الرباط - العرب اليوم
يتجه المجتمع المغربي، في الأعوام والعقود المقبلة، نحو الشيخوخة، بسبب عوامل ديموغرافية واقتصادية واجتماعية وثقافية، وأفادت الأرقام، وفقًا لإحصائيات رسمية، بأنّ عدد المسنين تضاعف 3 مرات منذ ستينات القرن الماضي، ويتوقع أن يتجاوز عددهم الـ10 ملايين شخص بحلول عام 2050، أي حواليّ 23%من إجمالي السكان، مقارنة بـ9.4%وفقًا لإحصاء أُجري عام 2014، وكان عدد المسنين يقدّر بحواليّ 800 ألف شخص عام 1960 من إجمالي عدد السكان البالغ 12 مليونًا.
وأكّدت "المندوبية السامية في التخطيط"، لمناسبة اليوم العالمي للمسنين أنّ "المشاركة في الحياة العملية تتراجع مع تقدم العمر، إذ تنخفض من 53% عند الفئة التي يتراوح عمرها بين 60 و64 عامًا، لتقل عن 16% للفئة التي تتجاوز 75 سنة، وتصل إلى 1.7% فقط عند النساء المسنات".
ويتسم المجتمع المغربي حاليًا بهرم سكاني تعود فيه الغلبة إلى الأطفال في المدارس الذين يقدّر عددهم بـ7 ملايين، لكن هذا الرقم يتراجع بسبب انخفاض الخصوبة لدى النساء من 6 أطفال قبل 40 سنة إلى طفلين حاليًا، وتفيد المعطيات بأنّ المجتمع المغربي يصنف ضمن الدول المتوسطة النمو الديموغرافي، ما يجعلها تتمتع لعقود طويلة أخرى بطاقة بشرية منتجة، تجعلها ضمن الدول ذات الشيخوخة الشابة بين 60 سنة و68 عام 2050.
ويتوقّع أن يرتفع عدد السكان المسنين في المدن من 1.9 مليون شخص/ عام 2014 وفقًا للإحصاء الأخير، إلى 7.6 مليون عام 2050، أمّا في القرى والأرياف فسيرتفع العدد من 1.3 مليون إلى 2.5 مليون، وهناك اتجاه إلى أن ينتقل بعض سكان المدن للعيش في الأرياف في خريف العمر، طلبًا للطبيعة والهدوء وهربًا من صخب المدن وتلوثها، وفي الحالتين، سيمثل كبار السن نحو 1 من 4 أشخاص في المجتمع، مقارنة بأقل من 1 من أصل 10 حاليًا.
وأشارت الدراسة إلى أنّ تكلفة شيخوخة المجتمع سترتفع أيضًا، خصوصًا في مجال الرعاية الصحية، إذ يعاني 1 من 4 مسنين من إعاقة جسدية، وسيواجه المغرب تحدّيات في مجال ضمان تمويل صناديق التقاعد وأنظمة الضمان الاجتماعي، علمًا أنّ التغطية الاجتماعية والتقاعد تشمل فقط موظفي الدولة والقطاع الخاص المنظم، أي حوالي 5 ملايين شخص من أصل 11 مليون عامل، يضاف إليهم 1.3 مليون شاب عاطل عن العمل، وتتخوف الدراسة من احتمال انقطاع التضامن الأسري بين الأجيال في العقود المقبلة، ما سيجعل فئة من المسنين تعيش آخر أيامها في دور العجزة أو الملاجئ، وهو عبء إضافي على الدولة والمجتمع المدني والجمعيات الخيرية، خاصة بعد بدء انتشار ظاهرة المسنين الفقراء المتخلّى عنهم، في ضواحي المدن الكبرى والأحياء الشعبية، وهم فئة لم تتمكن من تحصيل معاش تقاعدي، أو تمّ التخلي عنها أسريًا لأسباب اجتماعية، أو تحول في العلاقات بين الأجيال، وتحض بعض الدراسات على ضرورة معالجة الخلل المالي في صناديق التقاعد الاجتماعي، التي تعاني عجزًا متراكمًا، ودمج مختلف العاملين والناشطين في منظومة الحماية الاجتماعية تحسبًا لزمن ستكون فيه الغلبة العددية للشيوخ وكبار السن.
أرسل تعليقك