الدوحة _ العرب اليوم
تجري شركات المرافق اليابانية مباحثات لمراجعة عقود الغاز الطويلة الأجل مع قطر أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسيّل في العالم، وهو أمر يرجح أن يسرع وتيرة التحول صوب سوق عالمية للوقود تكون التعاملات فيها أكثر انفتاحًا.
وإذا نجحت اليابان في تنفيذ إرادتها في المراجعة الدورية للعقود، فسيكون عليها كأكبر مشتر للغاز الطبيعي المسيّل في العالم استيراد مزيد من الإمدادات الفورية من منتجين مثل الولايات المتحدة في خطوة أخرى تبعدها من الاتفاقات الجامدة التي يصل أجلها إلى عشرات السنين صوب سوق فورية أكثر نشاطاً. ويبقى على المحك بالنسبة لقطر 7.2 مليون طن من الغاز الطبيعي المسيّل سنوياً والمباع في عقود ينتهي أجلها عام 2021. ويذهب معظم الغاز البالغة قيمته 2.8 بليون دولار سنوياً إلى "جيرا" اليابانية، وهي مشروع مشترك بين "طوكيو إلكتريك" و "تشوبو إلكتريك"، وهي أكبر مشتر منفرد للغاز الطبيعي المسيّل في العالم.
وقال استشاري في عقود الغاز الطبيعي المسيّل طلب عدم نشر اسمه نظراً إلى حساسية المفاوضات الجارية "منذ أن نشأت الأزمة واليابانيون على ثقة بأنهم لن يجددوا كل العقود وسيضغطون بقوة بالغة للحصول على شروط أكثر مرونة". وسيمثل كل من قطر واليابان، كبائع ومشتر، نحو ثلث كمية قدرها 300 مليون طن سيجري شحنها هذا العام على متن 500 ناقلة. ومن المؤكد أن أي تغيير في كيفية تداول هذه الكمية بينهما سيؤدي إلى صدمة في القطاع الذي تواجه فيه الممارسات القائمة منذ السبعينات تحديات بالفعل.
ويماثل الموقف بشكل أو بآخر ما حدث في أوروبا بين عامي 2008 و2014، حين أقدمت شركات المرافق الأوروبية على إعادة التفاوض على شروط شراء الغاز في خضم أزمة اقتصادية وتوترات بين أوروبا وروسيا، ما وفر مزيداً من الإمدادات للبيع في الأسواق الفورية.
وأفادت مصادر بأن ثلاثة اتفاقات بين اليابان وقطر تخضع للمراجعة الدورية، ما قد يسمح ببعض التعديلات. كما أن من المحتمل أن يقدم المشترون على تجديد جزئي للعقود عند انتهائها. وامتنع مسؤول بإحدى الجهات المشترية في اليابان عن التعقيب على العقود الفردية لكنه قال إن اتفاقات الشراء تخضع للمراجعة كل خمس سنوات. ويتلاءم ذلك مع الاتفاقات الخاضعة للنقاش، والتي سينتهي أجلها في 2021 وجرى توقيعها عامي 1997 و1998 وفي 2012. يذكر أن أحجام الغاز الطبيعي المسيّل زادت إلى 260 مليون طن العام الماضي من 250 مليون طن في 2015، تنتجها نحو عشر دول ويأتي أكثر من نصف تلك الكميات من قطر وأستراليا وماليزيا.
واستوردت 93 دولة الغاز الطبيعي المسيّل في 2016 بزيادة قدرها أربع دول مقارنة بالعام السابق. ويبلغ معدل الاستهلاك في آسيا 70 في المئة من الاستهلاك العالمي. وفي وقت كانت تواجه منافسة من منتجين جدد، تحدثت قطر بحدة لليابان قبيل مراجعة العقود محذرة المشترين من طلب الكثير من التعديلات وإلا قد يتم تقليص حصص الشركات اليابانية في مشاريع الغاز الطبيعي المسيّل القطرية. بيد أن الطاولات انقلبت منذ أن قطعت دول عربية علاقاتها مع قطر، ما أدى إلى قطيعة تجارية أيضاً ومن ثم أضعف موقف قطر التفاوضي.
وتعرض "شينير"، وهي الشركة الأميركية الوحيدة التي تصدر الغاز الطبيعي المسيّل حتى الآن، إمداداتها كبديل. وقال ابين برنهام- سنايدر المتحدث باسم شينير: "هذا النزاع تذكير في وقته بقيمة التنويع ومرونة الإمدادات التي تحققها الصادرات الأميركية الحرة الوجهة لكل مشتر منفرد". وعلى عكس المصدرين الآخرين تسمح "شينير" للمشترين منها بإعادة بيع شحنات.
وقال مدير تحليلات السوق لدى "جيلبر آند أسوشيتس" في هيوستن، كينت بايزيد أوغلو، إن أزمة قطر "ستشجع أكثر مشتري الغاز الطبيعي المسيّل العالميين على إدخال مزيد من الغاز الطبيعي المسيّل الأميركي... لأسباب تتعلق بالموثوقية".
يأتي كل هذا في الوقت الذي ينضم فيه المزيد من شركات السلع الأولية التي تتداول الغاز الطبيعي المسيّل إلى عدد متزايد من المنتجين والمستوردين. ويفوق العرض الطلب، ما جعل الكثير من الغاز الطبيعي المسيّل من دون مشترين وهبط بسعره الفوري في آسيا أكثر من 70 في المئة منذ عام 2014، إلى أقل من ستة دولارات للمليون وحدة حرارية بريطانية. وقال منتجون، ومن بينهم «وود سايد بتروليوم» الأسترالية و "رويال داتش شل"، إنهم سيعطون مرونة أكبر في العقود في مسعى لطرح غازهم الطبيعي المسيّل في السوق.
وتوقعت غالبية تضم أكثر من 30 خبيراً تداول 25 في المئة على الأقل من الغاز الطبيعي المسيّل لآسيا في السوق الفورية بحلول نهاية العام المقبل. ويقول تجار إن هذه النسبة قد تزيد أسرع إذا فازت اليابان بامتيازات من قطر. وترى «فيتول» إن أحجام تداول الغاز الطبيعي المسيّل في السوق الفعلية سترتفع من ثلاثة ملايين طن في 2016 إلى 4.5 مليون طن هذا العام. كما تستعد شركات التجارة اليابانية، التي ترصد التغيرات التي تقودها شركات المرافق في البلاد، لمزيد من التعاملات الفورية.
أرسل تعليقك