رعى رئيس الوزراء الأردني الدكتور هاني الملقي إطلاق البنك المركزي الأردني مجموعة من المبادرات الاقتصادية، تتمثل في إنشاء شركات استثمارية للبنوك برأسمال 125 مليون دينار، للاستثمار في الشركات متوسطة الحجم، إلى جانب إطلاق برنامج دعم ائتمان الصادرات الوطنية وتخصيص 100 مليون دينار لهذا البرنامج.
وقال محافظ البنك المركزي الدكتور زياد فريز، إن هذه المبادرات تأتي استجابة من الجهاز المصرفي لتوصيات مجلس السياسات الاقتصادية الذي أطلقه العاهل الأردني، وأقرها وتبناها مجلس الوزراء.
وبين أن أولى هذه المبادرات التي تهدف إلى دعم الصادرات، تضمنت إقراض البنك المركزي للشركة الأردنية لضمان القروض مبلغ 100 مليون دينار لتأسيس صندوق تمكن عائداته الشركة من ضمان ائتمان الصادرات الأردنية وتعزيز هذه الصادرات في مختلف الأسواق، خصوصا في الأسواق الجديدة.
وأضاف أن البنك المركزي عمل مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي لإنشاء الصندوق الأردني للريادة بمبلغ 100 مليون دولار سيتم إطلاقه في النصف الأول من العام الحالي، بهدف الاستثمار برأسمال المشروعات الناشئة، يسهم فيه مناصفة البنك المركزي والبنك الدولي.
وأكد المحافظ أنه وبهدف تعزيز التمويل للشركات الناشئة الصغيرة ومتوسطة الحجم، سيعمل البنك المركزي على زيادة مخصصات برنامج ضمان القروض للشركات الناشئة إلى 100 مليون دينار من أصل 50 مليونا، وذلك عند استكمال استنفاد المخصص الحالي.
وقال المحافظ إن المبادرات التي نطلقها اليوم تشمل أيضا إنشاء شركتين للاستثمار البنكي في المملكة، الأولى شركة البنوك التجارية للاستثمار برأس مال 100 مليون دينار، والثانية الشركة الاسلامية للاستثمار برأس مال 25 مليون دينار.
وبين أن الشركتين تهدفان إلى الاستثمار في الشركات متوسطة الحجم والتي من شأنها زيادة النشاط وتوسع تلك الشركات ما ينعكس إيجابا على النمو والتشغيل، وبالتالي انعكاساته الإيجابية على الأنشطة الاقتصادية كافة، في ما سينجم عن هذه الشركات الاستثمارية مبادرات وصناديق استثمارية أخرى.
وأكد الدكتور فريز بحضور رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب، النائب أحمد الصفدي، وعدد من الوزراء ورؤساء مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين للبنوك، أن هذه المبادرات تأتي لمواجهة التحديات وتحقيق معدلات نمو مقبولة تمكننا من إيجاد فرص عمل لمواجهة تحدي البطالة، الذي يعد أحد أهم أهداف التنمية الشاملة والمستدامة، الأمر الذي يتطلب مزيدا من الجهود والسياسات والمبادرات الخلاقة لتحفيز الاقتصاد، خصوصا إنشاء المشروعات الصغيرة والمتوسطة المشغلة للأيدي العاملة.
وقال "من هنا جاءت مبادرات مختلفة من الحكومة فالجهود متواصلة لإيجاد أسواق جديدة للصادرات سواء أكان ذلك من السلع أو الخدمات، وإصلاح صناديق التنمية وتفعيلها، ومعالجة مشكلات الشركات المتعثرة، علاوة على تفعيل دور القطاع الخاص في مشروعات البنية الأساسية".
وأكد أن مبادرات البنوك تأتي من قناعتها النابعة من تقييم إيجابي لمستقبل الاقتصاد الوطني خلال المرحلة المقبلة، "ولعل قيام عدد كبير من المستثمرين الأردنيين وغير الأردنيين في الاستثمار بصفقة البنك العربي، والتي تجاوزت قيمتها مليار دولار خير دليل على النظرة الإيجابية لمستقبل الاقتصاد الأردني".
وقال المحافظ إن الأردن أثبت قدرته على التعامل مع التحديات "بكفاءة واقتدار وبعزيمة لا تلين، وتم تجاوزها بقيادة جلالة الملك الحكيمة والإصلاحات الواسعة التي نفذتها الحكومة ومختلف مؤسساتها"، مضيفا أن هذه الجهود ما كان لها لتنجح لولا التناغم والتكامل في الأدوار والسياسات بين مختلف قطاعات الدولة.
وأكد أن القطاع الخاص لعب في هذه الأدوار دورا محوريا فيها للوصول إلى الأهداف المرجوة، وذلك فضلا عن تناغم السياسات الاستثمارية والمالية والنقدية والتي صبت جميعها في تحقيق هدف الإصلاح والنمو.
وأشار إلى أن الحكومة نجحت في تخفيض عجز الموازنة إلى ما نسبته 3 في المئة لعام 2016 مع توقعات أن ينخفض إلى 2.4 في المئة العام الحالي، الأمر الذي أسهم في خفض المديونية كنسبة من الناتج ويصب في صميم الأهداف التنموية.
وبين أن قطاع الطاقة في المملكة شهد إنجازات مهمة وملموسة إذ تمكنت الحكومة من وقف خسائر شركة الكهرباء الوطنية والوصول بها إلى نقطة التعادل وبالتالي الحد من تزايد مديونيتها.
واستمرارا في عملية الإصلاح الاقتصادي، قال الدكتور فريز إن الأردن يبنى برنامجا إصلاحيا اقتصاديا وطنيا جديدا بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج التسهيل الممتد، والذي تضمن حزمة جديدة من الإجراءات والإصلاحات المالية وإصلاحات هيكلية تعزز البيئة الاستثمارية وبيئة الأعمال وبالتالي تعزيز النمو وخلق فرص العمل.
وأضاف أن تحقيق الاستقرار النقدي يعد محورا أساسيا للإصلاح الاقتصاد الكلي وتحفيز الاستثمار ودفع عملية التنمية، مؤكدا التزام البنك المركزي الثابت بالمحافظة على أسس الاستقرار النقدي والمالي وايجاد هيكل ملائم لأسعار الفائدة الدائنة والمدينة في السوق المصرفية، وتهيئة كل السبل والشروط الكفيلة بزيادة فعالية هذه السياسة وتحسين كفاءتها ومواصلة تطوير أدواتها.
وقال إنه في هذا السياق، جاء قرار البنك المركزي أخيرا بخصوص رفع أسعار الفائدة على أدوات السياسة النقدية بهدف تعزيز تنافسية وجاذبية الدينار الأردني كوعاء للمدخرات المحلية، إلا أن البنك المركزي لم يغفل البعد التنموي، إذ أبقى على أسعار الفائدة على برامج إعادة التمويل لديه دون تغيير والتي تشمل قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والطاقة المتجددة وتكنولوجيا المعلومات، والتي تجاوز المبالغ الممنوحة في هذا البرنامج 300 مليون دينار، بما فيها المشاريع الصغيرة ومتوسطة الحجم في هذه القطاعات.
كما وفر البنك المركزي مبلغ 440 مليون دولار من المؤسسات الدولية والإقليمية للبنوك المحلية لإعادة إقراضها إلى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بهدف الحد من ارتفاع كلفة الائتمان على هذه القطاعات، وذلك نظرا لأهمية مساهمتها في التشغيل والنمو الاقتصادي.
وأكد المحافظ استمرار زخم النمو في الائتمان الممنوح للقطاع الخاص ليسجل في عام 2016 نموا بنسبة 10 في المئة مقابل نمو 4.6 في المئة في 2015، مع تحسن أداء قطاع السياحة منذ بداية الربع الأخير من العام الماضي واستمراره في تحقيق معدلات نمو إيجابية ومرتفعة، إذ نما الدخل السياحي بنسبة 12.2 في المئة في كانون الثاني من العام الحالي وبدء تعافي مقبوضات حوالات العاملين منذ بداية الربع الأخير من عام 2016، واستمرار نموها بنسبة 4.2 في المئة في شهر كانون الثاني الماضي.
من جانبه، أكد رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، موسى شحادة، أهمية المبادرات التي تأتي تنفيذا لبعض بنود الحزمة الأولى من توصيات مجلس السياسات الاقتصادية لتحفيز الاقتصاد الوطني.
وقال إن هذه المبادرات تصب في خدمة الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو الاقتصادي المستهدف وتخفيف مشكلة البطالة وتعزيز الصادرات الوطنية إلى الاسوق التصديرية الجديدة إلى جانب الأسواق التقليدية.
وبين أن القطاع المصرفي الأردني استطاع أن يحقق نموا مطردا وملحوظا خلال العقود القليلة الماضية، وتمكن من أن يحتل مكانة متميزة بدعم ورعاية من البنك المركزي الأردني، والذي استطاع تبني سياسات نقدية حكيمة وحصيفة أشادت بها جميع المؤسسات الدولية وكانت محط إعجاب المحافل النقدية والمالية العربية والإقليمية والعالمية.
وأضاف أن أداء القطاع المصرفي الأردني كان مميزا في السنوات العشر الأخيرة بكل المعايير، حيث تضاعف إجمالي موجودات البنوك العاملة في الأردن ليصل إلى 48.4 مليارات دينار في نهاية عام 2016، وتضاعفت التسهيلات الائتمانية بأكثر من مرتين ونصف لتبلغ 22.9 مليارات دينار، وارتفعت الودائع ضعفين وربع إلى 32.9 مليارات دينار في نهاية عام 2016.
وأكد شحادة أنه على الرغم من الظروف الصعبة التي مر بها اقتصادينا الوطني في السنوات الماضية، فقد أظهرت مؤشرات المتانة المالية للبنوك قوة جهازنا المصرفي ومتانته وقدرته على التعامل مع الظروف والمستجدات بحكمة مسؤولة وواعية تتفق مع المعايير الدولية السليمة التي ينتهجها وفقا للضوابط والأحكام المصرفية المعمول بها، وتعليمات البنك المركزي المستندة إلى هذه الأحكام والمعايير.
وقال إن نسبة الديون غير العاملة بقيت منخفضة بنسبة أقل من 5 في المئة من إجمالي الديون، مع وجود مخصصات كبيرة لدى البنوك تغطي ثلاثة أرباع الديون غير العاملة، مثلما تعد نسبة كفاية رأس المال لدى البنوك مرتفعة وتفوق بهامش كبير الحدود الدنيا المطلوبة من البنك المركزي الأردني ومن لجنة بازل.
بدوره أكد مدير عام البنك العربي نعمة صباغ أن مبادرة البنوك للاستثمار في الشركات الأردنية متوسطة الحجم "انبثقت من إيماننا العميق بالدور الحيوي الذي يلعبه قطاع الشركات المتوسطة في خلق فرص العمل والتشغيل، علاوة على مساهمته في نمو وازدهار الاقتصاد الوطني".
وقال صباغ متحدثا باسم البنوك العاملة في الأردن، حيث ترأس البنك العربي اللجنة المنبثقة عن البنوك للإعداد لمبادرة الاستثمار في الشركات الأردنية متوسطة الحجم، إنه ضمن هذه المبادرة، تم تخصيص البنوك لمبلغ 125 مليون دينار من أموالها ليجسد مسؤوليتها الجماعية تجاه الاقتصاد الوطني، وليؤكد قناعتها الراسخة بوجود الكثير من الفرص الاستثمارية المجدية، والتي نتطلع إلى أن تترجمها الشركات المتوسطة بمساعدة المبادرة إلى زيادة في النمو والتوظيف والربحية.
وأضاف أنه وبدعم وتوجيه من البنك المركزي، قامت لجنة فنية متخصصة منبثقة عن القطاع المصرفي مؤلفة من البنك العربي، وبنك الإسكان، والبنك الإسلامي الأردني، والبنك الأردني الكويتي، وبنك الاستثمار العربي الأردني، للعمل على ترجمة هذه المبادرة على أرض الواقع من خلال تطوير هيكلية تنظيمية وقانونية للاستثمار في الشركات الأردنية متوسطة الحجم.
وبين أن المبادرة حظيت بتجاوب لافت من معظم مؤسسات القطاع المصرفي، حيث شارك فيها 18 بنكا، منها 15 بنكا تجاريا و3 بنوك إسلامية.
وأشار إلى أن المبادرة تقوم على تأسيس شركتين استثماريتين الأولى شركة البنوك التجارية للاستثمار برأس مال مصرح به 100 مليون دينار، وهي مملوكة بالكامل من قبل البنوك التجارية المشاركة، والشركة الثانية شركة البنوك الإسلامية للاستثمار برأس مال مصرح به يبلغ 25 مليون دينار، مملوكة بالكامل من قبل البنوك الإسلامية الأردنية.
وأوضح صباغ أنه ستتم إدارة الاستثمار من قبل شركة ثالثة ذات خبرة سيتم تعيينها لهذه الغاية، وتعمل حسب سياسة استثمارية تُوضع من قبل الشركتين الأساسيتين.
وقال إن المبادرة ستسهم في تحقيق فرص النمو والتوسع وتعظيم الدعم التنظيمي والإداري للشركات متوسطة الحجم ذات الإدارات النوعية والميزات التنافسية حيث ستستثمر بشكل مباشر في ملكية هذه الشركات على أسس تجارية، ما يدعم قواعد رؤوس أموالها.
وأكد صباغ أن النمو المتوقع للشركات متوسطة الحجم سيزيد من طلبها على الخدمات المصرفية المختلفة، وسيُتاح لهذه الشركات استدراج العروض من أي بنك ضمن أو خارج هذه المبادرة من أجل الحصول على أفضل الخدمات والأسعار وبطريقة تنافسية.
وأوضح مدير عام الشركة الأردنية لضمان القروض الدكتور محمد الجعفري أن إطلاق برنامج ضمان ائتمان الصادرات بتمويل 100 مليون دينار من البنك المركزي سيمكن الشركة من توسيع نطاق تغطيتها التأمينية للصادرات الوطنية، في ظل تنامي الحاجة لهذه التغطية مع عزوف معيدي التأمين العالميين والإقليميين عن توفير التغطية بالمستوى المطلوب للمصدريين الأردنيين.
وقال إن هذا البرنامج سيتيح المجال أمام الشركة لتقديم تغطية تأمينية أوسع للأسواق التقليدية ودخول أسواق إضافية غير مغطاة من شركات التأمين وإعادة التأمين العالمية، في ظل التطورات السياسية والأمنية غير المواتية في المنطقة.
وأضاف أن البرنامج سيمكن الشركة من تأمين التغطية اللازمة للمقاولات الإنشائية والصادرات الخدمية والفنية والاستشارية، إلى جانب تقديم الضمان للصادرات التي تمتد آجال تسويتها لمدد أطول مما هو معمول به حاليا لزيادة تنافسية الصادرات الوطنية وتعزيز فرصها.
وأكد الدكتور الجعفري أن البرنامج سيعمل على اساس مستدام حيث ستقوم الشركة باستثمار حصيلة قرض البنك المركزي في السندات الحكومية، ويؤسس صافي العوائد المتحققة على المبلغ مخصصا لتغطية مخاطر ضمان عمليات التصدير سواء المغطاة بالكامل من قبل الشركة أو من خلال ترتيبات إعادة التأمين التي تعتمدها الشركة مع شركائها الخارجيين وفق الإجراء الأنسب لتغطية الاحتياجات التأمينية للمصدرين الأردنيين.
وأكد الدكتور الجعفري أن الشركة الأردنية لضمان القروض تتطلع إلى القيام بدورها الوطني في ضمان التمويل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وضمان ائتمان الصادرات لأهميتهما البالغة في حفز النمو وتوفير فرص العمل في ظل تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، بحيث تقدم خدماتها وفق أفضل المعايير وأكفأ السبل.
من جانبه، قال مدير عام جمعية البنوك في الأردن، الدكتور عدلي قندح، إن القطاع المصرفي الأردني كان على الدوام شريك حقيقي وفعال للقطاع العام في كل ما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وهو الأمر الذي انبثق عنه مجموعة كبيرة من المبادرات المشتركة، ومنها إطلاق شركة البنوك التجارية للاستثمار، وشركة البنوك الإسلامية للاستثمار.
وأكد في عرضه أمام رئيس الوزراء أهمية دور البنك المركزي الأردني في إدارة السياسة النقدية والحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي بما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، مشددا على أن تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتحقيق الأهداف الوطنية في التعامل مع مختلف القضايا الاقتصادية، لا يمكن أن يتم من دون بناء شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص، ليكون القطاع الخاص هو المحرك الرئيس للنشاطات الاقتصادية.
وبين الدكتور قندح أن جمعية البنوك تعمل بالتنسيق مع أعضائها البنوك العاملة في المملكة، ومن خلال التعاون والتنسيق مع البنك المركزي الأردني والهيئات والجهات الرسمية والعامة، على خدمة اقتصادنا الوطني وقطاعاتنا الاقتصادية المختلفة وذلك في كل الوسائل والأدوات المتاحة.
أرسل تعليقك