أصدرت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قرارا يهدف إلى تنظيم العلاقة التعاقدية بين العاملين وأصحاب العمل في مواجهة الظروف الاستثنائية والقوة القاهرة.وتضمن هذا القرار أحكاما تتعلق بالأجر والإجازات السنوية والاستثنائية، والشروط المتعلقة بإنهاء العقد بسبب القوة القاهرة، والتعويض في حالات إنهاء العقد غير المشروعة، في الوقت الذي يعاني منه الاقتصاد السعودي بسبب انخفاض أسعار النفط أولا وبسبب جائحة كورونا ثانيا.
بحسب ما جاء في بيان الوزارة، فإن هذا القرار جاء مواكبة للأحداث التي تمر بها المملكة والعالم أجمع، وما صاحبها من تدابير وقائية وإجراءات احترازية، وعن ذلك يتحدث الخبير المالي والاقتصادي السعودي، تميم جاد، ويقول: كورونا شلت الاقتصاد العالمي كله ولازال يرزح تحت ضغط الوباء، ولا أحد يمكن أن يتكهن متى ستنتهي هذه الأزمة، وبدأت الآثار السلبية تظهر على جميع القطاعات في الدول، ومنها المملكة العربية السعودية.
ويواصل جاد، كان هناك لدينا أزمة النفط في السابق والآن جاءت أزمة كورونا، وطبعا ستتأثر المملكة بانخفاض أسعار النفط في الآونة الأخيرة والركود الاقتصادي، لكن الضرر سيكون أقل بكثير من باقي دول العالم وحتى على مستوى الدول الخليجية، نتيجة للاحتياطات المالية الهائلة في المملكة، والتي تكفي لأكثر من 48 شهر وفق وزارة المالية.
وبدوره يرى الخبير الاقتصادي راشد ابانمي أن إجراءات المملكة هي طبيعية نظرا لما يجري في العالم، ويتابع: لا شك انتشار وباء فيروس كورونا سبب أعطال كبيرة في الحياة العامة والاقتصاد والسياسة عبر العالم، فكلمة تسريح العمالة في غير محلها، لأن المسألة هي استغناء بعض الشركات عن عمالتها الوافدة، وهذا ضمن القطاع الخاص وليس الحكومي.
ويتابع، كل أعمالنا سواء كنا مواطنين أو غير مواطنين تخضع إلى مراجعة، والاقتصاد كله يخضع إلى مراجعة، فلا أرى أن السعودية اتخذت اجراء غير طبيعي أو اعتيادي، بل اتخذتها جميع دول العالم بعد تفشي فيروس كورونا.
من يخضع للقرار؟
وعلى الرغم من أن المذكرة التي صدرت عن الوزارة لم تذكر بصريح العبارة من هم العاملون الذين يمكن تطبيق القرار عليهم، إلى أن الخبير الاقتصادي تميم جاد يرى بأن هذا القرار يعود على الوافدين إلى المملكة، ويوضح قوله: الحكومة السعودية وضعت في خططها بأن لا تمس معيشة المواطن السعودي، وكانت قد خلقت خلية خاصة للموظفين السعوديين في الشركات، والتي أغلبها مشلولة كقطاع الخدمات وغيرها، حيث أن القطاعات الخاصة التي لم تتأثر هي فقط الصحي والغذائي والمصرفي، وهناك لا يبدو أي إشارات على تخفيض رواتب هذه القطاعات.
ويواصل جاد: الذي حصل أن الشركات التي يملكها أفراد أو شركات لديها نسبة من التوطين السعودي، وأعطوهم خيارات بإنقاص الرواتب بين 30-40% أو تسريح العمال، ولكن هناك فئة كبيرة من السعوديين لم تمسهم هذه الأمور في القطاعات الخاصة.
أما الخبير السعودي ابانمي فيؤكد أن العاملين الذين سيمسهم القرار ليسوا فقط من الوافدين وإنما من السعوديين أيضا، ويكمل: اجراءات الاستغناء عن العمالة تخضع إلى معايير قانونية، بأن تعطى الحقوق كاملة للعاملين كما هو متفق عليه مع الشركة، مع الأخذ بعين الاعتبار القوة القاهرة والتي يواجهها العالم، حتى أن الرقم في أمريكا وصل إلى 20 مليون عاطل عن العمل المسرحين المواطنين.
ويضيف: أعتقد أن هناك بعض الشركات دخلوا في مساومات مع عمالهم، بأخذ إجازات مقطوعة الأجر أو بنصفه، ولا شك أن الشركات تعاني من تفشي فيروس كورونا، فالمسألة ليست طبيعية هنا ويطبق عليها المعايير الاعتيادية، وإنما معايير القوة القاهرة.
ويتابع ابانمي: أي قطاع خاص مثل أي قطاع آخر في العالم، يعانون من الحالة التي تعاني منها الشركة من ناحية الوضع الاقتصادي، سيتخذ اجراءات تناسبها، حتى أن بعض الشركات ستفلس سواء كان عمالها سعوديين أو غير سعوديين.
الأثر الاقتصادي
وكانت المملكة العربية السعودية قد أصدرت عدة قرارات لمواجهة الآثار المترتبة على أزمتي النفط وفيروس كورونا، والقرار الأخير يأتي ضمن سياق هذه القرارات وعن هذا يتحدث الخبير المالي تميم جاد وينوه إلى أن المملكة نجحت إلى درجة كبيرة بالحد من الآثار السلبية لهذه الأزمات ويقول:
أغلب الموظفين في القطاع الخاص أو العام جالسين الآن في بيوتهم ومنذ 3 أشهر لم يعملوا، والشركات التي تأثرت كلها خاصة حيث يتوجب عليها التخفيض، وهي شركات عائلية أو شركات مغلقة وتلقت خطابات بالتخفيض.
ويعتقد الأستاذ تميم إلى أن النتائج سيتم تقييمها لكن في نصف السنة الحالي، وأكد أن الحكومة لن تترك هذا الموضوع، وأشار إلى أن وزير المالية قال بأن هناك إمكانية لرفع سقف الاقتراض حتى 50%، ويتوقع أن خلال عام 2021 أن تعود أسعار النفط إلى 50دولار، وبالتالي تستطيع الحكومة إعادة هيكلة اقتصادها.
وأشار جاد إلى أن هناك أثار قد تكون إيجابية نتيجة لهذه القرارات على المواطنين السعوديين خاصة بقوله: حتى لو كان هناك من خفض راتبه من القطاعات الخاصة ستعود رواتبه كما كانت مع بداية الربع الأول من عام 2021، بل لا أفضل مما كانت، وهناك الكثير من الشركات مفترض عليها أن توطن موظفيها، نتيجة أن هناك الكثير من أبنائنا عائدين من أوروبا أو الولايات المتحدة.
ويتابع: هؤلاء سيعملون في شركاتنا سواء كانوا مهندسين أو أطباء وفنيين وإداريين، وبالتالي ستتقلص عمليات التحويلات الخارجية والتي تبلغ ما يقارب من 50 مليار دولار سنويا، تخرج من داخل المملكة خلال السنوات القادمة، مما يؤدي إلى توفير مبالغ كبيرة، وسيكون هناك نقص في النفقات، وسيتم إنفاقها على المجهودات الوطنية.
ويواصل الخبير السعودي حديثه: "أتوقع سيكون هناك احلال كبير للكوادر السعودية والإبقاء فقط الخبرات الأجنبية الدقيقة هذا في عام الوظائف. وسوف يكون هناك خطة مدروسة للقضاء على الوافدين المخالفين لنظام الإقامة أولا ثم تقنين العمالة النظامية أتوقع انه سيكون هناك خروج ما يقارب 2 مليون من الوافدين خلال 18 شهرا".
وبدوره يرى الدكتور راشد أبانمي بأن الآثار لن تكون قاسية على المملكة، ويوضح كلامه: "لا شك أن الأمر جلل والعالم كله يعاني منه، لكن الحمد لله في السعودية أعتقد أنها تعاملت مع وباء كورونا ليس فقط لجهة المواطنين كما حصل في دول الغرب، بل كان التعامل حتى مع الوافدين بمساواة وسواسية، وحتى المخالفين في نظام العمل والقانون السعودي يعاملون بشكل طبيعي من أي إجراء"، ويختم حديثه: "من هذا المنطلق وبحيادية نرى أنها من ضمن الدول التي أحسنت التعامل مع كل من المواطنين أو الوافدين، وهم ضيوف علينا ونعاملهم كما نعامل أنفسنا، ولكن الاستغناء عنهم من قبل الشركات خاضع لها".
قد يهمك ايضـــًا :
أسعار النفط تواصل الارتفاع بدعم تخفيف إجراءات العزل
تراجع أسعار النفط عالميًا بعد تجدد المخاوف بشأن التوتر الأميركي الصيني
أرسل تعليقك