تواجه دول عديدة في العالم العربي صعوبة في توفير الخبز، نتيجة تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا، إذ تعتبر روسيا وأوكرانيا من أكبر موردي القمح لدول المنطقة.وتؤمن روسيا وأوكرانيا 29% من صادرات القمح العالمية. وأدت الاضطرابات في الإنتاج والصادرات إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية التي وصلت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، وفقاً لبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، الذي حذر، الجمعة، من "أزمة غذائية" تلوح في الأفق بالمناطق المتضررة من الغزو الروسي أوكرانيا، ومخاطر تفاقم المجاعة في جميع أنحاء العالم، بسبب توقف إنتاج وتصدير منتجات غذائية مثل الحبوب.
وارتفعت أسعار الخبز والدقيق (الطحين) في الدول العربية المعتمدة على القمح الروسي والأوكراني بمستويات قياسية في الأيام الأخيرة الماضية.
في مصر بلغ سعر طن القمح، الأربعاء، 8100 جنيه مصري (514.6 دولار) وفق أحد شركات المطاحن بالقطاع الخاص، ارتفاعاً من 7800 جنيه (495.54 دولار) الأحد، بينما كان السعر في الأول من فبراير لا يتخطى 5600 جنيه (355.7 دولار) للطن الواحد من القمح بحسب رئيس شركة مطاحن ومخابز شمال القاهرة أحمد العيسوي.
وتُعدُّ مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، إذ قامت بشراء نحو 12.9 مليون طن من الخارج في 2020 للحكومة والقطاع الخاص بقيمة 3.2 مليار دولار، وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ما يجعلها من أكبر المتضررين من الحرب الأوكرانية.
وفي مؤتمر صحافي، الأربعاء، قال رئيس الوزراء المصري مصطفي مدبولي إن مصر لديها رصيد كاف من القمح ولن تحتاج إلى السوق العالمية حتى نهاية العام 2022، داعياً المواطنين إلى عدم تخزين السلع، وشدد على ضرورة منع التلاعب بالأسعار.
وأوضح أن النسبة المزروعة من القمح في مصر وصلت إلى 3.6 مليون فدان مقارنة بـ 3.2 مليون فدان العام الماضي، ما يساهم في تأمين الاحتياجات من السلع الرئيسية، لافتاً إلى أنه سيتم صرف مستحقات المزارعين فور تسليمهم القمح المحلي للحكومة.
وتابع أن مصر لديها احتياطي من القمح يكفي لـ4 أشهر، وأنه " اعتباراً من منتصف أبريل سيبدأ موسم توريد القمح المحلي في مصر، ولن نلجأ إلى السوق العالمي حتى نهاية العام الحالي، كما شكلنا لجنة لمنع استغلال الظروف والمغالاة في الأسعار من قبل البعض".
"عدم الهلع"
أما في لبنان فقد سجل سعر طن القمح في مطلع فبراير 350 دولاراً، ووصل إلى ما يتراوح بين 530 و540 دولاراً، وفق أسعار الأربعاء، بحسب نقيب مستوردي القمح في لبنان أحمد حطيط.
كان وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام، قد قال في مقابلة لـ"الشرق"، في 28 فبراير إن "المخزون الحالي من القمح يكفي حوالى شهر أو شهرين"، موضحاً أنه يسعى لعقد اتفاقات استيراد من دول مختلفة وسط مخاوف من طول أمد الأزمة.
ودعا سلام المواطنين إلى عدم الهلع نتيجة ما يجري في أوكرانيا، خاصة أن لبنان يستورد أكثر من 50% من احتياجاته من القمح من كييف بإجمالي 600 ألف طن سنوياً.
وأعلن أن الوزارة اتخذت الإجراءات اللازمة وأجرت الاتصالات مع عدد من الدول لتأمين احتياجات لبنان، ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وكندا، والهند.
وارتفع سعر طن القمح في السودان بنسبة أكثر من 20%، إذ وصل السعر إلى 520 دولاراً، الأربعاء، في مقابل 400 دولار لطن القمح في الأول من فبراير، ما أدى إلى ارتفاع سعر الجوال إلى 12200 جنيه سوداني (273.24 دولار) بدلاً من 10 آلاف (22.4 دولار) مطلع فبراير، وذلك بحسب مدير شركة كبُرى تعمل في استيراد القمح للسوق السوداني فضل عدم ذكر اسمه.
"مخزون آمن"
وفي الأردن، كان سعر طن القمح في الأول من فبراير 351 ديناراً أردنياً (495 دولار)، وارتفع إلى 470 ديناراً (662 دولاراً) الثلاثاء، بحسب رئيس غرفة تجارة عمان خليل الحاج توفيق.
وأكد ملك الأردن عبد الله الثاني، الأربعاء، أن مستويات مخزون القمح في الأردن آمنة والعمل جارٍ على تعزيزها وزيادتها.
وشدد في تصريحات خلال لقائه رئيس مجلس النواب ورؤساء الكتل النيابية، على أهمية بذل الجهود للخروج بأقل الخسائر من تبعات الأحداث بأوكرانيا على الاقتصاد الأردني.
ويواصل سعر القمح الزيادة في ليبيا، بحسب نقيب المخابز في بنغازي محمود العريبي، الذي قال إن سعر طن القمح ارتفع من 2250 دينار (482 دولار)في الأول من فبراير إلى 3400 دينار، الأربعاء، مشيراً إلى أن السعر في زيادة مستمرة بالنسبة للكميات الموجودة في المخازن، بسبب توقف توريد القمح عن طريق أوكرانيا.
"السعر ثابت"
ووفق مسؤول جزائري، فإن أسعار القمح في الأسواق بقيت ثابتة على اعتبار أنها ثابتة ومدعمة، وأي زيادة في الأسعار تتكبدها الدولة.
وأكد المسؤول لـ"الشرق" أن المخزون الاستراتيجي في الجزائر من القمح كاف لتغطية احتياجات السوق الوطنية الجزائرية. وأشار إلى أن سعر طن "القمح اللين" بلغ 12850 دينار جزائري (90 دولار)، بينما يصل سعر طن "القمح الصلب" إلى 22800 دينار جزائري (160 دولار)
ويكفي المخزون من القمح 6 أشهر على الأقل، وتعتبر الجزائر ثاني مستهلك للقمح في إفريقيا وخامس مستورد للحبوب في العالم.
كما ارتفعت أسعار القمح في العراق لتصل إلى 750 ألف دينار عراقي (500 دولار)، الأربعاء، ارتفاعاً من 560 ألف دينار عراقي (375 دولار)، في الأول من فبراير، وهو سعر شراء وزارة التجارة العراقية القمح من الفلاح، وفق مصدر في شركة الحبوب في الوزارة.
كان متحدث باسم وزارة التجارة العراقية، قد قال عقب اندلاع الحرب في أوكرانيا إن بغداد تملك مخزوناً استراتيجيا كافياً من القمح المحلي الذي اشتراه من المزارعين، الموسم الماضي، وبالتالي فإنه غير قلق بشأن المخزونات، لكنه أضاف أن العراق قد يطرق السوق لشراء قمح إذا طال أمد الأزمة.
وفي المغرب، يبلغ سعر طن القمح 260.9 دولار، وهو سعر مرجعي ثابت ومدعم من جانب الدولة، إذ تتحمل الحكومة حالياً 80.28 دولار عن كل طن للحفاظ على هذا السعر، وفق تصريحات للوزير المنتدب لدى وزارة المالية المكلف بالميزانية فوزي لقجع.
"سلة خبز العالم"
وبحسب تقرير لوكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، الاثنين، فإن الغزو الروسي لأوكرانيا يهدد الإمدادات الغذائية القادمة من الأراضي الزراعية الخصبة في منطقة البحر الأسود، المعروفة باسم "سلة خبز العالم"، في غذائهم، إذ تملك روسيا وأوكرانيا نحو ثلث صادرات القمح والشعير في العالم، و80% من صادرات زيت دوار الشمس.
وذكرت الوكالة أن المزارعين الأوكرانيين أُجبروا على إهمال حقولهم في الوقت الذي يفر فيه الملايين منهم أو يقاتلون أو يحاولون البقاء على قيد الحياة، كما يتم إغلاق الموانئ التي ترسل القمح وغيره من المواد الغذائية الأساسية، التي يتم تحويلها إلى خبز ومعكرونة وعلف للحيوانات في جميع أنحاء العالم.
وتتزايد المخاوف من تراجع صادرات روسيا من الحبوب أيضاً بسبب العقوبات الغربية التي تم فرضها عليها.
ووفقاً لما قاله مدير مجلس الحبوب العالمي أرنو بيتي لـ"أسوشيتد برس" فإنه "على الرغم من عدم حدوث اضطرابات عالمية في إمدادات القمح حتى الآن، فإن الأسعار ارتفعت بنسبة 55% منذ الأسبوع السابق للغزو بسبب المخاوف بشأن ما يمكن أن يحدث، وفي حال طال أمد الحرب، فقد تواجه البلدان التي تعتمد على صادرات القمح ذات الأسعار المعقولة من أوكرانيا نقصاً بدءاً من شهر يوليو المقبل".
وتملك روسيا وأوكرانيا نحو ثلث صادرات القمح والشعير في العالم، كما تعتبر كييف أيضاً مورداً رئيسياً للذرة، ودولة رائدة عالمياً في تصنيع زيت عباد الشمس الذي يستخدم في تصنيع الأغذية، ويمكن أن تقلل الحرب من الإمدادات الغذائية في وقت ارتفعت فيه الأسعار ووصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2011.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
العراق يخطط لمخزون استراتيجي من القمح تجنباً لأزمة غذائية
وزير الزراعة الفرنسي يحذر من خطر أزمة الغذاء بسبب أوكرانيا
أرسل تعليقك