الرباط - العرب اليوم
وضع البنك الدولي آفاقاً متفائلة لاقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على المدى المتوسط، ارتباطاً باستمرار تحسن أسعار المواد الأولية في السوق الدولية، ومنها النفط والغاز والفوسفات، وتراجع الصراعات الإقليمية الجيوسياسية، ومواصلة الإصلاحات الماكرواقتصادية، وتنويع مصادر الدخل القومي، وإصلاح مناخ الأعمال وسوق العمل.
وتوقع التقرير، الذي صدر في واشنطن حول «آفاق الاقتصاد العالمي لعام 2018»، أن يستعيد النمو ارتفاعه ليتراوح بين 3 و3.3 في المئة عامي 2018 و2019، على رغم من تباين معدلات النمو المرتقبة في المنطقة، إذ ستكون النسب مرتفعة في الدول المستوردة أكثر من تلك المصدرة للنفط. وستقود مصر معدلات النمو العربية بأكثر من 5 في المئة، بينما ستراوح معدلات النمو في شمال أفريقيا بين 3 و4 في المئة، على أن تزيد على 2 في المئة في دول الخليج، مستفيدة من تحسن مؤشرات الموازنة، والعائد على الاستثمارات في البنية التحتية.
وأشار التقرير إلى أن المغرب سيكون من الدول التي ستشهد تحسناً في أداء اقتصادها بحلول عام 2020، بفضل مواصلة الإصلاحات في الحسابات الكلية، وتراجع كلفة دعم أسعار المحروقات على الموازنة، وتنويع مصادر الدخل وتسجيل نمو نسبته 3.2 في المئة في النشاطات غير الزراعية، وتطوير مجال صناعة السيارات التي تساعد الاقتصاد المغربي على زيادة صادراته ذات فائض القيمة المرتفعة.
واعتبر أن المغرب حقق عام 2017 أداءً جيداً بلغ فيه النمو أكثر من 4 في المئة بفضل موسم زراعي وفير الإنتاج، قلص واردات المملكة من القمح وزاد من الصادرات الغذائية. واحتل البلد المرتبة 69 في الترتيب العالمي لمناخ الأعمال. وتسعى الرباط إلى الصعود إلى المرتبة 50 عالمياً بحلول 2020. ولذلك، وضعت خارطة طريق تتضمن عدداً من الإصلاحات في مجال مناخ الأعمال، لجلب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ويحتاج المغرب إلى مزيد من الإصلاحات الأخرى في مجال سوق العمل والتنافسية الإنتاجية وسهولة إنشاء المشاريع. وساعدت أسعار النفط المنخفضة في السنوات الماضية في تقليص كلفة دعم الأسعار، لكن الحكومة لم تواصل تلك الإصلاحات إلى النهاية لأسباب اجتماعية، إذ لا تزال أخطار عودة الأسعار المرتفعة تهدد التوازنات الماكرو اقتصادية، في حال عدم معالجة خلل الميزان التجاري.
وتوقع التقرير أن يبلغ النمو المغربي 3.1 في المئة عام 2018، و3.2 في المئة عامي 2019 و2020»، وهي توقعات قريبة من تلك التي وضعها المصرف المركزي نهاية العام الماضي، ولكنها قابلة للتعديل ومرتبطة إلى حد كبير بكمية الأمطار التي بدت سخية منذ مطلع السنة.
واعتبر التقرير أن المغرب يتمتع بمؤهلات كبيرة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وزيادة الإيرادات الخارجية، وتحسين معيشة السكان. ويأتي القطاع السياحي على رأس الرهانات المغربية على المدى المتوسط مستفيداً من تراجع الثورات الإقليمية وتحسن الوضع الاقتصادي في منطقة اليورو، الشريك التجاري الأول للمملكة. وبإمكان الرباط تحسين تنافسيتها السياحية الدولية عبر تحرير نظام صرف الدرهم، المراقب حالياً من المصرف المركزي. وتتردد الحكومة في إطلاق هذا القرار، خوفاً من تبعاته على الاحتياط النقدي، إذ سبق أن خسرت نحو 5 بلايين دولار من الاحتياط في الأيام التي سبقت إعلان تحرير سوق الصرف مطلع الصيف الماضي.
ولفت البنك الدولي إلى أن الرهان الصناعي وزيادة التنافسية الدولية في مجال صناعة السيارات والطائرات والإلكترونيات، ستساعد الاقتصاد المغربي على المدى المتوسط ليعزز وضعه في منظومة شبكة التصنيع العالمي. ويحتاج المغرب أيضًا إلى تحسين مستوى التعليم ليكون في مستوى التحديات المطلوبة في التنافسية الإنتاجية.
وأشار إلى أن الدول المستوردة للنفط قد تتعرض لأخطار تداعيات الصراعات الإقليمية، في حال استمرارها في ليبيا وسورية واليمن، وقد تزيد تلك الحروب الأعباء الاقتصادية لدول الجوار. وعلى رغم من أن المغرب يبدو بعيدًا نسبيًا عن بؤر الصراع، إلا أنه قد يتأثر في قطاعات مثل السياحة وأسعار الطاقة.
وصادقت اللجنة الوطنية للاستثمارات على حزمة مشاريع بـ32.3 بليون درهم (3.5 بليون دولار)، تشمل 48 اتفاقًا استثماريًا لخلق 6190 فرصة عمل. وحلّت الصناعة في المرتبة الأولى باستثمارات بلغت 18.97 بليون درهم، أي 59 في المئة من إجمالي الاستثمارات المزمع إنجازها، يليها قطاع تحلية مياه البحر بـ3.46 بليون درهم، أي 11 في المئة، ثم قطاع النقل والبنية التحتية بما نسبته 10 في المئة. وتتوزع تلك الاستثمارات على 3 مناطق، وهي محافظة العيون - الساقية الحمراء، التي حصلت على مشاريع بقيمة 17 بليون درهم، والدار البيضاء الكبرى باستثمارات بلغت 5.14 بليون درهم، والرباط - سلا - القنيطرة باستثمارات بلغت 4.69 بليون درهم، تشمل بناء مصانع لسيارات «بيجو - ستروين» الفرنسية شمال الرباط، في حين تشمل مشاريع الصحراء بناء محطة لتحلية مياه البحر في تجربة يجري توسيعها إلى أغادير بهدف تحسين الري الزراعي.
أرسل تعليقك