استمرت موجة الغضب الشعبي لليوم الثاني، في عدد من المناطق اليمنية احتجاجًا على تهاوي سعر العملة المحلية (الريال) وارتفاع أسعار السلع الغذائية، وذلك غداة اجتماع طارئ عقده الرئيس عبد ربه منصور هادي في الرياض قبيل مغادرته إلى الولايات المتحدة لإجراء فحوص طبية وحضور الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة.
وضم الاجتماع الطارئ، نائب الرئيس الفريق علي محسن الأحمر ورئيس الحكومة أحمد بن دغر ورئيس اللجنة الاقتصادية حافظ معياد، وأعضاء اللجنة المشكلة حديثًا من قبل الرئيس هادي في سياق سعيه لإجراء معالجات شاملة للاقتصاد المتهاوي في بلاده.
موجة الغضب الشعبي
واتسعت موجة الغضب الشعبي، الاثنين، وفقًا لما ذكرته صحيفة "الشرق الأوسط"، لتشمل مناطق جديدة في جنوب البلاد، حيث شهدت مدينة سيئون في حضرموت احتجاجات غاضبة، وقطع المئات من المحتجين الشوارع في عدد من مدن محافظة أبين، في الوقت الذي تواصلت موجة الغضب في مدن عدن والضالع ولحج وتعز.
الاحتجاجات أدت إلى إغلاق الشوارع بالإطارات المشتعلة والحجارة
وأدت الاحتجاجات في عدن، الاثنين، إلى إغلاق الشوارع بالإطارات المشتعلة والحجارة، وسط إغلاق للمحلات التجارية وشل للحركة في أرجاء المدينة، مع ترديد المحتجين شعارات تندد بتهاوي سعر الريال اليمني وارتفاع أسعار السلع ومطالبات للحكومة الشرعية بالتدخل العاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وحاول المحتجون في سيئون اقتحام البوابة الرئيسية للمجمع الحكومي، وقطعوا الطرقات في المدينة في سياق ردود الفعل الشعبية الغاضبة بسبب انهيار الريال اليمني وتجاوزه حاجز الـ600 ريال أمام الدولار الواحد، وما نجم عن ذلك من ارتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية.
الاجتماع الرئاسي مع اللجنة الاقتصادية أقر اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة
وأفادت مصادر حكومية لـ"الشرق الأوسط"، بأن الاجتماع الرئاسي مع اللجنة الاقتصادية أقر اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة، ضمنها محاولة امتصاص غضب الموظفين الحكوميين بإعلان زيادة الرواتب 30 في المائة إلى جانب إقرار وقف استيراد السلع الكمالية سعيا لعدم استنزاف العملة الصعبة.
وذكرت المصادر أن الرئيس هادي وجه الحكومة واللجنة الاقتصادية بوضع الحلول اللازمة من أجل تدارك الموقف الاقتصادي الصعب في البلاد، والعمل على تهيئة الظروف لاستئناف تصدير النفط والغاز بالطاقة القصوى من حقول الإنتاج في حضرموت ومأرب وشبوة، إلى جانب تفعيل الإيرادات الضريبية والجمركية وتقليص الإنفاق الحكومي غير الملح.
الرئيس هادي أمر بوضع مجموعة من الإجراءات والعمل على تنفيذها في أسرع وقت
وقالت المصادر إن الرئيس هادي كلف رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر واللجنة الاقتصادية بوضع مجموعة من الإجراءات والعمل على تنفيذها في أسرع وقت لوقف الانهيار المستمر في سعر العملة بسبب أوضاع الحرب وسلوك الميليشيات الحوثية المستمرة في المضاربة بالعملة الصعبة واكتنازها للأغراض غير المشروعة.
وبحسب مصادر حكومية، استدعى بن دغر أعضاء حكومته إلى الرياض لعقد اجتماع طارئ من أجل وضع الحلول المناسبة لإنقاذ الريال الذي خسر خلال ثلاث سنوات من الانقلاب الحوثي نحو ضعفي قيمته، حيث كان الدولار الواحد يساوي 215 ريالا، مقابل 620 ريالا سجلها سعر الصرف أمس في غالبية المدن اليمنية.
الرئيس هادي شدّد على الحكومة واللجنة الاقتصادية لتكون في حالة انعقاد دائم
وأكدت المصادر أن الرئيس هادي شدّد على الحكومة واللجنة الاقتصادية لتكون في حالة انعقاد دائم من أجل تهدئة الغليان الشعبي واتخاذ الإجراءات المناسبة لإعادة الأوضاع الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل التهاوي السريع في سعر العملة خلال الأشهر الأخيرة.
الرئيس هادي غادر إلى أميركا لإجراء الفحوص الطبية الروتينية السنوية
وذكرت المصادر الرسمية أن الرئيس هادي غادر إلى الولايات المتحدة الأميركية عقب الاجتماع لإجراء الفحوص الطبية الروتينية السنوية وللمشاركة في اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. وأفادت وكالة "سبأ" بأن رئيس الجمهورية وجه خلال الاجتماع "الجميع بالعمل بصورة فاعلة وعاجلة وسريعة من خلال دراسة الحالة الاقتصادية ووضع التدابير الكفيلة بعودة الاستقرار التمويني والغذائي والخدماتي إلى وضعها الطبيعي والوقوف بحزم أمام مختلف الاختلالات والظواهر التي أسهمت وشجعت على التلاعب بمعيشة المواطن واستقرار المجتمع والوطن". وأشار الرئيس هادي إلى حجم التحديات والمخاطر التي تواجه بلاده في ظل الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية الانقلابية وما ترتب عليها "من أضرار بالاقتصاد الوطني وإيرادات الدولة واحتياطات البنك المركزي الذي صادرته تلك الميليشيات لمصلحة مجهودها الحربي".
الرئيس اليمني يشدد على ضرورة التركيز على محورين مهمين
وشدد الرئيس اليمني على ضرورة التركيز على محورين مهمين يتمثل الأول في تنمية الإيرادات، وذلك من خلال اتخاذ كافة الإجراءات في مختلف المجالات بما يؤدي لتوريد كافة إيرادات الدولة إلى البنك المركزي مثل الضرائب والجمارك وغيرها من الإيرادات، إلى جانب العمل على تصدير النفط من كل الحقول في مأرب وشبوة وحضرموت عبر ميناء النشيمة وميناء الضبة، والبدء بتصدير الغاز عبر بلحاف. وأضاف الرئيس هادي أن المحور الثاني يتمثل في المصروفات والعمل على وضع تصور لإجراءات تحد من المصروفات وتحديد الأولويات وإيقاف أي نفقات ثانوية وتفعيل أجهزة الرقابة على المال العام.
وأقر الاجتماع، زيادة في مرتبات القطاع المدني بما في ذلك المتقاعدين والمتعاقدين في حين كلف هادي رئيس الوزراء بن دغر بمتابعة هذا الملف مع الفريق الاقتصادي واللجنة الاقتصادية لإيجاد الحلول العاجلة.
وكانت أسعار السلع الغذائية بلغت في اليومين الأخيرين مستويات غير مسبوقة لاسيما المواد الأساسية، بسبب انخفاض سعر العملة المحلية أمام العملات الصعبة وإحجام تجار الجملة عن البيع لجهة مخاوفهم من عدم استقرار سعر الريال واستمراره في التهاوي.
لجأ البنك المركزي في عدن إلى اتخاذ عدد من الإجراءات
وسبق أن لجأ البنك المركزي اليمني في عدن إلى اتخاذ عدد من الإجراءات، لتثبيت سعر الريال، بما في ذلك إعلانه عن التدخل المباشر في السوق المصرفية واعتماده على الحل الأمني لملاحقة وإغلاق محلات الصرافة غير المرخصة، وكذا إعلانه العودة إلى دعم السلع الأساسية المستوردة، غير إن كل تلك الإجراءات لم تفلح في كبح جماح التهاوي السريع في قيمة العملة المحلية.
ويرجح مراقبون أن انخفاض سعر الريال اليمني سيستمر ما لم تبادر الحكومة إلى ضبط عملية الطلب على العملة الصعبة، وتنمية الموارد المحلية والعودة إلى تصدير النفط والغاز من كافة الحقول الإنتاجية، واتخاذ إجراءات تكفل عدم استمرار المضاربة في العملة.
أرسل تعليقك