعار السلع بسبب زيادة تكلفة الترحيل".
ومن جانبه انتقد المحلل الاقتصادى السودان أحمد الطيب قرار زيادة أسعار الوقود.وقال ، فى تصريح من الواضح أن الحكومة الحالية لا تمتلك أى حلول أخرى لزيادة الإيرادات سوى التوجه نحو خزائن المواطنين".وأضاف " هذا القرار كارثى بالفعل ولن يؤدى إلى معالجة التشوهات الاقتصادية كما تدعى الحكومة بل من شأنه خلق واقع اقتصادى متردى".
وتوقع الطيب أن تتسبب الأسعار الجديدة للوقود فى زيادة معدلات التضخم ووصولها إلى نحو 500 بالمائة ، وأن تساهم أيضا فى تراجع قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
وهدد تجمع المهنيين السودانيين ، وهو أحد كيانات تحالف الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية) بتحريك الشارع لمقاومة قرار زيادة أسعار الوقود.وقال التجمع فى بيان صحفى اليوم " إن قرار وزارة المالية بابتداع آلية تسعير الوقود على أساس تكلفة الاستيراد هو دعوة مفتوحة من السلطة الانتقالية للخروج وإسقاطها".
واتهم التجمع الحكومة بمحاولة إرضاء مؤسسات التمويل الدولية ، وقال " هذه السياسات تهدف إلى إرضاء مؤسسات التمويل الدولية، وهي على ما يبدو غاية لا تعير السلطة الانتقالية في سبيلها أي اعتبار، ولو دفعت بالملايين من أبناء وبنات شعبنا إلى الموت بالجوع وفتك الأمراض".
ويسعى السودان لبلوغ نقطة تؤهله للاستفادة من مبادرة إعفاء الديون "الهيبك"، حيث يُعد رفع الدعم السلعي ضمن حزمة إجراءات طالب صندوق النقد الدولي بتنفيذها.ودافع وزير المالية السوداني جبريل إبراهيم عن القرار الذى اعتبره معالجة مؤلمة لتشوهات موروثة.وقال فى مؤتمر صحفى مساء أمس" إن حكومة الانتقال تُنفذ إجراءات اقتصادية مؤلمة، لأننا وجدنا اقتصاد مشوه، ولا حل سوى علاج المرض بجراحة مؤلمة".
وأضاف " نتائج هذه الإجراءات لن تظهر بين عشية وضحاها، نحتاج لوقت طويل لظهور النتائج".وأشار إلى أن الحكومة ستستمر في برنامج دعم الأسر، الممول من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لتخفيف حدة الإجراءات الاقتصادية التي تتبعها حكومة الانتقال.
وأقرت الحكومة الانتقالية بالسودان فى سبتمبر الماضى تحرير أسعار الوقود بزيادة فاقت الـ 400 % .ووفقا لآخر تقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء بالسودان فى أبريل الماضى فان نسبة التضخم بلغت 342 بالمائة.
ومنذ انفصال جنوب السودان فى العام 2011، يواجه السودان أزمة اقتصادية خانقة بعد أن فقد ثلثى إنتاجه النفطى.وفى العام 2012 أقر السودان خمس حزم لرفع الدعم عن المحروقات ودقيق الخبز، ما أدى إلى سلسلة من الاحتجاجات كان أعنفها في سبتمبر2013، وأدت إلى مقتل 200 محتج.وازدادت الأزمة الاقتصادية استفحالا فى العام 2018 ، وأدت إلى اندلاع ثورة شعبية فى ديسمبر 2018، أسفرت فى 11 إبريل 2019 عن الإطاحة بنظام البشير.
قد يهمك ايضا:
التحالف الحاكم في السودان يوجِّه رسالة إلى الحكومة الانتقالية "البقاء موحدًا أو التشرذم"
اتساع رقعة الاعتصامات المطالبة بنزع سلاح الميليشيات في السودان
أرسل تعليقك