الرياض - العرب اليوم
بات المناخ الاستثماري في السعودية، يحتل مرتبة متقدمة بين اقتصاديات دول العالم، جاء ذلك عقب تنفيذ المملكة عددًا قياسيًا من الإصلاحات خلال العام الماضي، في سعيها لتحسين مناخ الأعمال للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يؤكده أحدث تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي عن ممارسة الأعمال 2018.
وأوضح التقرير الذي تم الكشف عن تفاصيله مساء الخميس، أن السعودية نفّذت 6 إجراءات إصلاحية، وهو العدد الأكبر من الإصلاحات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لهذا العام، وأبان أن تلك الإصلاحات شملت معظم المجالات التي يغطيها التقرير، وأدى ذلك إلى ارتفاع مركز المملكة في مؤشر المسافة إلى الحد الأعلى للأداء بـ2.93 نقطة، وهو معدل أعلى بكثير من معدل الزيادة المتوسط البالغ 0.38 في الدول مرتفعة الدخل، كما حققت المملكة ثاني أفضل تحسُّن في مؤشر المسافة إلى الحد الأعلى للأداء بين الدول مرتفعة الدخل.
وفي سنته الخامسة عشرة، يُشير تقرير ممارسة الأعمال إلى أن المملكة العربية السعودية نفذت 30 إصلاحًا منذ عام 2003، حيث ركزّت معظم تلك الإصلاحات على مجال بدء الأعمال التجارية (سبعة إصلاحات)، يليها التسجيل العقاري (بخمسة إصلاحات)، والحصول على الائتمان (أربعة إصلاحات)، ونتيجة لذلك فقد أصبح اليوم متوسط الفترة اللازمة لبدء العمل التجاري 18 يومًا في الرياض مقارنة بمعدل 81.5 يومًا، قبل خمسة عشر عامًا.
وفي لمحة عن الإصلاحات التي تم تنفيذها خلال العام الماضي، أفاد التقرير بأنه تم تبسيط إجراءات بدء الأعمال التجارية من خلال إدخال نظام إلكتروني يدمج بين حجز الاسم التجاري وتقديم النظام الأساسي في إجراء واحد، كما تم تحسين نظام الدفع الإلكتروني بحيث لم تعد هناك حاجة لسداد الرسوم شخصيًا.
وفيما يتعلق بتسجيل العقارات، تم تحسين مستوى الكفاءة في نظام إدارة الأراضي من خلال تنفيذ منصة إلكترونية للتحقق من الملكية ومن وجود أي عوائق على العقار، ومن خلال ترشيد إجراءات التسجيل العقاري، علاوة على ذلك، جعلت المملكة العربية السعودية مسألة تسجيل العقارات أسهل وأبسط من خلال تحسين آليات حل النزاعات في نظام إدارة الأراضي، ونتيجة لذلك أصبح نقل الملكية يستغرق 1.5 يومًا دون أي تكلفة، كما تم تعزيز الحماية للمستثمرين الأقلية من خلال زيادة حقوق المساهمين ودورهم في القرارات الكبرى، وإيضاح هياكل الملكية والسيطرة ووضع اشتراطات لزيادة الشفافية في الشركات وتنظيم مسألة الإفصاح عن التعاملات مع الأطراف ذات العلاقة، إضافة إلى ذلك تم تبسيط إجراءات دفع الضرائب من خلال تحسين المنصة الإلكترونية لتعبئة النماذج ودفع الضرائب وأدى ذلك إلى تخفيض عدد الساعات اللازمة لدفع الضرائب من 67 ساعة إلى 47 ساعة.
وبشأن التجارة عبر الحدود، تم تقصير الوقت اللازم لإتمام عملية التصدير والاستيراد من خلال تخفيض عدد المستندات المطلوبة للتخليص الجمركي، الأمر الذي أدى إلى خفض الفترة الزمنية اللازمة بمعدل تسعة أيام بالنسبة لكل من الصادرات من 90 ساعة إلى 81 ساعة، والواردات من 131 ساعة إلى 122 ساعة، كما تم تبسيط إجراءات إنفاذ العقود من خلال إدخال نظام إلكتروني لإدارة القضايا للقضاة والمحامين.
وقالت القائمة بأعمال مدير مجموعة المؤشرات العالمية للبنك الدولي ريتا رامالهو، وهي الجهة المصدرة للتقرير، إن الإصلاحات المنفّذَة خلال العام الماضي شاملة للغاية وتغطي 6 مجالات من بين 10 مجالات، مرتبطة بأداء الأعمال يتم الاعتماد عليها في ترتيب الدول، مشيرةً إلى أن ذلك الزخم القوي إذا ما استمر خلال الأعوام المقبلة، فسيؤدي إلى إحداث تحول كبير في مناخ الأعمال بالمملكة العربية السعودية.
ويُعد أداء المملكة العربية السعودية جيدًا في مجالات حماية المستثمرين الأقلية، حيث تحتل المرتبة العاشرة على مستوى العالم، وفي تسجيل الملكية المرتبة 24، وفي معالجة تراخيص البناء المرتبة 38، فعلى سبيل المثال، حصلت المملكة على درجة 7 من 10 درجات في مؤشر اللوائح المتعلقة بتعارض المصالح وهي درجة أعلى بكثير من المعدل المتوسط في المنطقة الذي يبلغ 4.9 نقاط، وأعلى كذلك من المتوسط السائد في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عالية الدخل الذي يبلغ 6.4 نقطة، بالإضافة إلى ذلك فإن تسجيل العقار في الرياض يستغرق 1.5 يوم فقط مقارنة بمتوسط فترة 22 يومًا في اقتصاديات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ذات الدخل المرتفع.
بدوره أفاد المدير الإقليمي للبنك الدولي في دول الخليج الدكتور نادر محمد، بأن التقدم القوي الذي حققته المملكة خلال سنة واحدة فقط دليل على التزام الحكومة نحو إصلاح مناخ الاستثمار في المملكة، مشيرًا إلى أن الجهود المتناغمة والمنسقة بشكل جيد بين مختلف الجهات الحكومية ترسل مؤشرًا قويًا للمستثمرين المهتمين بالاستثمار في المملكة، وأوضح أن مجموعة البنك الدولي سعداء بالأساس التي قامت عليه الإصلاحات في المملكة، مؤكدًا أن رؤية المملكة الطموحة تحتاج إلى تعاقب واستمرار الإصلاحات الاقتصادية.
ووصف محمد الإصلاحات القائمة التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على العوائد النفطية بالمهمة جدًا، وهو ما يتطلب تحويل 5 في المائة من شركة "أرامكو للأسواق العالمية"، ودعم صندوق الاستثمارات العامة ليكون أكبر صندوق سيادي في العالم، وقال: "هذا هو التحويل الأساسي في اقتصاد المملكة الذي سيؤهلها لتحقيق عائدات كبيرة من الاستثمار"، مشيدًا بالجهود التي تقوم بها وزارة التجارة والاستثمار، وصندوق الاستثمارات العامة في تحسين بيئة الاستثمار في المملكة وتطوير النظم والتشريعات ذات الصلة. ويؤكد هذا التقرير، أن السعودية حققت تقدمًا غير مسبوق في مؤشرات سهولة ممارسة أنشطة الأعمال الدولية لعام 2018، جاء ذلك إثر تطبيقها الكثير من الإصلاحات والإجراءات التي أسهمت في تحسين بيئة الأعمال التجارية والاستثمارية، وعززت من ثقة المستثمرين.
أرسل تعليقك