الرباط ـ العرب اليوم
تسيطر قضايا التوظيف والتشغيل على مخططات حكومات الدول العربية بشمال أفريقيا، فبينما تهتم الحكومات المصرية بالمشروعات القومية المُشغلة للآلاف، بغرض الحفاظ على معدل البطالة أقل من 13 في المائة، نجحت الحكومة المغربية في تخفيض معدل البطالة بشكل طفيف، على الرغم من الجفاف وانكماش القطاع الزراعي وتباطؤ النمو عامة، وهذا عن طريق توفير عدد معقول من الوظائف المؤقتة، بغرض تجاوز الأزمة، بينما أصبح اتحاد الشغل التونسي أحد محركي وصانعي القرار في تونس.
وأظهرت الأرقام الرسمية، الجمعة، تراجع معدل البطالة في المغرب إلى 8.6 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، مقارنة بـ8.7 في المائة في الفترة ذاتها قبل عام، مع تركز نمو التوظيف في قطاعي الإنشاءات والخدمات، وقالت المندوبية السامية للتخطيط إن قطاعات الخدمات والبناء والصناعة أضافت 149 ألف وظيفة جديدة مما ساعد في تعويض فقد 175 ألف وظيفة في القطاع الزراعي من جراء الجفاف الحاد. وتتوقع الحكومة تراجع محصول الحبوب في 2016 تراجعًا حادًا بعد محصول قياسي العام الماضي بلغ 11 مليون طن، وذلك بسبب الطقس السيئ، ومن المتوقع فقد مزيد من الوظائف بالقطاع الزراعي في 2016.
وتفرض متاعب القطاع ضغوطًا إضافية على حكومة المغرب، التي تواجه بالفعل احتجاجات على إجراءات التقشف، وبحسب البيانات، خلق القطاع الصناعي 38 ألف وظيفة، وأضاف قطاعا الإنشاءات والخدمات 70 ألف وظيفة و41 ألف وظيفة على الترتيب، في زيادة عن السنوات السابقة، مما يعطي مؤشرًا على بدء تعافي الاقتصاد المغربي من سنوات الركود الناجم بدرجة كبيرة عن أزمة ديون منطقة اليورو، الشريك التجاري الرئيسي للمغرب، لكن مندوبية التخطيط حذرت من الطبيعة المؤقتة لمعظم الوظائف الجديدة بقطاعي الإنشاءات والخدمات، وكانت وزارة المالية توقعت نمو الاقتصاد أقل من اثنين في المائة هذا العام، مقارنة مع 4.4 في المائة في 2015. لكن مندوبية التخطيط قالت إن الجفاف قد يهبط بالنمو إلى 1.3 في المائة في 2016.
وتنتشر العمالة غير الرسمية في المغرب مما يزيد صعوبة الوصول إلى أرقام توظيف يعول عليها، أما في تونس التي يستقر فيها معدل البطالة فوق الـ15 في المائة، فقد قال أمين عام الاتحاد العام التونسي للشغل، الحائز على جائزة نوبل للسلام، ضمن رباعي الحوار الوطني العام الماضي، إنه لن يمنح الحكومة الجديدة صكًا على بياض، وإنه سيراقب مدى التزامها بأولويات العمل المتفق عليها، وقال أمين عام الاتحاد، حسين العباسي، أمس الجمعة، إن المنظمة النقابية ستهتم فقط بمدى التزام رئيس الحكومة المكلف، يوسف الشاهد، بما ورد في وثيقة قرطاج، وأضاف: «بالنسبة إلينا، فإن عمل الحكومة لا يجب أن يتجاوز الوثيقة التي أسسنا عليها عبر الحوار في قصر قرطاج»، وكانت أحزاب تونسية ومنظمات وطنية، قد وقعت قبل أسابيع على «وثيقة قرطاج» خلال الحوار الوطني بالقصر الرئاسي، وهي تضم أولويات العمل في برنامج حكومة الوحدة الوطنية التي دعا إليها الرئيس الباجي قائد السبسي، ويجري التشاور حاليًا بشأن تركيبتها.
وكلف الرئيس السبسي، يوم الأربعاء الماضي، رسميًا، القيادي في حزب «حركة نداء تونس» الذي يقود الائتلاف الحكومي، يوسف الشاهد، بتشكيل حكومة وحدة وطنية، سيعهد لها بمهمة إنعاش الاقتصاد والقيام بإصلاحات واسعة، ولم يعلق اتحاد الشغل، ذو النفوذ السياسي والاجتماعي الواسع، على اختيار الشاهد، لكنه شدد على أهمية تطبيق ما ورد في وثيقة قرطاج، وقال العباسي في تصريحه: «الوثيقة كانت واضحة وتشتمل على كل ما هو أمني واقتصادي واجتماعي، وكل ما من شأنه أن يخرج البلاد من المأزق الذي تردت فيه»، وتابع قائلاً: «هذا ما يجب أن يتبعه رئيس الحكومة المقبل، نحن لن نقدّم صكًا على بياض لأي أحد كان».
وكان الوزير المكلف يوسف الشاهد، قد صرح فور تكليفه، بأن الحكومة الجديدة ستعمل وفق الوثيقة مع التركيز على 5 أولويات، وهي كسب المعركة ضد الإرهاب، والحرب على الفساد، ودفع نسق النمو، والحفاظ على التوازنات المالية، ومعالجة ملف النظافة والبيئة، وبدأ الشاهد، منذ أول من أمس الخميس، مشاورات مع الأحزاب والمنظمات بشأن الحقائب الوزارية، ويتوقع أن تعرض حكومته على التصويت في البرلمان خلال أسابيع.
أرسل تعليقك