«معركة الكهرباء» تشغل العراقيين عن متابعة «الحرب المفتوحة»
آخر تحديث GMT17:36:15
 العرب اليوم -

«معركة الكهرباء» تشغل العراقيين عن متابعة «الحرب المفتوحة»

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - «معركة الكهرباء» تشغل العراقيين عن متابعة «الحرب المفتوحة»

الكهرباء في العراق
بغداد - العرب اليوم

حتى في الأخبار المأسوية هناك أولويات في العراق. فقبل أيام من بدء الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران «حربها المفتوحة» على المواقع التي يُظن أن للأميركيين وجوداً عسكرياً فيها، مثل السفارة الأميركية في المنطقة الخضراء، وقاعدة «فيكتوري» في محيط مطار بغداد الدولي، وقاعدة «بلد» الجوية شمالي بغداد، وقاعدة «عين الأسد» غرب العراق، ومطار أربيل شمال العراق، تصدرت قضية الكهرباء في العراق، وهي ملف مفتوح منذ عام 2003 وإلى اليوم قائمة الأخبار والاهتمامات الشعبية والسياسية معاً. صحيح أن العراقيين يواجهون خلال أشهر فصل الصيف أعلى معدل لدرجات الحرارة التي قد تصل أحياناً إلى نصف درجة الغليان؛ الأمر الذي يشعل فتيل احتجاجات جماهيرية تسفر في الغالب عن وقوع ضحايا. لكن الصيف الحالي كان مختلفاً في كل شيء، في درجات الحرارة و«طبيعة الحرب» على الكهرباء. فعلى صعيد درجات الحرارة، فإنها الأقسى من نوعها منذ عشرات الأعوام، حيث تخطت الخمسين درجة مئوية، بل اقتربت في بعض الأيام من الـ56 درجة مئوية، مع تراجع في ساعات تجهيز الكهرباء التي بات يطلق عليها «الكهرباء الوطنية»، وهي كناية عن نوع آخر من التجهيز بالطاقة الكهربائية عبر المولدات الأهلية.

ولأن العراقيين في حالة حراك منذ أواخر عام 2019، انطلقت مظاهرات في بعض المحافظات احتجاجاً على نقص التجهيز وعدم حسم هذا الملف منذ التغيير عام 2003 وما بعده، على الرغم من إنفاق أكثر من 80 مليار دولار أميركي على هذا القطاع، منها نحو 36 مليار دولار في الاستثمار. لكن المفاجأة التي لم يتوقعها معظم العراقيين، أن ما حصل هذا الصيف ليس مجرد زيادة في ساعات القطع المبرمج بسبب قلة الإنتاج والتوزيع، وإنما بدا الأمر أكبر من ذلك بكثير، حيث إن هناك استهدافاً مقصوداً لأبراج الطاقة الكهربائية، كانت نتيجته إطفاء شامل للكهرباء في العراق لم يحصل منذ 30 عاماً.

فالمسألة لم تعد مسألة زيادة أو نقصان في كمية المنتج من الكهرباء في العراق، الذي هو بحدود 19 ألف ميغاواط، بينما حاجة العراق الحقيقية، كما يقول خبراء الطاقة، هي 27 ألف ميغاواط في الشتاء، ونحو 40 ألف ميغاواط خلال أشهر الذروة في فصل الصيف. «الحرب» هذه المرة بدت مختلفة، ودوافعها وأسبابها هي الأخرى مختلفة، لكنها بدأت تفتح ملفات الطاقة المخزونة طوال السنوات الثماني عشرة الماضية من عمر التغيير، بعد سقوط نظام صدام حسين على يد الأميركيين في التاسع من أبريل (نيسان) عام 2003.

استقالة وزير

سرعان ما قبل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي استقالة وزير الكهرباء ماجد حنتوش، الذي تقول عنه أوساط مختلفة داخل منظومة الوزارة، إنه «رجل مهني وسبق له أن نجح في العديد من المهام التي أوكلت إليه حين كان مديراً عاماً في الوزارة نفسها». طلب الاستقالة جاء من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، الذي دعا أنصاره إلى «مظاهرة مليونية» من أجل الكهرباء، لكنه لم يحدد موعدها. الصدر دعا رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لإقالة وزير الكهرباء. وبما أن رئيس الوزراء حسب الدستور العراقي، لا يملك حق إقالة الوزراء بنفسه، بل يطلب من البرلمان سحب الثقة منهم لأسباب محددة، فإن الوزير نفسه ارتأى أن يكون هو «كبش الفداء» لهذا الملف السياسي الذي يختزل كل مأساة العراق الإدارية والتخطيطية والفنية بعد عام 2003؛ إذ قدم استقالته إلى رئيس الوزراء. ولأن البرلمان الذي يستعد للانتخابات المقبلة ليس بوسعه الاعتراض على الآلية أو الطريقة أو الأسلوب رغم خلافاته الكثيرة مع رئيس الوزراء، سكت على طريقة الاستقالة وقبولها حتى لا يواجه الغضب الجماهيري.

الكاظمي لم يعين وزيراً بديلاً، بل قرر تشكيل خلية أزمة كهربائية برئاسته في محاولة منه لتحقيق تقدم في هذا الملف. ومع أن تصريحات الكاظمي عبّرت عن طبيعة الملفات المعقدة في أزمة الكهرباء، ومنها أسباب سياسية وأخرى تتعلق بالفساد المالي والإداري، مثل التوقيع مع شركات عالمية عقوداً بمليارات الدولارات، ثم سرعان ما تظهر أنها شركات وهمية، أو التعاقد مع شركات تعمل بالغاز بينما العراق لم يتمكن بعد من استخراج الغاز، بل يستورده من إيران بمليارات الدولارات سنوياً مثلما يستورد منها الكهرباء، حيث ترتبت ديون على العراق لصالح إيران تبلغ 5 مليارات دولار أميركي.

ومع أن استقالة الوزير الحالي بدت وكأنها نوع من «امتصاص نقمة جماهيرية»، فإن وزارة الكهرباء في العراق هي من بين أكثر الوزارات التي استقال وزراؤها دون أن يكملوا دوراتهم الحكومية وأمدها 4 سنوات، إما بسبب عدم قدرتهم على الانصياع الكامل للجهة التي ترشحهم والتي تريد التحكم بكل مفاصل الوزارة، أو عدم قدرتهم على مواجهة «مافيات الفساد»، وهي سياسية في الغالب، تتحكم بهذا الملف، بحيث تحوّل ملف الكهرباء بالنسبة للعراقيين إلى ملف سياسي قوامه عدم إمكانية النهوض بقطاع الكهرباء في البلاد لكي لا يتحقق نهوض في القطاعات الأخرى التي تعتمد على الكهرباء، مثل الزراعة والصناعة والصحة والتعليم والنقل.

ومع أن هناك من يرى أنه بالإمكان بدء مرحلة جديدة في حال تمت عملية الربط الكهربائي مع دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية أو الأردن، فإن العقبات السياسية لاتزال قوية على صعيد عرقلة هذه الخطط، التي يبدو أنها هي الحل الوحيد للخلاص من الاعتماد على مصدر واحد للطاقة في العراق، وهو إيران.

المتهم الأوحد

ورغم أن عمليات القصف بالطائرات المسيرة وصواريخ الكاتيوشا على المصالح الأميركية في العراق خلال الأيام الأخيرة سحبت البساط مؤقتا من ملف الكهرباء، لا يزال هذا الملف الخبر الثاني المهيمن على سلم الاهتمامات، سواءً في وسائل الإعلام التقليدية، أو في الـ«سوشيال ميديا». ومن بين المساعي التي حاولت الحكومة العراقية اللجوء إليها بعد حصر الملف بيد الكاظمي، تخصيص مبلغ قدره 50 مليار دينار عراقي (بحدود 45 مليون دولار أميركي) بهدف إصلاح أبراج الطاقة التي تم استهدافها من قبل أعداء مجهولين، ما عدا متهماً واحداً، بل هو الأوحد، وهو تنظيم «داعش». ومع أن التنظيم لم يتبن أياً من تلك الاستهدافات، بينما هو في العادة يتبنى، بل ويفتخر بأي عملية يقوم بها، بما في ذلك عمليات القتل أو الحرق الجماعي، فإن الاتهامات طالت مافيات فساد وجهات سياسية بدأت مع اقتراب موسم الانتخابات الاستثمار في ملف الكهرباء، لكن ليس على طريق إصلاح المنظومة المتهالكة أصلاً بسبب الفساد وسوء التخطيط وسوء الإدارة، فضلاً عن غياب الإرادة السياسية، بل على طريق إطفاء آخر مصباح كهربائي مستورد، لكي يبقى العراق يستورد كل شيء، وأوله الكهرباء، مع إنه من الناحية العملية قادر على الإنتاج والتصدير معاً.

قد يهمك ايضا 

فصائل «الجيل الثاني» في العراق تختار «الحرب المفتوحة» مع الأميركيين

خلية الإعلام الأمني في العراق تصرح بأن مجموعة خارجة عن القانون استهدفت المنطقة الخضراء

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«معركة الكهرباء» تشغل العراقيين عن متابعة «الحرب المفتوحة» «معركة الكهرباء» تشغل العراقيين عن متابعة «الحرب المفتوحة»



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:51 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أشرف حكيمي يمدد عقده مع باريس سان جيرمان حتي عام 2029

GMT 18:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 09:37 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

ثوران بركاني جديد في أيسلندا يهدد منتجع بلو لاجون الشهير

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 11:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مستشفى كمال عدوان بدون أكسجين أو ماء إثر قصف إسرائيلي مدمر

GMT 10:21 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل اعتقلت 770 طفلاً فلسطينيًا في الضفة منذ 7 أكتوبر

GMT 12:02 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

قصف إسرائيلي يقتل 8 فلسطينيين في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab