لندن ـ العرب اليوم
أظهرت تقارير أوروبية حديثة، أن التمييز الوظيفي بما يشمله من الفوارق في الرواتب وضعف التمثيل في مراكز القرار؛ إضافة إلى العنف المنزلي، تبقى من أهم المشاكل التي تواجه المرأة في أوروبا والعالم،وأكّد مكتب الإحصائيات الأوروبية “يوروستات”، أن دخل الرجال في منطقة اليورو وفي عموم أوروبا يزيد على دخل النساء اللاتي يشغلن المنصب نفسه، بمعدل 16.4%، رغم أن هذا الفرق قد تضاءل في بعض الدول، فإنه ارتفع في دول أخرى
وأشار تقرير يوروستات، الصادر بالتزامن مع احتفاليات اليوم العالمي للمرأة، إلى أن استونيا ما زالت تسجل المعدل الأعلى في الفروق المالية بين الرجال والنساء، والتي تصل إلى نحو 29.9%، تليها النمسا بنسبة 23%، ثم جمهورية التشيك 22.1%، ثم ألمانيا 21.6%، أما الدول التي تناقص فيها الفرق المالي بين الرجال والنساء خلال السنوات الأخيرة فهي على التوالي سلوفينيا، حيث ما زالت دخول الرجال تزيد على النساء بفارق 3.2%، ثم بولونيا بفارق 6.4% لصالح الرجال، بينما تسجل مالطا فرقًا قدره 5.1%، وفي إيطاليا، يزيد دخل الرجل بنسبة 7.3% على دخل المرأة التي تحتل المنصب نفسه، أو تقوم بالعمل نفسه، أما بالنسبة للعنف وبشكل خاص العنف المنزلي، فما زالت 70% من النساء في العالم يتعرضن للعنف، سواء من قبل أحد أفراد الأسرة أو من طرف ثالث، حيث “تصل هذه النسبة في أوروبا إلى 25.4% بين النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين 16 و44 عامًا”، أما عدد النساء اللاتي يتبوأن مراكز سياسية عالية في أوروبا، فلا يزيد على ستة، من أقدمهن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وأحدثهن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
ونوّهت المفوضية الأوروبية إلى أن عدد النساء اللاتي قدن دولًا أوروبية يبقى قليلًا جدًا في تاريخ الاتحاد الأوروبي، وقال مجلس الاتحاد الأوروبي في بيان إنه “قبل ستين عامًا، شكلت المساواة بين النساء والرجال جزءًا لا يتجزأ من معاهدة روما بصفتها واحدة من القيم الأساسية للاتحاد الأوروبي، وفي ذلك الوقت، كان التزام أوروبا بمبدأ تكافؤ الأجر للعمل المتكافئ فريدًا من نوعه في العالم، ومنذ ذلك الحين، حافظ الاتحاد الأوروبي على مساره القيادي وحقق تقدمًا ملحوظًا على كل
الجبهات، ونحن نعمل بلا كلل أو ملل للدفاع عن حقوق النساء، وإعطائهن المزيد من وسائل العمل في مكافحة التمييز والعنف بسبب النوع الاجتماعي”، وفي عام 2017، هناك عدد أكبر من النساء العاملات، والمزيد من النساء المتخرجات في الجامعات، والمزيد من النساء الفاعلات في السياسة وفي أرفع المناصب في الشركات الأوروبية أكثر من أي وقت مضى، وضمن المفوضية الأوروبية، تشكل النساء 55% من مجموع القوى العاملة، إلا أن الكثير من النساء، ولا سيما الأمهات العازبات، ما زلن يكافحن من أجل تحقيق الاستقلالية الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي، وارتفعت عمالة النساء في الاتحاد الأوروبي إلى نسبة غير مسبوقة وصلت إلى 65.5% في عام 2016، ولكن الفارق ما زال كبيرًا مقارنة بنسبة الرجال التي تبلغ 77%.
وأوضح البيان أنه “ما زال من الضروري القيام بالمزيد داخل أوروبا وخارجها، فالنساء هن غالبًا الأكثر عرضة لخطر النزاعات ووضعيات الهجرة والتهجير، والأكثر تضررًا في الأماكن الأكثر تأثرًا بالفقر والتغير المناخي”.
ويُسجل نموًا كبيرًا في أعداد النساء ضحايا الاتجار بالبشر واللواتي يصلن إلى الاتحاد الأوروبي في سياق الهجرة الحالي، ويبرز عدم التسامح حيال النساء وكراهيتهن في المجال العام، وكذلك من خلال “التخفي الجبان” عبر المواقع الإلكترونية، وتزداد الهجمات ضد حقوق النساء، وما زال الكثير من الأوروبيين يعتقدون أن العلاقة الجنسية من دون رضا الطرفين أمر مبرر، كما أن النساء هن أولى ضحايا التمييز والعنف، خصوصًا في مناطق النزاع حول العالم، إلا أن النساء هن أيضًا أول من يبحث عن الحلول، ومن يسعى إلى القدرة على التكيف في الصعوبات، ومن يتحلى برؤية لمستقبل بلدانهن، لذلك تستمر بلدان الاتحاد الأوروبي في العمل مع المجموعات النسائية حول العالم، بما في ذلك في الظروف الأكثر صعوبة، كما في أفغانستان أو سورية.
وحسب ما جاء في البيان الأوروبي “سوف نستمر في اتخاذ الخطوات في داخل الاتحاد الأوروبي وخارجه، وخصوصًا من خلال الالتزام الاستراتيجي بالمساواة بين الجنسين للفترة 2016 - 2019، وتتطرّق المفوضية الأوروبية إلى عدم المساواة في المجالات الرئيسية كالعمل والأجر وصنع القرار والعنف، وخصصت المفوضية عام 2017 لاستئصال أشكال العنف ضد النساء والفتيات كافة، وستقدم المفوضية هذه السنة مبادرة جديدة توازن بين العمل والحياة لأولياء الأمور ومقدمي الرعاية، ومن خلال إصلاحنا المقترح لنظام اللجوء الأوروبي المشترك، سيجري توفير الرعاية الطبية والدعم القانوني والاستشارات النفسية والرعاية النفسية والاجتماعية للنساء المهاجرات اللواتي يأتين إلى أوروبا طلبًا للحماية واللواتي تعرّضن للأذى، وستتابع المفوضية رصدها للبعد الخاص بمنع الاتجار بالبشر ومكافحته في تنفيذ سياستها وتشريعها الخاصين بمكافحة هذا النوع من الاتجار”، وفي إطار العلاقات الخارجية، ومن خلال خطة العمل الجندرية “القائمة على الجنس” للاتحاد الأوروبي للفترة 2016 - 2020، ستركّز المفوضية بصورة خاصة على مساعدة النساء والفتيات حول العالم والمستبعدات من التعليم، ومن الوصول المتكافئ إلى الصحة وخدمات التخطيط الأسري، وسوق العمل، فضلًا عن الحياة السياسية، علمًا بأنهن يواجهن قواعد وقوانين تمييزية حول الميراث أو الجنسية أو ملكية الأراضي، وذلك بهدف ضمان حصول الأكثر عوزًا حول العالم على المساعدات، وستستمر المفوضية في التطبيق المنهجي لمقاربة تأخذ في اعتبارها النوع الاجتماعي عند تقديم المساعدات الإنسانية.
وكشفت المفوضية أنها ستستمر في تصدر مسار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة الخاصة بالأمم المتحدة، بما في ذلك حول المساواة بين الجنسين. مؤكدة أنها “لن نتوقف عن النضال من أجل المساواة بين الجنسين، ولإبقاء النساء والفتيات في أمان، وتمكينهن من الاستفادة من طاقتهن بصورة كاملة، والاتحاد الأوروبي ملتزم كما كان قبل 60 عامًا بضمان المساواة للنساء حول العالم”.
أرسل تعليقك